تعيش حوالي 20 عائلة داخل متوسطة بنهج عنابة التابع لبلدية القصبة بالعاصمة، منذ أكثر من عشرين سنة، تقول هذه العائلات أنها وبعد تهدم منازلها المتواجدة بالقرب من المتوسطة بعد زلزال أكتوبر89، لم تجد حلا أمامها إلا الاحتماء بسقف هذه المؤسسة التربوية ريثما تقوم البلدية بترميم سكناتها أو ترحيلها إلى مساكن أخرى جديدة، إلا أن الأمر طال بهم وهم ينتظرون تنفيذ الوعود المتكررة من طرف المسؤولين على البلدية ولجان التحقيق التي تزورهم كل فترة لأخذ الملفات و تقوم بإحصاء العائلات المتواجدة بهذا المكان التي تزيد سنة بعد أخرى بسبب لجوء بعض الأفراد إلى الزواج والسكن في نفس هذا المكان مع عائلته، أي داخل الأقسام· وبالرغم من عدم صلاحية هذه المدرسة المهترئة جدرانها وأقسامها الضيقة لسكن هذه العائلات، إلا أنهم يحاولون منذ أكثر من عشرين سنة التكيف مع هذه الأوضاع الكارثية ويمنون أنفسهم بالفرج القريب الذي لا يريد أن يأتي رغم أن الذين كانوا أطفالا بالأمس أصبحوا الآن رجالا وآباء لعدة أطفال آخرين ولدوا هم كذلك في هذه الوضعية وفتحوا أعينهم على الرطوبة وسط الأقسام التي تفتقد للتهوية وهذا ما خلق العديد من الأمراض المزمنة لمختلف أفراد هذه العائلات خاصة منهم كبار السن الذين فنت أعمارهم وهم يحلمون بسكنات جديدة ينعمون فيها بأشعة شمس تأخر شروقها كثيرا·· تقول عائلة شريفي التي سكنت في هذه المؤسسة بعد زلزال 89 بعد تهدم أجزاء كبيرة من منزلها، إلا أنها عادت إليه مرة أخرى لعدم احتمالها البقاء في هذه الوضعية المزرية، أنهم وجدوا أن بنايتهم تهدمت بالكامل وأصبحت ملجأ للحيوانات الضالة، والعصابات المنحرفة التي تختبئ فيها عن الأعين لممارسة أفعالها الشاذة، فلم يجدوا أمامهم إلا العودة إلى السكن بالمدرسة مؤقتا ريثما يرحلون إلى مساكن أخرى مع باقي العائلات النازحة، إلا أنهم وجدوا في مكانهم عائلة أخرى نزحت هي الأخرى من بيتها لتستغل ظرف الزلزال للظفر بمسكن جديد مع المتضررين، لذلك فقد قامت في ذلك الوقت عراكات وصراعات كبيرة حول هذه القسم، فيما أن بعض العائلات الساكنة بهذه المدرسة أنصفت عائلة شريفي ووقفت إلى جانبها حتى استرجعت القسم الذي يأويها إلى غاية الساعة مع أبناء تجاوزوا الأربعين ولم يتزوجوا لانعدام السكن والعمل الذي يساعدهم على كراء منزل لائق والزواج فيه، فكل الظروف السيئة تكالبت على هذه الأسر التي تعيش نفس المأساة، تسببت لهم الكثير من العقد النفسية، خاصة مع انحراف الكثير من شباب هذه العائلات الذين لجؤوا إلى ممارسة السرقة والاعتداء بالإضافة إلى المخدرات التي غزت هذا الحي بصفة كبيرة جدا، خاصةأنه يحتوي على الكثير من الأزقة والأركان الضيقة والمظلمة البعيدة عن الأعين، لذلك فإن معظم هذه العصابات تنشط بكثرة في هذا المكان· وبالإضافة إلى هذه المعاناة فإن هذه العائلات تشترك في مراحيض جماعية وهذا ما سبب في الكثير من الأحيان عدة أمراض جرثومية خاصة لدى كبار السن والأطفال، كما يعيشون حالة مزرية للغاية في فصل الشتاء بتسرب المياه من تشققات الأسقف والجدران لأن المدرسة قديمة جدا، يرجع تاريخ إنشائها إلى عهد الاستعمار ولم تشهد منذ ذلك الوقت أية عملية ترميم، كما تشتكي هذه الأسر من الرائحة الكريهة المنبعثة من الشارع الخلفي للمدرسة الذي تطل عليه نوافذ مطابخ العمارة الملاصقة، التي يقوم سكانها برمي فضلاتهم مباشرة منها وهو ما سمح بتراكم كبير للنفايات التي بدورها أفرزت رائحة لا تطاق تصاعدت إلى داخل أقسام المدرسة، كما جذبت هذه النفايات أسراب الجرذان التي هجمت بدورها على المدرسة وأصبحت تدخل إلى غاية أفرشة هذه العائلات وفي الكثير من الأحيان تدخل إلى غاية علب أكلهم المخزن فيصاب أفراد الأسر بحالات تسمم أدت في العديد من المرات لنقلهم إلى المستشفى نظرا لحالتهم الخطيرة· ومن جهة أخرى، فإن هذه المتوسطة محاطة بمنزل آخر مهجور مهدم كليا وشبه ملعب جواري كان في الأصل عمارة تهدمت ورحل أهلها، كما يعاني مختلف الساكنين في نهج عنابة من نفس الظروف السيئة المتمثلة في ضيق السكنات والنفايات التي سمحت بتكاثر الجرذان، وللعلم فقد شهد بيت في نفس هذا الحي منذ أشهر قليلة انفجار قارورة غاز صغيرة، لكن الله لطف بهم إذ لم يؤد إلى ضحايا عدا بعض الاختناقات في وسط الأطفال، لذا فالحي كله يحتاج إلى إعادة ترحيل بما أن ظروفه لا تسمح بمواصلة السكن فيه فحتى السلالم التي تمر بالحي تهدمت كلها وأصبحت تشكل خطرا على المارة خاصة كبار السن الذين يمرون بهذا الشارع الذي يؤدي مباشرة إلى سوق احمد بوزرينة بالقصبة·