اللاّفت للإنتباه في عملية اصطياف بولاية بومرداس هو أن حالهم أصبح أشبه ما يكون بحال الذي يواجه حصارا غير معلن بالنّظر إلى أن متاعب المتردّد على البحر طلبا للرّاحة لا يواجه فقط ثقل تكاليف الإقامة بالفنادق والشاليهات والخيم، بل هو محاصر أيضا بالأسعار الخيالية التي يفرضها التجّار عند كلّ موسم اصطياف. فسعر قارورة لتر واحد من المياه المعدنية يصل إلى 70 دج وقارورة المشروبات الغازية إلى 100 دج، وتلتهب أسعار الأكل والنّقل. أضحت مسألة قضاء العطلة على شاطئ البحر بولاية بومرداس ولو حتى لبضعة أيّام مجلبة لمتاعب عديدة بالنّسبة للمواطنين، فمن عبء الارتفاع الفاحش في تكاليف قضاء العطل بالفنادق والشاليهات والخيم إلى ارتفاع أسعار مختلف مواد الاستهلاك كالماء المعدني والمشروبات الغازية إلى الأكل جرّاء ما يلجأ إليه التجّار عند حلول كلّ موسم اصطياف للحصول على الرّبح السريع، فكان المواطن محاصرا بشكل غير معلن. *** التهاب الأسعار.. قاعدة يسير عليها أغلبية التجّار وأصبح اللّجوء إلى هذا الإجراء أشبه ما يكون بقاعدة يسير عليها أغلب التجّار بولاية بومرداس، لا سيّما وأن مواطنين من منطقة زمّوري الواقعة على مرمى حجر من الولاية يقرّون صراحة بأن موسم الاصطياف يستثمره التجّار كيفما شاءوا بالّنظر إلى أن قارورة لتر واحد من الماء المعدني تباع للمتردّدين على الشواطىء بمقابل يراوح بين 50 و60 دج بعدما كان سعرها قبل حلول فصل الصّيف لا يتعدّى ال 25 دينارا. ويطال الالتهاب الفاحش للأسعار المشروبات الغازية بالنّظر إلى أن سعر قارورة لتر واحد من مشروب »الكوكاكولا« يصل إلى 100 دج حسب ما يقولون. ويطرح مثل هذا الوضع تساؤلا عن تفشّي ما يسمّونه هؤلاء بالفوضى وغياب الرّقابة التي كان يفترض أن تتولاّها الجهات القائمة على قمع الغشّ، لا سيّما وأن القناعة التي يتقاطع فيها سكان مناطق زمّوري، بومرداس، الصغيرات، الكرمة وقورصو تفيد بأن عددا من بارونات كراء الخيم لا يتردّدون في بيع وجبة »ساندويس بطاطا« بمقابل يتراوح بين 100 و150 دج. هذا الوضع الذي يضغط بثقله على المصطافين قادهم إلى تطوير تقليد جديد يضيف أحد الشباب وهو جلب ما يلزمهم من مشروبات وأكل وفواكه من البيت بدل شرائها، ومع ذلك فإن المواطنين ممّن يتردّدون على الشواطىء بحثا عن الرّاحة يواجهون ضغطا من نوع آخر هو الضغط المتولّد عن ارتفاع أسعار النّقل ببومرداس. ولعلّ ما يعكس ذلك أن المصطاف الذي يتردّد على شاطئ »بن يونس« الواقع بين زمّوري وبومرداس ليس بوسعه أن يستقلّ بسهولة حافلة أو سيّارة أجرة بقدر ما يجد نفسه مطالبا بقطع مسافة 03 كيلومترات مشيا ليصل إلى محطّة نقل المسافرين، يضيف أحد الذين اعتادوا التردّد على الشاطئ. لكن »مصائب قوم عند قوم فوائد« من جانب أن المعاناة من ندرة النّقل استثمرها أصحاب سيّارات الأجرة وفق مشيئتهم بالرّفع من سقف سعر النّقل كيفما شاءوا. فالرّحلة على متن سيّارة أجرة من بومرداس إلى العاصمة لا تقلّ عن 2000 دج حسب ما يشير إليه أحد الشباب، يحدث ذلك في غمرة خطابات المسؤولين المحلّيين الموسومة