وصايا رمضانية ماذا تفعل كي تنال الثواب كاملاً في رمضان؟ الصوم طاعة لله في نفسه باعتباره امتثالاً لأمر الله وهو طاعة لله كذلك من خلال أنه يحقق للإنسان وللمجتمع روح التقوى فلا يحتاج المرء مع روح التقوى سلطة تفرض عليه النظام والالتزام. ولكي نصل إلى التقوى والاستقامة من خلال الامتثال لأوامر الله بالصوم ينبغي أن نعلم أن الله تعالى يريد من الناس أن يقدموا بين أيديهم عند لقائه تعالى زادًا وزاد التقوى بمعناه الشامل يعيشه الإنسان التقي في حياته كلها فمن صام واستطاع أن يحصل على التقوى العملية في القلب والسلوك فقد استطاع أن يحصل على عمق الصوم. ولكن كيف تحصل هذه التقوى والاستقامة من خلال عبادة الصوم؟ أولاً: علينا مراقبة الله في أفعالنا فالسؤال الأهم من خلال تحصيل عبادة الصوم هو هل نتحرك في خط تصاعدي نحو الله أم تتحرك في خط تنازلي نحو الشيطان؟. فالصوم من فوائده أنه يعينك على دوام الطاعة والإيمان والاستقامة فأن تستمر ثلاثين يوما على عبادات وأعمال صالحة متنوعة يوطن نفسك ويثبت قلبك ويسدد جوارجك لأن تكون هذه صفات راسخة وملكة دائمة بعد رمضان تتجه بها إلى الله تعالى وليس في اتجاه الشيطان. فشهر رمضان شهر استقامة وإيمان وثبات على دين الله قال تعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَات مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ}[البقرة:158] ففيه هداية وتسديد وإذعان فيزيد الإيمان وتتنوع عبادات القلب والأركان من التقوى والصبر والذكر والدعاء والصدقة وتلاوة القرآن فهنا هداية مضاعفة هداية القرآن وهداية شهر رمضان فتأمل. فعَنْ سُفْيَانَ بْنِ عَبْدِ اللهِ الثَّقَفِيِّ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ قُلْ لِي فِي الْإِسْلَامِ قَوْلًا لَا أَسْأَلُ عَنْهُ أَحَدًا بَعْدَكَ قال: قُلْ: آمَنْتُ بِاللهِ فَاسْتَقِمْ (صحيح مسلم). ثانيًا: نحدد أهدافنا من الصوم الهدف الأسمى من عبادة هذا الشهر الكريم هو الفوز بالعتق من النيران أن تُعتق رقابنا من النار ولله في كل يوم وليلة عتقاء وأن تكفر عنا السيئات فمن دخل عليه هذا الشهر ثم مات ولم يغفر له أبعده الله! فللصائم باب الريان في الجنة. وتحديد الهدف لا يتحقق إلا بالاستقامة على أوامر العزيز الرحمن كما قال سبحانه: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ ۖ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ نُزُلًا مِّنْ غَفُور رَّحِيم }[فصلت:30-32]. وروى علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله تعالى: {ثُمَّ اسْتَقَامُوا} [فصلت: 30] قال: استقاموا على أداء فرائضه. كان الحسن بن علي رضي اللهم عنهما إذا قرأ هذه الآية قال: اللهم أنت ربنا فارزقنا الاستقامة. وحقيقة الاستقامة السداد والهداية والتوفيق لما فيه مرضاة الله وهو الإصابة في جميع الأقوال والأعمال والمقاصد وقال عليه الصلاة والسلام: سَدِّدُوا وَقَارِبُوا (رواه مسلم). وأعظم ما يراعى استقامته بعد القلب من الجوارح اللسان فإنه ترجمان القلب والمعبر عنه (جامع العلوم والحكم). وعن أبي سعيد الخدري: إذا أصبح ابنُ آدمَ فإنَّ الأعضاءَ كلَّها تُكفِّرُ الِّلسانَ فتقول: اتَّقِ اللهَ فينا فإنما نحن بك فإن استقَمتَ استقَمْنا وإن اعوَجَجْتَ اعْوجَجْنا .