بقلم: الدكتورة سميرة بيطام* وصلنا في الجزء الأول من المقال إلى تساؤل عن كيفية الاستدلال على نوع السلاح من خلال الأثر و هل يتشابه السلاح الكاتم للصوت عن السلاح العادل الذي يستعمل فيه الرصاصات العادية ؟. سنجيب على هذه التساؤلات بتفصيل محتوى الرصاصات التي تتركها الطلقات من السلاح الناري و هي في حقيقتها بحسب الخبير القانوني والمحامى بالنقض سعيد فضل يجب التأكد من أن كافة الآثار المادية المعروفة لدى الخبراء يجب توقع وجودها كالآثار البيولوجية من عرق ودم وشعر ولعاب وإفرازات الجسم المختلفة والآثار الكيميائية وأثار الأقدام وأثار البصمات وإلى غير ذلك من الآثار. ولكن ما نود الوقوف عنده هي الآثار الناتجة عن عملية إطلاق النار تحديداً وتشمل سلاح الجريمة و يجب الأخذ بعين الاعتبار ما يلي : أ- 1-أن يهتم بهذا الدليل المادي الأساسي. 2- أن يتخذ كافة الإجراءات الضرورية الأساسية المطلوبة عند احتواء أى أثر مادي. 3- أن يحدد على وجه الدقة مكان العثور على السلاح وبعده أو قربه من الجثة. 4- أن يضع في اعتباره حالات كثيراً ما تحدث وهى وضع السلاح في يد القتيل بعد قتله للإيهام بأنه قد قتل نفسه . 5- على الخبير أن يتعامل مع هذا السلاح بحذر شديد ويفضل نقله في وعاء كرتوني و عادة بلاستيكي كما هو للمختبر الجنائي ليتم فحصه حسب الأصول الفنية بحثاً عن بصمات يحملها السلاح أو الطلقات الحية المخزنة داخله دون أن يؤثر ذلك على مخلفات الإطلاق الأخرى مثل أملاح البارود و خلافها . و نتيجة لعملية احتراق أملاح البارود في داخل الطلقة فإن الغازات الناتجة عن عملية الاحتراق تدفع المقذوف الناري إلى الأمام عبر سبطانة السلاح حتى يصل إلى فوهة السلاح وعندها تكون عملية الاحتراق قد اكتملت وتولد عنها أكبر كمية من الغاز فيخرج المقذوف الناري بأقصى سرعة محدثاً أثاره فعند اصطدامه بجسم صلب قد يتهشم ويغير مساره وعند اتجاهه للأعلى فانه يبقى صاعداً حتى يفقد كامل طاقته في أعلى نقطة يصل إليها ويبدأ رحلة العودة إلى أسفل فيما يعرف بالمقذوف الناري في نهاية مشواره . أما في الحالة التي يكون مطلق النار مصوباً على هدفه فان آثار الإصابة تعتمد على طبيعة ومادة الهدف فإذا كان جسم إنسان أو حيوان فإنه يدخل الجسم محدثاً فتحة دخول وهنا قد يستقر داخل الجسم وقد يخترق الجسم ويخرج منه حسب قوة ومكان الإصابة ومسافة الإطلاق ونوع السلاح المستعمل ونوع الذخيرة. وعلى ضابط مسرح الجريمة أن يتوقع مكان وجود رؤوس الطلقات في مسرح الجريمة ففي الأماكن المغلقة في حالة عدم وجود فتحة خروج في النوافذ والأبواب فإن على ضابط مسرح الجريمة أن يبحث عن المقذوفات النارية المطلقة والتي قد تكون مستقرة في أجساد الضحايا وقد تكون مستقرة في الأثاث وأرضية الغرف والساحات الداخلية حسب مسارها وفيما يتعلق بحبيبات الرش فإنها تنتشر بعد خروجها من فوهة السلاح بشكل مخروطى وتتباعد كلما زادت المسافة. هنا يمكن الانتباه إلى شيء مهم و هو تباعد حبيبات الرش بتباعد المسافة يمكن أن يساعدنا على معرفة المسافة بين المجرم و الضحية و هو ما يدفعنا إلى استنتاج آخر و هو معرفة الحالة النفسية للمجرم و فيما إذا كانت الجريمة المرتبكة بدافع انتقامي أم لا لأن قرب المسافة يدل على الإرادة في إتمام الجريمة الكاملة بتحقيق فعل القتل و لذلك يحرص الجاني أن يكون قريبا من ضحيته حتى يضمن وصول الرصاص إلى جسد الضحية أما تحديد سبب الوفاة وفيما إذا كانت ناتجة عن الإصابة بالمقذوف