تحت وطأة قمعٍ واضطهادٍ لا ينقطعان، وموجة عنف عاتيةٍ, يستقبل مسلمو الصين، وخاصة أقلية الويغور, شهر رمضان الكريم هذا العام، كما اعتادوا أن يفعلوا منذ سنوات! الملفت للنظر هذه المرة أن موجة عنف واكبت غرة الشهر الكريم, وتحديدا قبل يوم واحد فقط من بدايته, حيث قتل في هجومين دمويين أكثر من 11 شخصا في المنطقة الشمالية الغربية من إقليم تركستان الشرقية الذي احتلته الصين وأسمته شينغ يانغ، وهو ذو أغلبية مسلمة. وبعد وقوع هذه الهجمات، التي جاءت بعد مرور أقل من أسبوعين على مقتل 18 شخصا في منطقة شينغ يانغ المضطربة, أعلنت السلطات الصينية حملة قمع شديدة ضد الأنشطة الدينية, رغم توصية الخبراء بإظهار مزيد من الاحترام والتقدير لحقوق المسلمين الويغور. أما المتحدث باسم المؤتمر العالمي للويغور, ديلكسات راكسيت, فقد حذَّر من إمكانية تنفيذ الصين حملةَ قمع جديدة ضد مسلمي الويغور؛ وذلك تعقيبًا على الحادثين اللذين وقعا مؤخرا، وأسفرا عن مقتل 15 شخصًا في منطقة كاشجار بإقليم تركستان الشرقية المحتل، واتهمت السلطات الصينية مسلمو الويغور بالمسؤولية عنهما. وذكر راكسيت أن السلطات الصينية اعتقلت أكثر من 100 مسلم من الويغور بمدينة كاشجار التي فُرض حظر التجول فيها بشكلٍ كامل, كما ألقى المتحدث باسم المؤتمر العالمي للويغور بالمسؤولية على الحكومة الصينية في اندلاع العنف بإقليم شينغ يانغ؛ بسبب استمرار الصين في سياستها البوليسية القمعية ضد الويغور. كما طالب ديلكسات راكسيت, المتحدث باسم المؤتمر العالمي للويغور, بضرورة سحب المهاجرين الصينيين "الهان" من الإقليم الذي تحوَّل بفعل الهجرة إلى أغلبية صينية بعدما كانت الأغلبية للمسلمين في الويغور قبل احتلاله, مشير إلى "أنه لا توجد أي وسيلة لتعبير مسلمو الويغور عن آرائهم المختلفة والاحتجاج السلمي". يشار إلى أن السلطات الصينية قامت بتوجيه الاتهام لأكثر من 200 مسلم في الحادثين اللذين وقعا مؤخرا, وأصدرت حكما بالسجن مدى الحياة على 26 منهم. ومما يجدر الإشارة إليه أن السلطات الصينية شجعت هجرة الهان إلى الإقليم المسلم, الذي وُضع تحت الحكم الذاتي منذ 1955، إلا أنه لم يسلم من الحملات الأمنية الصينية المكثفة. ومما يثير استفزاز المسلمين مع بداية شهر رمضان, أن يعلن زعيم الحزب الشيوعي تشانغ تشون شيان, شن حملة قمعية واسعة النطاق ضد الأنشطة الدينية, وخاصة أنه هذا سيمنح الشرطة تصريحا بمنع قيام المسلمين في الشهر الفضيل بعباداتهم من صلاة وقيام. وقد نفى كثير من الخبراء أن تكون بعض أعمال العنف التي تنسب إلى المسلمين تمثل إستراتيجية ثابتة, مؤكدين أن أخطاء القلة، تعبيرا عن استيائهم الكبير من عدم احترام دينهم وحقوقهم وثقافتهم، ولا يمكن معاقبة الأكثرية بجريرة القلة. أما تشينغ يو شيك، الأستاذ في الإدارة الاجتماعية في جامعة هونغ كونغ، فينصح، من أجل تفادي هذه الاشتباكات، أن تعيد بكين النظر في سياستها تجاه منطقة شينغ يانغ، بالإضافة إلى توفير الأموال اللازمة لتعزيز التنمية الاقتصادية هناك عبر جدول زمني محدد, كما ينبغي على السلطات أن تولي اهتماما بالغا بحقوق الويغور وثقافتهم ولغتهم ودينهم", مضيفا: "الحكومة الصينية لم تتعلم من الحوادث السابقة". من جانبها, اتهمت المجموعات الحقوقية السلطات الصينية بانتهاج سياسة القمع الديني ضد مسلمي الويغور باسم مكافحة الإرهاب, إلى جانب توطين كثير من قبائل الهان في الإقليم ليمكنها طمس ملامح هوية وثقافة المسلمين, علاوة على تركيزها على جزء ضخم من إقليم شينغ يانغ لموقعها الاستراتيجي الهام من آسيا الوسطى وما تحمله أرضها من ثروات النفط.