بالتهليل لموسم الاصطياف وعدد الشواطىء التي تمّ فتحها، لكن من غير الحديث عن الخدمات والنّظافة والأمن. *** "ساندويشات" تباع ب 200 دينارا يقول شهود عيان إن سعر قارورة لتر واحد من ماء معدني تراوح سعرها خلال موسم الاصطياف للعام الماضي بين 40 إلى 50 دج، فيما يصل سعر قارورة من حجم لتر واحد من المشروبات الغازية إلى 80 دج، وما ينطبق على المشروبات ينطبق أيضا على الأكل، حيث أن سعر »ساندويش« باللّحم يتراوح بين 150 و200 دج، أمّا أسعار الوجبات في المطاعم الواقعة بالقرى السياحية والفنادق فتعرف هي الأخرى ارتفاعا فاحشا على اعتبار أن تلك المرافق توفّر حدّا معيّنا من الرّفاهية لزبائنها، لكن الداخل إلى هذه المدينة السياحية ليس كالخارج منها من جانب أن بعض من زاروها يعترفون بصعوبة المعيشة بها خلال الفصول الأخرى نتيجة الغلاء الفاحش الذي يشتدّ خلال موسم الاصطياف. واللاّفت للإنتباه في بلد مثل الجزائر أن بعض الجزائريين ترسّخت في أذهانهم ثقافة استثمار المناسبات للحصول على الرّبح السريع، سواء كانت مناسبات دينية، أعياد، رمضان أو مناسبة موسم اصطياف، فالمناطق الساحلية بولاية بومرداس مثل كاب جنات ودلّس وزمّوري لا تتردّد هي الأخرى في اتّباع المتبّع في المناطق الأخرى. فالزّائر لولاية بومرداس التي تعرف إقبالا واسعا للمصطافين من ولايات عديدة من بينها تيزي وزو، العاصمة والبويرة قد يقف مشدوها للمنطق الذي اعتاد عليه التجّار، بدءا بمن فيهم داخل المدينة مرورا بالمناطق الواقعة بالقرب من الشواطىء. إذ أن قارورة من حجم لتر واحد من المياه المعدنية يصل سعرها إلى 50 دج بقلب المدينة ويتعدّى ال 60 بالقرب من الشواطىء، فيما يتضاعف سعر المشروبات الغازية ثلاث مرّات، فالقارورة التي كانت تباع ب 45 دينارا يرتفع سعرها إلى 70 و80 دج. وتطال الأسعار حتى الفواكه والوجبات الغذائية، حيث يرتفع طبق السردين إلى 150 دج مع أن سعر الكيلوغرام منه ينزل صيفا إلى 50 دج، فيما يعرف لحم الدجاج أيضا ارتفاعا يخرج عمّا هو مألوف في ولايات أخرى. وفي الحقيقة إن هذه الذهنية المطبّقة على الزوّار، سواء ببومرداس أو أيّ ولاية ساحلية تتعارض مع التوجّه العام المتمثّل في تحويل الجزائر إلى مقصد سياحي لأن السياحة في البلدان التي لها تقاليد في هذا الميدان تعني الإحساس بالرّاحة والطمأنينة في المناطق التي تسبح فيها، ويعني ذلك أن نجاح السياحة مرهون بتغيير بعض الذهنيات طالما أن مضاعفة سعر الماء خلال فصل الصّيف هو نوع من العنف. *** عائلات تتزوّد بالأكل والشرب من منازلها هذا الوضع الضاغط يجعل أيّ عائلة تحسب له ألف حساب قبل خروجها من البيت حتى في حالة قضاء يوم واحد فقط بالشاطىء حسب أحد المتردّدين على شواطىء الولاية، لأنها مطالبة بتوفير مصاريف الأكل والشرب والنّقل، بل إن المنطق الذي فرضه التجّار بالمناطق الساحلية قاد العديد من العائلات إلى التخلّي عن البحر بعد أن خلصت أعداد منها إلى اتّباع تقليد اقتناء ما يلزم من مأكولات ومشروبات معها من البيت بدل شرائها، لا سيّما تلك التي تأتي من الولايات الداخلية