العالم كله يتجه نحو التأهيل والتدريب، ووزارات الصحة فيها أقسام بالتأهيل والتدريب، وزارات التعليم العالي فيها دوائر للتأهيل والتدريب، وزارات الموصلات فيها أقسام للتدريب والتأهيل، لماذا لا يكون للزواج أيضاً تأهيل وتدريب؟ فكل من يمضي باتجاه أمر ينبغي أن يؤهل نفسيا له، فالجندي قبل أن نرسله إلى ساحة المعركة ينبغي علينا أن نخضعه إلى تأهيل نفسي وكذلك إذا أردت أن تذهب بأولادك إلى نزهة ينبغي أن تأهلهم نفسياً، لا يحق ولا يجوز ولا يستقيم ولا يكمل أمر بدون تأهيل نفسي. هكذا يستهل الشيخ محمد خير الشعار حديثه خلال برنامجه الجديد »الدورة التأهيلية فى الحياة الزوجية« على قناة »الرسالة« والذي يقدم من خلاله للشباب والشابات قواعد وأسس بناء بيت وأسرة حيث يؤكد أن على الشاب الذي ينوى الزواج أن يأهل نفسياً، وكذلك الفتاة الذاهبة نحو الزواج ينبغي أن تأهل نفسياً، مشيراً إلى أن هناك مشكلة إذا لم نأهِّل الإنسان للزواج وهناك مشكلة أكبر إذا أهلناه تأهيلاً مضاداً. يقول الشعار: الآن بعض الفتيات وبعض الشبان أو كثير يؤهلون بطريقة غير صحيحة من خلال القنوات المتعددة التي تركز على أن الزواج حب فقط، كأن الزواج عشق وغرام وهيام ووصال، وليس مجرد جزء من الزواج، وهناك أجزاء أخرى لابد أن نذكرها مع الحب، فلو أردنا أن نضغط الزواج كله في كلمة واحدة لكانت هذه الكلمة (الزواج مسؤولية). أنت قبل زواجك كنت مسؤولاً عن نفسك ربما تكون مسؤولاً عن أمك وأبيك بنفقة معينة إذا كانا كبيرين وأنت الذي تنفق على البيت، لكنك بعد الزواج ستصير مسؤولاً عن نفسك وعن أمك وأبيك وعن زوجتك، وبعد سنة من الزواج ستصير مسؤولاً عن مولود جديد، عن ابن، فإذا كنت مستعدا لتحمل مسؤولية جديدة أذهب نحو الزواج. ويضيف الشعار: الله عز وجل اختصر مسؤوليات الرجل ومسؤوليات المرأة في الزواج في آية من سورة النساء رقم 34: »الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللّهُ«، ثلاث مسؤوليات للرجل في هذه الآية وثلاث مسؤوليات للمرأة. الآية تقول »الرِّجَالُ قَوَّامُونَ« قوامون جمع قوَّام، بمعنى إذا ذهبت إلى مطعم عام، أنت جالس في المطعم وأعضاء فريق العمل في المطعم قائمون على خدمتك، فالقائم هو الذي يعمل الأكثر هو الذي يخدم أكثر، فالرجال يقومون بكثرة على رعاية زوجاتهم، ولابد أن يؤهل الشاب لهذه المسؤولية مسؤولية القوامة، ثم مسؤولية التربية لأن التربية جزء من القوامة، مسؤول أنت أن تدعو أهل بيتك إلى طاعة الله. ويضيف: مسؤوليات الرجل ثلاث القوامة والتربية والنفقة، أما مسؤوليات المرأة يقول تعالى »فَالصَّالِحَاتُ قانتات« ومعنى القانت هو المطيع يعني طائعات أول مسؤوليات، فالمرأة تطيع زوجها ولابد أن تتعودي على الطاعة، العالم كله قائم على الطاعة، ربان السفينة يأمر والمساعدون يطيعون وإذا لم يطع المساعدون ستغرق السفينة. وحسبك أيتها الفتاة أن تدخلي الجنة برضا زوجك مع تقوى الله تعالى، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: إذا صلت المرأة خمسها وصامت شهرها وحفظت فرجها وأطاعت زوجها دخلت جنة ربها، فأول مسؤولية للمرأة مسؤولية طاعة الزوج. المسؤولية الثانية للفتاة هي »حافظات للغيب بما حفظ الله« يحفظن دورهن في غياب أزواجهن ويحفظن أولادهن في حضرة وغياب أزواجهن، نحن بحاجة إلى أمهات إذا حفظن الأولاد خرَّجن لنا قادة للعالم يقودونه نحو الخير، بيدك أيتها الأم أيتها الزوجة أن تصنعي لنا أولاداً، هذه الصناعة تفوق كثيراً صناعة طائرات أو صناعة باخرات أو صناعة طب أو هندسة، إن الأم برعايتها لبيتها ورعايتها لأولادها تصنع صناعة كبيرة. وقديماً قالوا الناس وراء كل عظيم امرأة وبالحق أيها الأخوة إنكم لم تروا عظيماً إلا وراءه زوجة هي التي دعمته، هي الذي حمت ظهره حتى صار هو في هذه العظمة. ثم أكد الشعار أنه على من أراد أن يتزوج ولا يستطيع أن يتحمل مسؤولية القوامة ومسؤولية التربية ومسؤولية النفقة، ننصحه أن لا يفعل حتى يستعد لكي يبني أسرة صحيحة، فالزواج مسؤولية وتضحية، وقال موضحاً: من أراد أن يتزوج يعلم أنه مستعد للتضحية وكذلك من أرادت أن تتزوج فلتهيأ نفسها للتضحية، وكم ضحت أمهاتنا لأجلنا وكم ضحى آباؤنا لأجلنا، ما من فتاة مستقيمة، ما من فتاة ناجحة إلا لها أمٌّ هي التي صنعتها وضحت لأجلها ولأجل أخوانها وأخواتها إلا لها أب ضحى من أجلها ومن أجل أخوانها وأخواتها، فالزواج تضحية. ويضيف الشعار: سيدنا جابر بن عبد الله رضي الله عنه وعن أبيه، مات أبوه وقد ماتت أمه في السابق وخلف أبوه له سبع أخوات بنات، وجابر شاب والشاب يحب أن يتزوج فتاة بكراً ولكنه تزوج امرأة ثيباً، قال له النبي صلى الله عليه وسلم تزوجت يا جابر؟ قال نعم، قال ثيِّباً أو بكراً؟ قال ثيباً، قال هلا بكراً تلاعبها وتلاعبك؟ قال: يا رسول الله مات أبي وترك لي سبع أخوات -وفي رواية تسع أخوات- فما أحببت أن أتيهن بثامنة، أردت زوجة كبيرة حتى تعينني على تربية أخواتي البنات. نجده ضحى بشيء يخصه لأجل أن يرعى أخواته البنات، فالزواج تضحية، وأيضاً الزواج قبول للاختلاف إذا تزوجت فأعلم أنك قبلت أن تكون مختلفاً مع زوجتك، مستحيل أن يتطابق زوجان مع بعضهما انطباق الكف عن الكف، لا تصدقوا، فإذا تزوجت فأعلم أن زوجتك ستكون مختلفة معك وأنت راض بهذا الاختلاف.