شرّع الله للرجل الزواج من امرأة واثنتين وثلاثة ورباعى، وذلك لحكمة يعلمها سبحانه، كما أنّ اشترط على من يرتبط بأكثر من امرأة أن يعدل بين زوجاته، وألا يفرق بينهن ولا يفضل إحداهن عن الأخرى، لكن ما يفعله بعض الأشخاص ينافي ذلك تماما. بعض الرجال لا يكتفون بإهمال شرط العدل بين الزوجات، بل إنهم يأخذون من هذه ليمنحوا تلك، ويعطفوا على الأولى ويقسوا على الثانية، وينفقوا على واحدة ويهملون أخرى، وهي تصرفات يفعلها بعض الأشخاص الذين لم يفقهوا الدين، أو وضعوه في آخر حساباتهم، فأخذوا منه ما أرادوا وتركوا ما لا يوافق أهواءهم. يتزوج بعض الرجال بامرأة واثنتين وثلاث وأربع، وقد لا يكون الرجل قادرا لا على إعالتهن ولا الاعتناء بهن ولا حتى المساواة بينهن، بل قد لا يكون الرجل مستعدا حتى للزواج بواحدة فما بالك بأكثر، وهو ما يحدث مع البعض، حيث أنهم يرتبطون بأكثر من امرأة، وعادة ما تكون مجرد شهوات عابرة وفقط، ويكونون غير قادرين على الزواج لا معنويا ولا ماديا، حيث لا يفرقون بين امرأة وأخرى فحسب، بل قد يهملون هذه لأيام وأسابيع وأشهر ويفرطون في الاعتناء بغيرها وهكذا، بل إنهم يبلغون من نذالتهم ووقاحتهم أن يأخذوا من هذه ليمنحوا الأخرى وهكذا. وهو ما فعله زوج السيدة »ر« والتي اشتكت لنا من ظلم وتعنت زوجها، هذا الأخير الذي تزوج بامرأتين قبل أن يرتبط بها، وكانت تعتقد في البداية أنه ليس مرتبطا إلا بواحدة، ولم تعرف حقيقته إلا بعد زواجها، لكنها لم تستأ كثيرا ما لم تقع في الحرام، وقد أبدى زوجها في الأول نيته في أن يجعلها خيرا من زوجاته الأخريات، لكنها دعته ألا يفعل،لأن ذلك سيغضب الله الذي أمر بالعدل بين الزوجات اللائي لا بد أن يكن في مرتبة واحدة، فما كان من زوجها إلا أن بقي معها أسابيع وتركها شهورا، كما لو كان سئم منها، وعاد إلى زوجته الأولى التي بقي عندها سنة كاملة لا يسأل عن الزوجتين الأخرتين، وقالت نفس السيدة إن الأمر صار بعد ذلك لا يطاق، فهي لم تعد تحسب نفسها متزوجة، بل صارت أتعس مما كانت في بيت أهلها، إلى أن جاء يوم، عاد زوجها إليها مرة وأبدى نيته في أن يعدل بينها وبين الأخريات في مستقبلهن، فرحت لهذا الخبر وظنت أن زوجها عاد إلى رشده، وقرر أخيرا أن يعدل بين زوجاته، لكن زوجها كان يبيت نية أخرى، حيث راح يخبرها أن تجارته قد كسدت وأنه لا بد عليها أن تقرضه من مالها وجواهرها، حتى يقف مجددا، ففعلت، ولكنها اكتشفت بعد تلك الحادثة أنه كان يأخذ منها مالا وذهبا ليعطيه لزوجته الأولى، وأنه يفعل نفس الشيء مع ضرتها الأخرى، فلم تحتمل »ر« الوضع وقامت بمقاضاته. نفس الشيء وقع لسلمى، التي تقول لنا إنها وقعت ضحية زوج خادع، جعلها تصدقه إلى أن سلبها كل شيء كانت تملكه قبل أن ينفصل عنها ويتركها تواجه مصيرها لوحدها، وكانت البداية عندما أخبرها بنيته في الزواج ثانية، ورغم أنها استاءت إلاّ أنها لم تستطع أن ترفض، خاصّة وأنها لا تنجب أطفالا، ما جعلها تتفهم الوضع وتسمح لزوجها بالزواج، لكنها لم تكن تحسب أنّ المرأة التي سيتزوجها ستكون بمثل تلك الوقاحة والنذالة، حيث أنها صارت تطلب منه طلبات لم يكن قادرا على تلبيتها وتنفيذها، وقد غيرت فيه كثيرا، حتى أنه نسي كل شيء لأجلها، وراح ينفق من ماله الكثير، بل إنه صار يقترض نقودا لأجلها، ولما فرغت جعبته، اتجه إلى زوجته الأولى، وراح يسلبها كل شيء، واعدا إياها تارة بأنه سيعيد لها ما أخذه منها، ومهددا إياها مرّة أخرى بأنه سيطلقها ويتركها تواجه مصيرها، كانت تصدق أكاذيبه وترضخ لتهديداته، إلى أن جاء يوم سئمت منه ومن ألاعيبه، واتخذت قرارا بأن تنفصل عنه، وفعلا فقد فعلت، أما زوجها، فتحكي لنا أنه فقد كل شيء بعدها، وانفصل هو الآخر عن تلك المرأة التي جعلته يفرط في كل شيء، وتقول لنا سلمى كخلاصة لمعاناتها إنّ أسوا شيء في الرجل أن تكون شخصيته ضعيفة، وهو الأمر الذي يجعل كل شيء يؤثر فيه وخاصّة النسوة اللائي معروف عنهن مكرهن، وهو ما جعل زوجها بعدها يعود إليها ويطلب منها الاعتذار، لكنها لم تقبل لأنها تدرك أنه لن يتغير، ومثلما فعل مع تلك المرأة سيفعل مع غيرها. تحدث كل هذه المشاكل في وقت عدل فيه قانون الأسرة وقيد الزوج بشأن إمكانية تعدد زواجه بأكثر من امرأة، حيث صار لا بد عليه أن يستشير الزوجة الأولى إذا ما أراد الزواج من ثانية، ومن الأولى والثانية إذا ما أراد الزواج من ثالثة وهكذا، كما من شأن الزوجة أن ترفق عقد الزواج بشرط يحرم على الزوج أن يرتبط بأخرى، غير أنّ أغلب النسوة إما يجهلن هذه القوانين كلها، وإما أنهن لا يأبهن لها، ويرين الأمر بعيدا إلى أن يوضعن أمام الأمر الواقع.