بالرغم من اكتساح الموضة السوق الحديثة وتنوع الملابس الشتوية المستوردة والمحلية إلا أن الولع الشديد والتمسك بالموروث التقليدي جعل (لباس القشابية) يظل صامدا ومطلوبا في السوق، بل أصبح يمثل نموذجا للتباهي وخاصة خارج الوطن، كما أنه صار الهدية المفضلة لضيوف الجزائر من مشاهير وأدباء وسياسيين، القشابية هي أهم لباس تقليدي شتوي في الجزائر، وتنتشر بكامل مناطق الجزائر وهي بالتالي تتنوع أشكالها من منطقة إلى أخرى، فنجد القشابية النايلية وهي الأكثر رواجا وطلبا وتتنوع بين الصوفية والوبري وتعتبر منطقة مسعد عاصمة النسيج الوبري في الجزائر، وهناك القشابية الأمازيغية (الجبلية) وفي غالبها صوفية وتتركز في منطقة الشاوية والقبائل وتتميز بأنها قصيرة وهذا راجع للطابع الجبلي للمنطقة، وقد استعملها المجاهدون إبان ثورة التحرير لتقيهم برد الشتاء وتسهيل عملية التنقل، وأما القشابية الحضنية وهي تشابه القشابية النايلية إلا أن فيها تحسينات تتلاءم وطبيعة منطقة الحضنة وخاصة في زخرفة الحواشي والصدرية وتتنوع بين الصوفية والوبرية· إن الطلب الواسع على هذا المنتوج التقليدي دفع بالكثير من الشباب وخاصة الإناث إلى امتهان الحرفة والإبداع فيها، ورغم المخاوف من اندثار الحرفة إلا أن المنتوج يلقى رواجا واسعا من خلال الطلب المتزايد من فئة الشباب ويعرض في محلات البيع والمعارض والصالونات المحلية والوطنية بأشكال متنوعة ولكافة الأصناف، ويتوزع حرفيو خياطة القشابية بين مدينتي المسيلة وبوسعادة وخاصة منطقة بوسعادة التي هي امتداد لمنطقة مسعد في خياطة النوع الأصيل للقشابية مع إضفاء الطابع المميز لمنطقة بوسعادة، ويوجد أكثر من 213 حرفيا ينشط بصفة رسمية (مسجل في سجل الصناعة التقليدية)على مستوى ولاية المسيلة 46 منهم حرفيو النسيج و167 حرفيو الخياطة التقليدية، وأكثر من ضعف العدد للناشطين الحقيقيين في خياطة القشابية، وقد عرف هذا المنتوج تحسينات وإبداعات متواصلة لمسايرة رغبات الشباب والتماشي مع متطلبات العصر، فقد أصبحت تصنع القشابية النصفية وفوق النصفية مشابهة للمعطف الحديث وذلك لتسهيل الحركة وإعطاء جمالية مميزة للابسيها· يسوّق منتوج القشابية الحضنية في محلات البيع من طرف التجار الذين يشترون المنتوج من طرف الحرفيين المختصين وغالبا ينشطون بصفة غير رسمية، وقد يسوّق مباشرة من طرف الحرفيين الرسميين عبر الصالونات والمعارض المحلية والوطنية، وتجدر الإشارة إلى أن الوزارة الوصية للصناعة التقليدية تنظم معارض خاصة بالقشابية، فهناك الصالون الوطني للمنسوجات الصوفية والوبرية وينظم بين ولايتي الجلفةوالمسيلة، وعيد البرنوس الذي كان ينظم سابقا في مدينة بوسعادة، وعيد الكبش وينظم في مدينة الجلفة أو مدينة مسعد الصالون الوطني للقشابية والبرنوس وتنظم في مدينة الجلفة معارض الصناعة التقليدية في ولايات الجلفة، المسيلة، المدية، المعارض التجارية في ولايا ت: سطيف، باتنة، الجزائر العاصمة· ولقد تفوق المنتوج التقليدي المسيلي على المستوى الوطني بفضل منتوج القشابية، ففي سنة 2003 توجت الحرفية سميرة قطوش بالجائزة الوطنية للصناعة التقليدية المنظمة من طرف وزارة السياحة والصناعة التقليدية، وفي سنة 2011 توج الحرفي يحيى دحماني بالجائزة الوطنية للصناعة التقليدية الفنية من طرف وزارة السياحة والصناعة التقليدية، وقد عرف منتوج القشابية إقبالا واسعا من طرف الزوار وإعجابا لا متناهيا في الصالون الدولي للصناعة التقليدية المنظم من 23 إلى 28 نوفمبر 2011 بقصر المعارض، وقد صمد هذا المنتوج التقليدي أمام كل أوجه الموضة وتنوع المنتوجات الشتوية وخاصة المستوردة من الخارج وهذا لاعتزاز أبناء المنطقة بهذا الموروث وتعبيرا منهم عن المكانة الاجتماعية لهم·