على الرغم من التطور الذي عرفته الجزائر في جل المجالات ومساندة المرأة لأخيها الرجل ووقوفهما معا جنبا إلى جنب، إلا أن بعض الذهنيات وللأسف بقيت متفشية في مجتمعنا والتي عرفتها بعض الأسر إبان الاستعمار بل حتى أن هناك من الأسر من حافظت على الحق في تعليم أبنائها آنذاك وجابهت عثرات المستعمر الغاشم. نسيمة خباجة يبدو أن بعض الأسر لازالت مظاهر التخلف متفشية على مستواها كون أن من الأولياء من يمنعون أبنائهم من الدراسة لاسيما البنات بدافع المحافظة على شرف العائلة وسمعة البنات ولو أن الأمر مستبعد بالنسبة للذكور إلا انه لازال متفشيا ببعض المناطق النائية التي لا يعرف أطفالها عنوانا للقراءة والكتابة، بل زحفت العدوى حتى إلى داخل المدن بحيث أن هناك من الأسر من تحبس أطفالها بين الجدران لا قراءة ولا تعلم فالفتاة بعد سن 12 وبداية بروز مظاهر الأنوثة لا يحق لها أن تتابع خطواتها إلى خارج المنزل. العينات التي التقينا بها والتي هي من صميم الواقع جعلتنا نذهل وجعلت ألسنتنا تعقد من شدة الدهشة خاصة بعد أن تيقنا أن هناك من الأسر من لا تزال لا تعترف بحق أبنائها في التعليم وتقوم بتقييد حريتهم وتحبسهم بين الجدران ولو كان الأمر متقبلا نوعا ما في المناطق النائية التي تبقى بعيدة نوعا ما عن مظاهر الرقي والتحضر، مست العدوى حتى المدن الحضرية بحيث أن هناك من الأولياء من لايزالون متشددين ويمنعون خاصة بناتهم من وطأ المدارس كون أن خروج البنت من اجل الدراسة يجلب العار للعائلة ويجعل سمعة الفتاة في قفص الاتهام. التقينا على مستوى محطة النقل بالعاصمة بإحدى السيدات وابنتها التي لا تتعدى سن 13 عاما خاصة و أن بنيتها الجسدية الضعيفة لا تقارن مع سنها وتجعلها تظهر اقل منه، وفي حديثنا معها توصلنا إلى أن تلك الفتاة المسكينة التي أعطتها أمها في ذلك اليوم الحق في التنزه بعد أن حبست لأيام في المنزل لا تدرس ولم تعرف طريقا للمدرسة، وفي سؤالنا لها هل الفتاة في عطلة مع بداية العام الدراسي ردت الأم بعد أن احمر وجهها من شدة الخجل بالقول أنها لا تدرس وتتعلم بالبيت، فمن يعلمها بالبيت هل الجدران أم مستلزمات القيام بالأشغال المنزلية؟!، فكنا نصدقها لو أنها ردت بالقول أن لا حاجة لها بالدراسة وأنها تهيئها للزواج، الذي لم يعد ينفع في الوقت الحالي أحيانا في ظل عدم توفر ظروف المعيشة ومتطلباتها الصعبة. لتضيف الأم انها واتتها الفرصة لتترك الابن بالمنزل وتعطي لها الفرصة من اجل التنزه والتجوال، ذلك الابن الذي دون شك يخضع لنفس المصير مثله مثل أخته المسكينة التي لا تعرف ما يخبئه لها المستقبل المجهول لاسيما وأنها تجهل القراءة والكتابة و كانت تطلق ابتساماتها البريئة وتنظر إلى من حولها فيما كانت أمها في غاية الغبطة بعد أن دهست حقا مخولا لأبنائها شرعا وقانونا حتى أن ديننا الحنيف يأمر بالتعلم وأول آية نزلت على رسولنا الكريم أمرت بالقراءة والتعلم. تلك العينة التي كشفت لنا عن الآفة التي يتخبط فيها العديد من الأطفال والذين حرمتهم أسرهم من حقهم في التعلم، هي على سبيل المثال لا الحصر وتتداول خاصة في المناطق البدوية التي تحرم على الفتاة الخروج إلى خارج المنزل وحتى الذكور الذين تمسهم هم الآخرين آفة المنع من التعلم، ومؤخرا انتقلت العدوى إلى المدن الحضرية التي لا يصدق العقل أن بها أسرا تحبس أبنائها بين الجدران بدافع الحشمة والدفاع عن الشرف، على الرغم من أن الحق في التعلم هو حق شرعي للأبناء ومن واجب الأولياء تسهيل الخطوة وإدراجهم بالمدارس حتى أن القانون يعاقب على من يمتنعون عن ذلك. في حال كشفهم، وانعدام الرقابة أطلق الحبال لهؤلاء لكي يفعلوا ما يشاءون بفلذات أكبادهم، في الوقت الذي تتهافت عائلات أخرى على إدراج أبنائها بالمدارس الخاصة ودفع الملايين من اجل تعليمهم فيما تضرب عائلات أخرى بذلك الحق عرض الحائط دون أدنى مبالاة بالمخلفات السلبية لذلك على مستقبل الأبناء.