بعد الحرائق المهولة ومشاهد الدمار بتيزي وزو دعوة إلى التكفل النفسي بسكان القرى المتضررة
تتطلب الصدمة النفسية التي تصل أحيانا حد الهلوسة لدى سكان قرية إيخليجن بالأربعاء ناث إيراثن جنوب تيزي وزو التي فقدت الأسبوع الفارط أكثر من 20 شخصا جراء حرائق مهولة تكفلا نفسيا طويل المدى لعلاج آثار هذه الكارثة البشرية. ويرفض بعض سكان القرية لحد الآن الرجوع إلى منازلهم خوفا من عودة النيران وحكايات الموت المأساوي لأقاربهم لا تزال حية في أذهانهم على غرار وفاة أولياء حاملين أطفالهم بين أيديهم أو وفاة أم وهي تحتضن ابنتيها (جوهر وسارة التي تحصلت مؤخرا على شهادة البكالوريا) أو أب وزوجته مع ابنتهما الرضيعة أو رجل يحاول إنقاذ معزته. وفي تعليقها عن آثار هذه الكارثة قالت فراجي حمزي نبيلة مختصة نفسية متطوعة أن هناك صدمة لدى الجميع وستكون لها آثار تتطلب وقتا طويلا لنسيانها . وبعد قضاء يوم كامل بهذه القرية المنكوبة لاحظت محدثتنا لدى القاطنة أن هناك من يعترف بالصدمة لدى الكبار وآخرون ينكرونها ولا يريدون التحدث عنها بينما لم يفهم الأطفال ما حدث ولازالوا متخوفين من عودة النيران . ومن أجل مواجهة هذا الوضع ذكرت المختصة النفسانية أنه يجب إحصاء المصدومين في بادئ الأمر ومن ثمة تحديد العلاج اللازم لهم مشددة على ضرورة مرافقة الأطفال خصوصا ونحن على أبواب الدخول المدرسي .
شهود عيان تحت الصدمة وعاش حوالي الألف من قاطنة قرية إخليجين المكونة من أربع مداشر صغيرة: إيمعثوقن أقولميم آث علي وتاوريرت لالة في 10 أوت الجاري حرائق مهولة كالبراكين التهمت كل شيء كان أمامها من منازل وأشجار وحيوانات وحتى البشر وقال محند بلقاسم أحد السكان الذين عايشوا هذه الكارثة منذ إندلاع النيران في القرية في حدود الساعة الثانية صباحا نجونا بصعوبة ومعظم سكان القرية مازالوا تحت الصدمة . وأضاف السيد بلقاسم الذي مازال متأثرا بهول الكارثة أن النيران فاجأت قرية إخليجين لأن معظم سكانها غادروا للمشاركة في إخماد حرائق أخرى كانت قد اشتعلت في قرى مجاورة على غرار آث فراح تاوريرت مقران وآث عطلي. وقال مسترسلا : كنا يقظين عندما اشتعلت النيران في الجهة الجنوبية ودقينا ناقوس الخطر وشرعنا في إجلاء السكان نحو قاعة حفلات قبل أن تحاصرنا النيران من كل جهة مبرزا النيران حاصرتنا من كل جهة في غضون 20 دقيقة واستمر ذلك طيلة الليل وحتى منتصف الظهيرة . وأشار إلى أن الهلع الذي تملك الجميع جعل التحكم في الوضع صعبا وتسبب في وفاة عدة أشخاص أثناء محاولتهم الهروب . وتسبب الحريق المهول في وفاة 22 شخصا 19 منهم من حددت هويتهم وتم دفنهم فيما لا يزال 3 آخرين قيد تحديد الهوية. وذكر السيد بلقاسم أن العديد من الأشخاص هربوا من القرية وبعضهم لا يزال تحت الصدمة ولا يتكلم مثلما هو الحال بالنسبة لامرأة تم العثور عليها في منطقة واضية وهو ما صعب من تحديد هويتها مضيفا أنه لحد الآن لا نعلم من لا يزال على قيد الحياة ومن لقي مصرعه . وأصيب جراء هذه الكارثة البيئية التي تعد سابقة العديد من الأشخاص بحروق إذ تمت معالجة من كانت جروحهم خفيفة في حين نقل الذين هم في حالة خطيرة لمعهد باستور ومستشفى الدويرة بالجزائر العاصمة. تصميم على زرع الأمل رغم الصدمة لم يتردد سكان إيخليجن في مساعدة ضحايا الحرائق وهبوا لمساعدة الجنود المحاصرين بالنيران في مخيماتهم بالمكان المسمى إيشريذان على الطريق المؤدي من الأربعاء ناث إيراثن إلى عين الحمام وقال محند بلقاسم في هذا الموضوع : فور تلقينا خبر محاصرة النيران للجنود توجهنا لعين المكان لكن ولسوء الحظ لم نتمكن من فعل أي شيء لهم لأننا وجدنا وقت وصولنا من بينهم من فارق الحياة وساعدنا في إخماد النيران وإنقاذ الجرحى حتى قدوم الدعم . وأمام هول الكارثة التي خلفتها النيران ورغم الألم الذي لا يزال حيا وتراجع قواهم إلا أن السكان برهنوا على تصميمهم والتزامهم وشرعوا في تنظيف القرية لمحو آثار المصيبة. وشدد محدثنا على ضرورة عودة السكان في أقرب وقت لحياتهم مضيفا: رغم قلة عددنا وقوتنا بسبب العدد الكبير من الجرحى إلا أننا مصممين على تجاوز الأمر خصوصا مع الهبة التضامنية التي تلقيناها . وقد وجد يومها العديد من المتطوعين والحرفيين والمؤسسات الذين اقترحوا مساعدة الأهالي لإعادة تهيئة وإعادة بناء ما أتلف لكن السيد بلقاسم يقول أن تأخر القيام بالخبرة يعيق ذلك داعيا بالمناسبة السلطات المحلية لتسريع هذا الإجراء. وبخصوص حاجيات السكان من مأكل وملبس وضروريات الحياة اليومية لفت السيد بلقاسم إلى أن القرية تلقت مساعدة كبيرة بفضل كرم الناس وجودهم من كافة الولايات حيث لم يترددوا في القدوم إلى القرية وتموينها بصفة منتظمة بمختلف المواد وذلك بفضل الهبة التضامنية التي لا تزال قائمة .