فتح الإعلامي الفلسطيني البارز عبد الباري عطوان النّار على من يسمّون أنفسهم بالثوّار في ليبيا، منتقدا طريقة تعاملهم مع بعض البلدان الكبيرة، وفي مقدّمتها الجزائر التي وصفها بالدولة العظيمة، مطالبا (ثوّار ليبيا) بالتواضع أمامها وكسب ودّها بدل استعدائها ومعاملتها بطريقة غير لائقة· وقال رئيس تحرير صحيفة (القدس العربي) الصادرة بلندن عبد الباري عطوان لدى استضافته على قناة (بي بي سي عربي) الفضائية إنه يتمنّى ويدعو أن يتواضع (الثوّار مع الجيران) ويتوقّفوا عن التعامل باستعلاء واستكبار مع دول كبيرة يحتاجون إلى دعمها ولا تحتاج إليهم في شيء، وذكر بوجه خاص الجزائر التي أشار عطوان إلى أن قادة ما يسمّى بالمجلس الانتقالي اللّيبي قد ظلموها حين تصرّفوا معها بطريقة غير مناسبة بعد استضافتها عددا من أفراد عائلة القذافي غير المطلوبين للعدالة، فالجزائر، حسب الكاتب الصحفي البارز، لم تقم سوى بإغاثة مستجير حين قبلت استضافة زوجة القذافي وبعض أبنائه غير المتابعين قضائيا، ومع ذلك راح بعض الذين يعدّون أنفسهم قادة للثوّار في ليبيا يصفون ما قامت به الجزائر بالعمل العدواني، مشيرا إلى أن إغاثة المستجير عمل إنساني لا يمكن تصنيفه في خانة (العدوان)· ونصح عبد الباري عطوان صاحب الافتتاحيات الحادّة والمعروف بمواقفه الرّافضة لأيّ عمالة للخارج أو تطبيع مع بني صهيون (ثوّار ليبيا) بتغيير منهج تعاملهم مع الجزائر التي أكّد أن اللّيبيين بحاجة إليها، وأن على المجلس الانتقالي اللّيبي طلب ودّها بدل معاملتها كعدو، مؤكّدا أن الجزائر دولة عظمى لا يصحّ التعامل معها بتلك الطريقة ومشدّدا على أنه على من يسمّون أنفسهم بالثوّار البحث عن الودّ والعلاقات الطيّبة مع البلدان الإفريقية المهمّة وفي مقدّمتها الجزائر وجنوب إفريقيا· وكان عطوان قد فتح النّار أكثر من مرّة على من يسمّون بالثوّار في ليبيا، حيث رفض أن يتخلّصوا من العقيد القذافي ليقوموا بإنشاء نظام لا تختلف ممارساته عن نظام القذافي· وكانت الطريقة التي أعدم بها (الثوّار) العقيد القذافي، دون محاكمة بعد تعذيبه، القطرة التي أفاضت كأس عبد الباري عطوان الذي كتب قائلا: (أن يخرج مئات الآلاف من الليبيين للاحتفال بمقتل الديكتاتور معمّر القذافي بعد استعادة مدينتي سرت وبني وليد آخر معاقلة، فهذا أمر متوقّع علاوة على كونه مشروعا، لأن أبناء الشعب الليبي عانوا ولأكثر من أربعين عاما من ظلمه وطغيانه وفساد نظامه، لكن ما خيّب آمالنا هي الطريقة غير الإنسانية التي عومل بها الزّعيم اللّيبي بعد إصابته وأسره، وكذلك بعض أبنائه والمقرّبين منه)، مضيفا: (لسنا ولا يمكن أن نكون مع قتل الأسرى وجرجرة جثامينهم بالصورة التي شاهدناها جميعا عبر شاشات التلفزة العربية قبل الأجنبية)· وقال عطوان: (ديننا الإسلامي الحنيف وتقاليدنا وقيمنا العربية التي نفتخر بها ونعتزّ توصي بالعناية بالأسير وإكرام وفادته وتضميد جراحه، هكذا أوصانا رسولنا محمد صلّى اللّه عليه وسلّم، وهكذا فعل كلّ الصحابة وقادة جيوش الفتح المسلمين، وعلى رأسهم المجاهد الأكبر النّاصر صلاح الدين الذي ضرب مثلاً للبشرية جمعاء في تعاطيه الاخلاقي مع الأسرى الصليبيين)· ويرى رئيس تحرير صحيفة (القدس العربي) أن هناك اتّفاقا مسبقا بين أنصار المجلس الوطني اللّيبي الانتقالي وقادة دول حلف (النّاتو) على تصفية العقيد معمّر القذافي وأبنائه والمقرّبين منه جسديا وعدم اعتقالهم أحياء (لتجنّب تقديمهم لمحاكمات عادلة يمكن أن تؤدّي ألى كشف أسرار وملفات لا يريد هؤلاء أن تظهر إلى العلن، خاصّة تلك المتعلّقة بتعاون أجهزة الأمن الغربية مع النّظام السابق في قمع وتعذيب واغتيال شخصيات ليبية معارضة)·