صفقة الجندي الصهيوني جلعاد شاليط التي من المقرّر أن يتمّ بموجبها الإفراج عن أزيد من ألف أسير فلسطيني مقابل إطلاق سراح شاليط اعتبرها كثيرون انتصارا مدوّيا للمقاومة الشريفة في فلسطين وانتكاسة كبرى للصهاينة، وهي كذلك إذا نظرنا إلى القضية من منظور الرّبح والخسارة وقرأنا الأحداث بتسلسلها منذ بدايتها، حيث كان الكيان الصهيوني يريد استعادة جنديه الأسير دون مقابل، وقام بكلّ ما في وسعه القيام به، سياسيا وعسكريا واستخباراتيا، لاسترجاعه بلا ثمن، وحين فشل لم يجد بدا من الرّضوخ لشروط حركة المقاومة الإسلامية حماس التي نجحت بذلك في تحرير أزيد من ألف أسير فلسطيني، بعضهم قضى مدّة طويلة واستبدّ اليأس بكثيرين منهم فاعتقدوا أنهم سيقضون نحبهم خلف قضبان المعتقلات· ولا غرابة أن تقام الأفراح واللّيالي الملاح للإفراج عن هذا العدد الهائل من الأسرى، في صفقة واحدة، وكيف لا تفرح الأمّ بعودة وليدها أو ابنتها والابن بعودة والده والأخ بعودة أخيه؟ لكن حين ننظر إلى الأمور من زاوية سياسية وحسابية تبدو هذه الصفقة إهانة كبرى للفلسطينيين والعرب والمسلمين، فسياسيا بدا الصهاينة مستعدّين لفعل أيّ شيء لتحرير أسير واحد لديهم، في الوقت الذي يعيش فيه آلاف الأسرى الفلسطينيين والعرب في سجون الاحتلال الصهيوني بلا أمل ولا رجاء، ولا تبذل حكومات بلدانهم جهدا لتحريرهم· وحسابيا تشير صفقة شاليط، مرّة أخرى، إلى أن رأس العربي الواحد أرخص بما لا يقلّ عن ألف مرّة من الرأس الإسرائيلي· لقد فعلها الصهاينة من قبل حين وافقوا على صفقة استبدال أسيرين إسرائيليين اتّضح فيما بعد أنهما ميّتان بمئات الأسرى الفلسطينيين والعرب، بينهم (عميد الأسرى) سمير قنطار·· وكأن إسرائيل تريد أن تخبرنا كلّما أتيح لها ذلك بأن الإسرائيلي الواحد حتى ولو كان جثّة هامدة أغلى وأهمّ من آلاف الفلسطينيين، بل ومن كلّ الفلسطينيين والعرب والمسلمين.