أصبح اللجوء إلى هذا الإجراء أشبه ما يكون بقاعدة يسير عليها أغلب التجار بولاية الطارف، سيما وأن سكان القالة يعترفون بأن موسم الاصطياف يستثمره التجار كيفما شاؤوا، بالنظر إلى أن قارورة لتر واحد من الماء المعدني تباع للمترددين على الشواطئ بمقابل يتراوح بين 50 إلى 70 دينارا، بعدما كان سعرها قبل حلول الصيف لا يتعدى 25 دينارا• ويطال التهاب الأسعار المشروبات الغازية، حيث يصل سعر قارورة لتر واحد إلى 100 دينار، حسبما كشف عنه العديد من المصطافين، ويطرح مثل هذا الوضع تساؤلا عن تفشي ما يسمونه هؤلاء بالفوضى وغياب المراقبة التي كان يفترض أن تتولى ردعها الجهات القائمة على قمع الغش، لاسيما وأن سكان القالة والشط وبريحان يجمعون على أن عددا من ''بارونات كراء الخيم'' لا يترددون في بيع وجبة ''ساندويتش بطاطا''، بمقابل يتراوح بين 100 و150 دينار• الالتهاب يطال أسعار الأكل و الماء والمشروبات الغازية أصبح هذا الوضع يضغط على المصطافين إلى تغيير تقليد جديد، وهو جلب ما يلزمهم من مشروبات وأكل وفواكه من البيت بدلا من شرائها، إلا أن المواطنين ممن يترددون على شواطئ الطارف بحثا عن الراحة يواجهون ضغطا من نوع آخر، هو الضغط المتولد عن ارتفاع أسعار النقل• ولعل ما يعكس ذلك أن المصطاف الذي يتردد على شاطئ لحناية، ليس بوسعه أن يستقل بسهولة حافلة أو سيارة أجرة، بقدر ما يجد نفسه مطالبا بقطع مسافة الكيلومترات مشيا ليصل إلى أول منطقة عمرانية، يضيف أحد الذين اعتادوا التردد على الشاطئ• ومن جانب آخر فإن المعاناة من ندرة وسائل النقل استثمرها أصحاب سيارات الأجرة وفق مشيئتهم بالرفع من سعر النقل كيفما شاءوا، فالرحلة على متن سيارة أجرة إلى أحد هذه الشواطئ لا تقل عن 1500 دينار حسبما يشير إليه أحد الشباب• موسم الاصطياف بولاية عنابة لا يشذ عن القاعدة التي تنطوي على استغلال فرصة توافد المصطافين على الشواطئ لنهب جيوبهم بأقصى ما يمكن، بحيث يقر مواطنون هناك على أن التجار يعملون بتقليد الزيادة في أسعار كل قارورة مشروبات يتم تبريدها، سواء كانت مياه معدنية أو مشروبات غازية، وتضاف لها 5 دنانير أو 15 دينارا، ما يعني أنهم يريدون الحصول على تعويض عن الكهرباء التي استهلكت لتبريد هذه المشروبات• يتزودون بالأكل والشرب من المنزل أما أسعار الوجبات بالمطاعم الواقعة بالقرى السياحية والفنادق فتعرف هي الأخرى ارتفاعا، على اعتبار أن تلك المرافق توفر حدا معينا من الرفاهية لزبائنها• واللافت للانتباه أن بعض المواطنين ترسخت في أذهانهم ثقافة استثمار المناسبات للحصول على الربح، سواء كانت مناسبات دينية أو مناسبة موسم الاصطياف• إذ يشير بعض المواطنين إلى أن قارورة ماء من حجم لتر واحد من الماء المعدني يتراوح سعرها بالمطاعم القريبة من الشواطئ بين 80 إلى 90 دينارا، بعدما كان سعرها لا يتعدى 30 دينارا خلال الفصول الأخرى• وهو ما يطرح عدة تساؤلات عن المنطق الذي تسير به هذه المطاعم والمحلات، وعن سبب غياب الرقابة ولجان قمع الغش، بحيث أن تردد المواطن على الشواطئ في الحقيقة فعل سياحي، وراءه هدف الحصول على الراحة وليس تعذيب الذات بعد رجوعه إلى البيت، جراء الضغط النفسي الذي يتعرض له• هذا الوضع جعل العائلات تتردد لقضاء يوم واحد على الشاطئ، لأنها مطالبة بتوفير مصاريف الأكل والشرب والنقل، بل إن المنطق الذي فرضه التجار بهذه المنطقة، قاد العديد من العائلات إلى التخلي عن البحر، بعد أن خلصت أعداد منها إلى اتباع تقليد اقتناء ما يلزم من مأكولات ومشروبات معها من البيت بدل شرائها، لاسيما تلك التي تأتي من الولايات الداخلية•