خياران لا ثالث لهما.. كَم مِّن فِئَة قَلِيلَة غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّه في هذه الأيام أتأمل الأحداث وأتطلع إلى غرفة الماء في قصة طالوت وجالوت.. فقصص القرآن وقصص التاريخ ليست ترفاً فكرياً بل هي دروس وتجارب للتأمل والتدبّر والأحداث هي هي تتكرر في كل زمان ومكان ولكن عبر شخوص وطقوس مختلفة وغالباً تكون النتائج والمآلات واحدة.. كانت المفاجأة في القصة: شرب الكثير من الجيش من النهر وخالفوا تعليمات قائدهم وبالتالي لم تنجح الغالبية في الإختبار ولم تبق معه سوى فئة مخلصة صادقة وتَيَقَّنَ بأنه بالفئة القليلة المخلصة هذه سيتمكن بإذن الله من تحقيق الإنجاز المطلوب.. وكان النصر. ولقد حسمت الآيات كل شيء حينما أوضحت من خلال هذه القصة كيف إنّ الثقة بالله تصنع المعجز والى انّ الجبن والتشكيك وركوب الذات لا يعود إلاّ بالخسران في الدنيا قبل الآخرة.. كَم مِّن فِئَة قَلِيلَة غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّه . والقصة.. اليوم واقع يتجسد على الأرض.. فلقد ابتُلي المؤمنون في غزة وحوصروا حصارا شديدا.. وما كان الموقف الرسمي العربي متخاذلا في نصرة الذين يقتلهم الاحتلال في القطاع المحاصر إلا لشرب معظم الأنظمة الحاكمة من نهر القوى المهيمنة وخاصة الولاياتالمتحدة وكأن لسان أحدهم يردد: لا طاقة لكم اليوم بإسرائيل وحلفائها!. وشتان بين أولئك الثابتين على الحق رغم العطش والجوع والجراح لكنهم لا يعرفون الموت يصدّرون شهداء إلى السماء ويكتبون شهادات الوفاة للعالم الحر إنها غزة.. وما غزة إلا غربلة وحتما على كل واحد فينا أن يحدد خياراته. وهما خياران لا ثالث لهما: في أحدهما كثير من الناس ولكنهم غثاء كغثاء السيل وفي الآخر طائفة لا يزال أهلها على الدين ظاهرين لعدوهم قاهرين لا يضرهم من خالفهم من الصهاينة والخونة والمتآمرين إلا ما أصابهم من لأواء حتى يأتيهم أمر الله وهم كذلك. ولقد جرت سنة الله أن تنتصر القلة الصابرة على الكثرة الباطلة بإذنه تعالى.. وما كان لقوى الأرض كلها ولو اجتمعت أن تغيّر في ذلك أو تبدّل إنما هي سُنَّة اللَّه في التمحيص.. ومن كان يظن أن الله لن ينصر غزة وأهلها فقد أساء الظن بربه وأخطأ القصد لنفسه.. فاللهم انفعنا بما فصلت في كتابك من الآيات واجمعنا به على طاعتك في سائر الأوقات وأعذنا به من جميع الشدائد والآفات اللهم وأنت العالم بحوائج أهل غزة فتولّهم إنك نعم المولى ونعم النصير. ولا حول ولا قوة إلا بك..