يتفاجأ المرء عند تحاوره وتبادله أطراف الحديث مع احد المراهقين أو الشباب الذين لا تتجاوز أعمارهم العشرين سنة، بأنهم خلال حوارهم يستعملون بعض المفردات من اللغة الانجليزية وبلهجة تبدو غريبة كأنها تقليد أعمى لأحد الممثلين المشهورين، وهذا دون وعي أو انتباه منهم، فلكثرة مشاهدتهم وتتتبعهم للأفلام الأجنبية في القنوات العربية التي لا تترجم صوت الممثل بل تتركه على لغته الأصلية في حين تقوم بكتابة الترجمة أسفل الشاشة وهذا حتى لا يفقد الفيلم معناه الحقيقي، وأيضا لان معظم البلدان العربية تتقن اللغة الانجليزية خاصة بلدان منطقة الخليج والمشرق العربي، لذا فهم لا يحتاجون في الكثير من الأحيان إلى الترجمة لفهم الأفلام والحصص الأمريكية، لهذا فان المدمنين على تتبع الأفلام الأجنبية على شاشات الفضائيات المتخصصة في عرضها والتي تزداد كل فترة فأصبح عددها لا يعدُّ ولا يُحصى فكل البلدان العربية خاصة دول الخليج يتنافسون في اجتذاب اكبر عدد من الجمهور خاصة الشباب الذي يهوى تتبع أي فيلم جديد عبر كل القنوات المتاحة لديهم أو حتى عبر الانترنت حيث تعتبر الانجليزية اللغة الأساسية عبر أهم برامجه، خاصة الألعاب الالكترونية التي يقبل عليها الأطفال والمراهقون بشكل كبير، فمعظمها بالانجليزية وكذا أسماؤها التي أصبحت متداولة ما بين الأطفال والمراهقين، فما بين الأفلام والمسلسلات الأجنبية التي تعرض على القنوات المتخصصة على طول اليوم، وما بين الذهاب إلى مقاهي الانترنت مع الأصدقاء لمشاهدة آخر الأفلام التي خرجت في الساحة ولم تعرض بعد على القنوات فالانترنت هو الوسيلة الأولى التي يمكن بواسطتها مشاهدة كل ما هو حصري و محظور على بعض القنوات العربية، وبالعادة وتكرار بعض المفردات الانجليزية عبر الانترنت أو هذه الأفلام المعروضة في الشاشة فان المراهق وبحكم خفة حفظه فانه يخزن بعض الكلمات خاصة السهلة والتي لها علاقة مع العاطفة، فهذه الأخيرة يتسابق المراهقون لحفظها بكل اللغات و ليس بالانجليزية فقط،فبعد ان كانت الفرنسية هي الأكثر تأثيرا في أسلوب كلام المراهقين والشباب استبدلت الآن بالانجليزية ولكن بلهجة أمريكية كما ينطقها الممثلون في الأفلام الأمريكية وبامتزاجها باللهجة الجزائرية يكون لها وقع خاص جدا لدى المستمع، كما يأتي هذا التقليد الأعمى لهذه المفردات من الاستماع المتكرر للاغاني التي تؤدى من طرف مختلف المغنين والفرق الأجنبية، والتي أصبح الاستماع إليها موضة واجبة الإتباع من طرف معظم المراهقين. ولما لاحظ الأولياء هذا التغيير على طريقة كلام أبنائهم والمفردات الغريبة التي دخلت قاموس حواراتهم حتى مع أبائهم، أحسوا بالوجل أكثر خاصة مع الصعوبة الكبيرة التي يجدونا في التعامل معهم، فمعظم الأسر لم تتقبل هذه المفردات الجديدة التي يجيب بها المراهقون، رغم ان هؤلاء يدعون أنهم يحسنون لغتهم وهذا ما سيساعدهم في دراستهم وبالتالي الحصول على علامات جيدة خاصة في مادة اللغة الانجليزية، وهذا التأثير لا يكون فقط في اللغة بل حتى في التصرفات واللباس وأشياء أكثر خطورة وجب معالجتها من الأهل في اقرب وقت قبل استفحالها وتأثيرها على سلوكيات أبنائهم والمحيطين بهم، من خلال ضياع ما تبقى من قيم ولغة.