الناري أم لا هو من واجب الطبيب الشرعي أما خبير الأسلحة فهو يلعب دوراً بارزاً في تحديد علامات القرب على الملابس ونقاط الاصطدام والاحتراق في الأواني والزجاج وغيرها بعد أو قبل الإصابة وتفيد علامات قرب إطلاق النار في مكان الإصابة في تحديد فتحة الدخول وفتحة الخروج في حال وجودها (أنظر علوم مسرح الجريمة.. تفاصيل قانونية حول أثار الأسلحة النارية على موقع صحيفة اليوم السابع على غوغل) و هذا السرد يخص السلاح المستعمل فيه الرصاص أو خراطيش البارود واعتبار الخرطوشة الفارغة و حبيبات الرش و ما يهمنا هو الأثر الذي يتركه السلاح الكاتم للصوت و هل باختياره صامتا غير ناطق في طلقاته هو نفس الشيء في تركه للأثر بخراطيشه ؟. فكاتم الصوت النموذجي هو أسطوانة معدنية (عادة من الفولاذ المقاوم للصدأ أو التيتانيوم ) تحتوي على حواجز صوتية داخلية مع تجويف مجوف للسماح للقذيفة (الرصاصة ) بالخروج بشكل طبيعي. أثناء إطلاق النار تطير الرصاصة عبر التجويف مع القليل من العوائق ولكن يتم الاحتفاظ بمعظم مقذوفات الغاز المتوسعة خلفها من خلال مسار هروب أطول ومعقد تم إنشاؤه بواسطة الحواجز مما يطيل من وقت الإطلاق يؤدي هذا إلى إبطاء الغاز وتبديد طاقته الحركية إلى مساحة سطح أكبر مما يقلل من شدة الانفجار وبالتالي خفض جهارة الصوت . إذن إبطاء الغاز هو الذي يحدث عملية الكتم للصوت و بالتالي هي عملية تحدث داخل السلاح ما يعني أن انشطار حبيبات الرش تبقى معلومة العدد ومنه يكون الأثر للرصاصة للسلاح العادي ليس بنفس حجم رصاصة السلاح الكاتم للصوت ومن هنا يمكن استنتاج أهمية استعمال السلاح الكاتم للصوت من جهة لمنع سماع الطلقات لدى الأشخاص القريبين للضحية في السكن أو المحل أو مكتب العمل حتى لا يكشفوا الفعل الإجرامي و من جهة تقليل وضوح الأثر المخلف في مسرح الجريمة أو على جسد الضحية . كما يمكن لكاتم الصوت أيضًا تقليل الارتداد أثناء التصوير ولكن على عكس فرامل الكمامة أو معوض الارتداد الذي يقلله عن طريق توجيه انفجار الكمامة جانبًا تطلق كاتمات الصوت جميع الغازات تقريبًا باتجاه الأمام وبالتالي تقلل من خلفية الدفع المتولدة كما لنفس الدافع وزن كاتم الصوت نفسه والنفوذ من موضع التركيب لها (في الواجهة الأمامية حتى للبرميل) سيتم أيضا مساعدة مكافحة ارتفاع الكمامة. و نظرًا لأن الحواجز الداخلية ستبطئ تبريد الغاز المنطلق فإن كاتمات الصوت تقضي أيضًا على وميض الكمامة هذا و يختلف عن مانع الفلاش الذي يقلل من كمية الوميض عن طريق تشتيت الغازات المحترقة التي تم إطلاقها بالفعل خارج الكمامة دون الحاجة إلى تقليل الصوت أو الارتداد من ناحية أخرى يخفي ومضات مرئية عن طريق فحص لهم من خط مباشر للبصر وليس الحد من شدة الفلاش. نصل إلى أن الأثر المتخلف في مسرح جريمة القتل يختلف باختلاف نوع السلاح المستعمل و لو أن شرح هذا الموضوع يحتاج للتدقيق في طريقة الطلق الناري و كذا المسافة المستعملة في ذلك ما يجعل السلاح الكاتم للصوت أقل استخداما لدى الجناة لتكلفته و لأنه غير متداول بطريقة سهلة مثل السلاح العادي و يبقى التفصيل في الجانب القانوني الذي يسمح ببيع هذا السلاح و اقتناءه يتوقف على قوانين الدول و مدى صرامتهم في منع تداول الأسلحة لدى المواطنين إذ يقول المدافعون عن حقوق السلاح ووسائل الإعلام أن المدفعية عمومًا هي كلمة كاتم الصوت تُعرّف على أنها تعني الصمت التام بينما يتم تعريف القامع على أنها تعني فقط انخفاض شدة الصوت.