توالت مؤخرا على الأمة العربية والإسلامية الفواجع، فبعد رحيل الكاتب والمفكر الكبير »عبد الله المسيري« جاء نبأ وفاة المفكر المثير للجدل »ناصر أبوزيد« تلاه بأيام التحاق المرجع الشيعي اللبناني الكبير العلامة فضل الله حسين، وفي بداية الأسبوع الجاري لحق بهم الكاتب الجزائري المرموق والذائع الصيت الدكتور »عبد الله شريط« الذي ملأ الدنيا ومنذ اندلاع الثورة التحريرية المباركة وطنية وأدبا وفلسفة وتنظيرا في علم الاجتماع والتربية وأيضا دفاعا عن القضية الجزائرية العادلة في الصحافة والإذاعة قبل الاستقلال وبعده إلى بداية التسعينيات، وهذا كله في سبيل القيّم واللغة واستعادة للسانها وشخصيتها العربية الإسلامية، التي وقف لها ندا بعض المستغربين بدعوى الحداثة والعصرنة، والكل يتذكر خلال السبعينيات ما بذله الراحل من جهود مضنية لوقف الزحف التغريبي الفرنكوفوني الذي كان يمثله المرحوم »مصطفى الأشرف«..؟ لقد كان الأديب »عبد الله شريط« فكرا ومنهاجا ووطنية قائمة بذاتها، تدافع وتقنع بالحجة والبرهان، عن كل قيّم وثوابت الشعب الجزائري والأمة قاطبة، وقد كان برنامجه الشهير بالإذاعة الوطنية »الأخلاق والمجتمع« رفقة المرحوم »مصطفى عبادة« مدرسة حقيقة تربت عليها أجيالا من المثقفين والوطنيين الذين كانوا اليوم خير خلف لخير سلف، ليس فقط في الجزائر وإنما على امتداد المغرب العربي الكبير والوطن العربي وأفريقيا..! إن موته وإن كان بعد سنوات طويلة من العطاء والكفاح بالكلمة المسموعة والمقروءة في الإذاعة والصحافة والجامعة وعبر مختلف المنابر، يعتبر خسارة كبرى لا يعادلها إلا الإيمان بقضاء الله وقدره والتسليم به ..؟ رحم الله مفكرنا الكبير وأسكنه فسيح جنانه وتجاوز عنه وأهم ذويه وتلامذته الحقيقيين والروحيين وكل الوطنيين الأحرار في داخل الجزائر وخارجها، جميل الصبر والسلوان، وإن الرجل رغم ما قيل فيه ورغم التهميش ونكران الجميل الذي تعرض له والذي لقيه على أيدي الذين لا يعرفون مكانته الفكرية والسياسية والأدبية، ونضاله الطويل الشاق في سبيل جزائر قوية وعصرية متفتحة على العالم ومحافظة على شخصيتها وأصالتها المتميزة إلا أنه بقي صامدا محتسبا، وهو فوق ذلك لم يمت، ذلك أن الذي ترك فكرا ومنهاجا، سوف يخلد الدهر وسوف يذكره التاريخ يوم أن يتناسى وينسى كل والي أو حاكم خلال عصره، واللهم يرحم جميع قادة فكر في الأمة العربية والإسلامية..؟!