في الجزائر فقط، تتحالف كل الظروف الطبيعية والمادية والاقتصادية والاجتماعية على رأس المواطن الجزائري البسيط، المغلوب على أمره، الذي يجد نفسه دائما يحارب على عدة جبهات، يغلبها مرة، وتصرعه مرات ومرات، ولا يملك في كل الأحوال غير النضال والصمود والاستمرار من أجل البقاء، ولعل هذا بالذات، هو حال العديد من المواطنين الجزائريين اليوم، الذين يشتكون إلى جانب الأحوال الجوية السيئة، من ندرة الغاز، وندرة في بعض المواد الاستهلاكية، إلى جانب ارتفاع أسعار بعضها الآخر، وعلى رأسها الخضر، التي شهدت ارتفاعا صاروخيا خلال الأيام الأخيرة، موازاة مع احتفال الجزائريين بالمولد النبوي الشريف، من جهة، والاضطرابات الجوية التي تمثلت في الأمطار الغزيرة والثلوج الكثيفة من جهة أخرى· في هذا الإطار، ومن خلال جولة قادت (أخبار اليوم) إلى عدد من الأسواق الشعبية بالعاصمة، فقد وقفنا على مدى الارتفاع المحسوس في أسعار العديد من أنواع الخضر، لا سيما منها الأكثر طلبا واستهلاكا، وعلى رأسها البطاطا، التي وصل سعرها ببعض الأسواق إلى 70 دج، وتراوح في غيرها ما بين 55 و 60 دج، فيما كانت دون 45 دج، خلال الأسابيع الفارطة، أرجع بعض التجار الذين اقتربنا منهم على مستوى سوق عين النعجة بالعاصمة، السبب إلى سوء الأحوال الجوية التي حالت دون تمكن الفلاحين من جني المحصول، بالإضافة إلى عدم وجود يد عاملة كافية في هذا المجال، يمكنها الدخول إلى مختلف الحقول، وجني المحصول، حيث قال أحد باعة البطاطا بذات السوق، إن هنالك من العمال من يرفضون ذلك في مثل هذه الأيام الباردة، حتى وإن كان المقابل مغريا للغاية، الأمر الذي انعكس على وفرة المنتوج بالأسواق، أمام كثرة الطلب، وأدى بالتالي إلى ارتفاع الأسعار لهذا المستوى بانتظار تحسن الأحوال الجوية، ومرور موجة البرد القارس التي تجتاح أرض الوطن هذه الأيام، ناهيك عن عدم مزاولة عدد من التجار، لاسيما من أصحاب الطاولات لعملهم، نتيجة البرودة الشديدة التي اضطرتهم إلى ملازمة منازلهم، فيما أنهم كانوا من يكسرون الأسعار، ويجد المواطنون في العديد من الأحوال ضالتهم ومطلبهم لديهم، مقارنة بالأسعار المعروضة على مستوى المحلات أو داخل الأسواق المغطاة بمختلف أحياء العاصمة· ولم يمس الارتفاع البطاطا فحسب، بل إن أسعار الطماطم، بلغت حدود 160 دج، و الكوسة 150 دج، بالإضافة إلى اللفت التي وصلت لمستوى 70 دج، وهي للإشارة من أكثر الخضر طلبا في المواسم والمناسبات الدينية المختلفة، نظرا لدخولها في تحضير العديد من الأطباق التقليدية، ولذلك فإن الارتفاع في الأسعار الذي كان مرتبطا في السابق بمثل هذه المناسبات، زادته حدة الأحوال الجوية السيئة التي تمر بها البلاد، من ثلوج وأمطار، وبرودة شديدة، وهو ما دفع المواطنين إلى اللجوء للبقوليات والحبوب الجافة كحل أخير، لمواجهة هذا البرد القاتل، والغلاء الفاحش لمختلف أنواع الخضر، وسجل الارتفاع كذلك بالنسبة لأسعار البصل التي بلغت مستوى 40 دج، ونفس الأمر بالنسبة للجزر، أما السلطة الخضراء فهي معروضة حاليا ب100 دج· المواطنون من جهتهم، عبروا عن سخطهم الشديد من مثل هذه المظاهر التي تتكرر في كل مناسبة، وإن كانت الآن قد وجدت سببا آخر، يعلق عليه بعض التجار سبب رفعهم للأسعار، وهو الأحوال الجوية السيئة، رغم أن الأمر حسبهم يتعلق بشكل مباشر بجشع البعض منهم، الذين يحاولون استغلال مثل هذه المناسبات والظروف، لأجل تحقيق هوامش ربح خيالية، قد لا يتسنى لهم تحقيقها في أيام أخرى من السنة، مطالبين ككل مرة، بضرورة تفعيل عمل مصالح المراقبة، لضبط الأسعار وعدم ترك المجال لبعض الأطراف التي تتحكم بها وفقا لما يخدم مصالحها لا غير·