فتنة تقطر جهلا بعلم المقاصد.. دعها يا الريسوني فإنها منتنة! في الأزمات يكثر السؤال والقيل والقال ويفجّر الموقف الواحد ألف سؤال وسؤال وتلتفت الأمة إلى العلماء ليسمعوا الكلمة والكلمة هنا غالية.. وللأسف.. إن كلمة أو تصريح الريسوني شيخ المقاصد وعالمها ورئيس الإتحاد العالمي لعلماء المسلمين بقدر ما يثير في أسوياء العالمين العربي والإسلامي الإشمئزاز يبعث في العقلاء الرغبة في القيء لما تضمنه من فتنة تقطر جهلا بعلم المقاصد.. فبدلاً من أن يخفف من حدة الأزمة أجّجها وبدلاً من أن يكون سبباً للتألف والوحدة كان سبباً لتوسيع شرخ الخلاف بين الإخوة.. قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: ثلاث يهدمن الدين: زلة عالم وجدال منافق بالقرآن وأئمة مضلون . صحيح أنه من الطبيعي أن يختلف الأشخاص في مقاربة بعض الأمور والأحداث فكثير من الخلافات والإشكالات إنما تقع نتيجة لعدم إدراك مراد المتكلم أو لسوء تعبيره فتجد الطرفين مشتركين في الخطأ فالمتكلم لم يحرر كلامه ولم يتخير ألفاظه والمستمع لم يتدبره فحمله على غير مراده!. ولكن دعوة الشيخ الريسوني وهو محسوب من حماة الدين المظلِّل على الأمة العربية والإسلامية سلطانه إلى استنفار علماء ودعاة بلده من أجل الزحف نحو تيندوف والدعوة للجهاد ضد الجزائر ضع سطرا تحت كلمة الجهاد ثم إلغاؤه لجمهورية موريتانيا الإسلامية فإن هذا لأمر خطير جدا لما له من نتائج وخيمة ربما ستكون كاسحة وعميقة على مختلف المستويات ولآماد غير منظورة... فهل نظر في مقاصدها ومآلاتها.. فدعها يا الريسوني فإنها منتنة.. روى أبو داود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ليس منّا من دعا إلى عصبية أو من قاتل من أجل عصبية أو من مات من أجل عصبية وفي حديث أخر قال صلى الله عليه وسلم محذراً من العصبية: دعوها فإنها منتنة.. رواه البخاري ومسلم. ففي مثل مقامك_أيها الشيخ_ ورئاستك للاتحاد العام لعلماء العالم الإسلامي ينبغي أن تذوّب كلّ نسبة إلاّ الإنتساب إلى الإسلام كما جاء في حديث الحارث الأشعريّ مرفوعا: مَنْ ادَّعَى دَعْوَى الجَاهِلِيَّةِ فَإِنَّهُ مِنْ جُثَا جَهَنَّمَ . فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ وَإِنْ صَلَّى وَصَامَ؟ قَالَ: وَإِنْ صَلَّى وَصَامَ فَادْعُوا بِدَعْوَى اللهِ الَّذِي سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ الْمُؤْمِنِينَ عِبَادَ اللهِ . رواه التّرمذي. فمكمن الخطورة في تصريحك أو في كلامك ليس في كونه خطأ من مجتهد و لكن فيما يترتب عليه من عمل الأتباع وقد أحسن من قال: زلة العالم كالسفينة تغرق ويغرق معها خلق كثير . وبعيداً عن الجدل والسياسة والفقه والتاريخ والجغرافيا وردّه الذي كان في واد وتصريحه في واد 0خر ما كان ينبغي للشيخ الريسوني أن يقول هذا في هذا الظرف الحساس لو لم يكن في تقديري جزءا من الأزمة الذي يمر بها العالم العربي والإسلامي.. ولذا فلقد حان الوقت لتسقط الأقنعة عن هذا الإتحاد ولن يكون البقاء إلا للأصلح وهذا ما قرره كتاب ربنا: فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض . الحجر: 17. . هذا ما قلت وأستغفر الله لي وله ولكم ورحم الله عبدا تكلّم بعلم أو سكت بحلم.. وصلى الله على سيدنا محمد وسلم..