يعتبر السكن من أهم مطالب سكان العاصمة بالنظر إلى الوضع الكارثي الذي تعيشه معظم الأسر خاصة في الأحياء الشعبية المليئة بالبيوت الهشة والضيقة، ومن جهة أخرى البيوت القصديرية التي لا تريد الاختفاء عن وجه العاصمة بسبب عدم وجود حل آخر أمام المواطنين الذين يضطرون إلى العيش في أسوأ الظروف تحت أسقف هشة بانتظار أن تبادر السلطات المحلية إلى منحهم حقهم في السكن اللائق·· ورغم ما شهدته مختلف مناطق العاصمة خلال السداسي الثاني من سنة 2011 من الإعلان عن استفادة عدد معتبر من السكان من السكنات الاجتماعية وما تبعه خلال الفترة الأخيرة من نهاية السنة من العملية الواسعة لإعادة إسكان سكان البيوت القصديرية في أهم المناطق التي كانت تعاني من التهميش طيلة سنوات عديدة قاربت العشر السنوات في بعض الأحياء، إلا أن السكن لازال يشكلا اهتماما كبيرا لدى غالبية الأسر بالنظر إلى الكم الكبير من البيوت الهشة والمساكن الأخرى التي تعرف ضيقا كبيرا بالمقارنة مع عدد الأفراد القاطنين فيها منذ سنوات طويلة، إلا أن المخطط الخماسي الخاص بالسكن والذي بدأ منذ 2010 إلى غاية 2014 يعد بالكثير للعاصميين بصفة خاصة كما أكد والي الجزائر في العديد من المناسبات، إلا أن المشكل أكبر من ذلك بكثير ويطرح نفسه بشدة عبر قدرة بعض المواطنين خاصة ذوي الدخل المحدود الضعيف على تكاليف كراء السكن الاجتماعي وهم أول فئة معنية بهذا السكن، فالكثير من العائلات العاصمية اشتكت لنا من عدم قدرتها على دفع تكاليف الكراء خاصة مع ارتفاع تكاليف الكهرباء والماء في ظل تدني دخلها، ففي بادئ الأمر كانت فرحتها واسعة وعارمة بهذا السكن الذي طالما انتظرته، ورغم عدم قدرتها على التكاليف الأولية للسكن والتي تقدر ب 5 ملايين للشقة ذات الغرفتين و7 ملايين للشقة ذات ثلاث غرف، إلا أنها تحاملت على نفسها إلى أن استطاعت دفع هذه المستحقات المالية، ومع مرور الوقت وجدت نفسها مضطرة إلى دفع تكاليف الكراء بصفة شهرية، فاستعصى عليها الأمر خاصة أن البعض من هذه الأسر التي استفادت من السكن الاجتماعي في السنوات السابقة لجأت إلى إجراء بعض عمليات التصليح والتحديد في بعض مساكنها الجديدة التي كانت حسبهم تفتقر إلى العديد من الضروريات، فتراكمت عليهم المصاريف، ففي بادئ الأمر شرعوا في دفع تكاليف الكراء لبضعة أشهر ثم سرعان ما ضاقت عليهم الأحوال مع ازدياد المصاريف خاصة فيما يتعلق بفواتير الكهرباء والغاز، بالإضافة إلى مصاريف الحياة اليومية وخاصة مصاريف النقل، فمثلا الذين التقينا هم ممن استفادوا من السكن الاجتماعي على مستوى بلدية الجزائر الوسطى وانتقلوا إلى منطقة المعالمة بزرالدة، فبعد أن كانوا بوسط العاصمة انتقلوا إلى منطقة بعيدة كما أن معظم أعمالهم تتركز في وسط العاصمة، فكان عليهم أن يتكبدوا تكاليف معتبرة فيما يخص عملية تنقلهم، وبالتالي تعذر عليهم دفع مصاريف الكراء فتراكمت عليهم مع مرور الوقت هذه الأعباء، ولجأت السلطات المحلية والتسيير العقاري إلى مطالبتهم بالمصاريف ومع تعذر دفعها لأنها كانت بقيمة جد مرتفعة نظرا لتماطلهم في دفعها لأكثر من عام عند البعض ومن ثمة اللجوء إلى الحلول القانونية التي لا مفر منها، ويكون المستفيد من هذا السكن الاجتماعي إلى دفع التكاليف مع الغرامة المحددة وفي الكثير من الأحيان لا يستطيع دفعها، فلا تحصل السلطات المحلية حقها من هذه العائلة ذات الدخل البسيط، وتبقى هي الخاسرة لأنها منحت السكن الاجتماعي لمواطنين من أصحاب الدخل الضعيف وفرضت عليهم دفع تكاليف ربما هي ميسرة للبعض، إلا أن هذه الفئات غير قادرة على الالتزام بدفعها شهريا بالنظر إلى دخلها الضعيف وإلى التكاليف الأخرى كالكهرباء والماء، ومن جهة أخرى فهي لم تعتد بعد دفع هذه التكاليف في مساكنها القديمة، فأغلب السكان في العاصمة لا يدفعون مصاريف الكراء وحتى الكهرباء يلجأون إلى حيل ما للتقليل من قيمته، فهل ستعيد السلطات النظر في سياسة السكن الاجتماعي في ظل هذه الخسائر التي تتكبدها بمنحها السكن الاجتماعي لموظفين غير قادرين على تكاليفه·