كسر وصقل الحجارة النشاط الوحيد لكسب لقمة العيش بقرى "ياكوران" لا تزال وتيرة التنمية بأغلب القرى المنتشرة بإقليم بلدية ياكوران الواقعة أقصى شرق مدينة تيزي وزو، تسير بخطى السلحفاة، فيما تعلق بالمشاريع القليلة المنطلقة على مستواها والمبرمجة في إطار التنمية البلدية، في حين كبحت عجلة التنمية بالعديد من القطاعات الحيوية التي ما فتئ السكان يطالبون بها ويلحون على ضرورة تزويد المنطقة بها كونها مشاريع ومرافق من شأنها التخفيف من حدة العزلة والتهميش المفروض على أغلب القرى المتناثرة في غابات وأدغال ياكوران الواسعة· الظروف المعيشية المزرية المترصدة بعامة القاطنين عبرها دفعت بالكثير من سكانها في مقدمتهم الشباب لمغادرتها بحثا عن حياة أفضل على الأقل توفر لهم مصدر رزق وذلك نحو المدن الكبرى أو ركوب موجة الهجرة شرعية كانت أو حرقة· هروبا من اللامبالاة التي تصدم بها انشغالاتهم باستمرار حيث اصطدمت دوما بلا مراعاة السلطات المحلية لمختلف انشغالاتهم ومتطلباتهم الأساسية، التي يتقدمها النقص الفادح لمناصب وفرص الشغل ما جعل من البطالة تتخذ لنفسها حصة الأسد في صفوف الشباب، بنسبة تزيد عن 70 بالمائة، يليها مشكل السكن، معانات البحت عن قارورات غاز البوتان، بالإضافة إلى غياب الهياكل والمرافق الترفيهية والثقافية والرياضية، وغيرها من النقائص التي جعلت من معالم الحياة الريفية تلازم هذه القرى وتأبى مفارقتها رغم دخول معالم التمدن والتحضر على العديد من قرى الولاية التي انتعشت بفعل البرامج التنموية المختلفة المسجلة في العديد من القطاعات·· البطالة تستفحل ولا خيار عن الهجرة اضطر العديد من شباب قرى ياكوران الذين لم يسعفهم الحظ في الظفر بمنصب عمل أو الهجرة نحو الدول الأوروبية بحثا عن مستقبل أفضل، لاستغلال ما وهبته إياهم الطبيعة، التي كانت وعلى مدار قرون مضت مصدر عيش وقوت الأسلاف، ولأن الحاجة كانت الدافع الأساسي يلجأ إليها هؤلاء للاعتماد على عائدات صقل وكسر الحجارة بالتوجه لغابات المنطقة وسط طرق محفوفة بالمخاطر لانتشار الجماعات الإرهابية من جهة والحيوانات البرية في مقدمتها الخنازير من جهة أخرى، يمارس هؤلاء هذه المهنة بالرغم من انعكاساتها الخطيرة على صحتهم أمام انعدام الوسائل والإمكانيات التي من شأنها حمايتهم، ويعتمد هؤلاء على وسائل جد بسيطة لكسر الكتل الصخرية الضخمة، ومن جهة أخرى يتسبب الجهد المفرط الذي تتطلبه العملية في العديد من الانعكاسات السلبية على ممارس هذا العمل المضني، إلا أنه وكما ذكرنا فإن انعدام المشاريع التنموية التي من شأنها خلق مناصب شغل لأبناء المنطقة ورفع الغبن عليهم، جعل صقل الحجارة جحيما لا بد منه ولا مفر من قساوة العيش والبطالة إلا أحضان الطبيعة· ولأن الحجارة المصقولة أصبحت تعرف رواجا وإقبالا منقطع النظير بإقليم الولاية وحتى تلك المجاورة لها استطاعت هذه المهنة ورغم خطورتها جلب اهتمام فئات أخرى من الشباب وهم المتمدرسون من طلبة جامعيين وثانويين هؤلاء الذين يتخذون من فترات استراحتهم وعطلهم فرصة مناسبة لكسب المصاريف الشخصية وتخفيض الأعباء على أرباب العائلات الذين لا يختلف حالهم عن هذه الفئة المذكورة، حيث تجد قصر ومراهقين لا تتعدي أعمارهم السادسة عشرة يتوافدون على الصخور بشغف لأجل العمل وكسب مصاريف إضافية تغطي جانب من حاجياتهم الخاصة، ورغم جملة المخاطر المترصدة بهم إلا إن شباب ياكوران يعتبرون مثالا يقتدى به في رفع التحدي والصمود في وجه الآفات والإجرام المترصد بهم· أزمة السكن هاجس ينغص حياة السكان معاناة العديد من قرى بلدية ياكوران ونقائصها لا يوجد أي قطاع في منأى عنها، إلا أنها النقص المطروح بها يصنف بدرجات حسب أهميتها في حياة المواطن، فبعد أزمة البطالة و انعدام فرص العمل يطرح السكان مشكل السكن الذي يفرض نفسه بقوة في المنطقة، حيث تفتقر العديد من السكنات التي يقطنها المواطنون لأدنى ضروريات الحياة الكريمة، وبالرغم من الاستفادة من إعانات مالية في إطار برنامج البناءات الريفية إلا أن الحصة التي استفادت منها بلدية ياكوران تبقى بعيدة عن عدد الطلبات المودعة لدى مصالحها نظرا لعدد العائلات المعوزة والتي لا تزال بحاجة ماسة لسقف آمن يأويها· دون نسيان رغبة الشباب في إنجاز مسكنهم الخاصة بغرض الإقبال عن الزواج والاستقرار بالمنزل الزوجية بعيدا عن المنزل العائلي بالاستعانة بهذه الإعانات بعد أزمة السكن الاجتماعي المطروحة. الغاز الطبيعي حلم قد يتحقق قريبا يطالب سكان العديد من القرى المتناثرة بإقليم البلدية والتي تقع على ارتفاعات تزيد عن ألف و500 متر بتزويدها في القريب العاجل بالغاز الطبيعي وذلك لكونه يمثل أكثر من ضرورة بهذه المنطقة التي تعزل بها القرى أحيانا لمدة أسابيع بفعل تراكم الثلوج ناهيك عن البرد القارس الذي تعرفه وتجدر الإشارة إلى أن هذه القرى تعاني ويلات العزلة وقسوة الطبيعة خاصة في فصل الشتاء، مشروع الغاز الطبيعي سيتمكن من إعادة بعث الحياة على مستوى هذه القرى الجبلية، التي لا يزال سكانها يعيشون حياة بدائية، من حيث النقص الفادح لهياكل القطاعات الحيوية وتعرف معاناة مستمرة في البحث على قارورات الغاز الذي تطرح ندرته بشدة أيام الشتاء لصعوبة تنقل الشاحنات لانزلاق الطرقات وتجعل السكان في رحلة دائمة للبحث عنها، وكثيرا ما تضطر العائلات المعوزة للاعتماد على الحطب في الاستعمالات اليومية، ما أثر سلبا على الغطاء الغابي بالمنطقة، هذا الإفراط غير العقلاني في القضاء على أشجار الغابة ليس من حل ينهيه سوى توفير الغاز الطبيعي الذي يعد توفره على مستوى القرية أكثر من ضرورة.