شهدت أسعار المدافىء بأنواعها ارتفاعا ملحوظا خلال الأسبوعين الأخيرين، بالتزامن مع موجة البرد الشديدة وغير المسبوقة، عبر عدة مناطق من الوطن، إلى جانب كميات الثلوج الكثيفة التي تسببت في عزل عدة قرى ومداشر بأكثر من 20 ولاية جزائرية، وعرفت درجات الحرارة مستويات منخفضة للغاية، لم يسبق للكثيرين أن عايشوها، وهو ما رفع الطلب على المدافىء سواء الكهربائية أو الغازية، كما انعكس على أسعارها سواء بمحلات الجملة أو التجزئة، فيما لم يكن أمام شريحة واسعة من المواطنين غير الاستسلام لنيران الأسعار، عوض التسليم لموجة الصقيع التي اجتاحت مناطق كثيرة من الوطن مؤخرا، ومن المنتظر استمرارها خلال الأيام القليلة القادمة كذلك· أسعار مضاعفة وإقبال قياسي من خلال جولة قادت (أخبار اليوم) إلى بعض محلات بيع الأجهزة الكهرومنزلية في العاصمة، ومنها إلى سوق الحميز، وقفنا على مدى الارتفاع الملفت لأسعار هذا النوع من الأجهزة، مقارنة عما كانت عليه خلال الفترة نفسها السنة الماضية مثلا، وهي أسعار وصلت إلى الضعف أحيانا، مع تسجيل نقص ملحوظ في أجهزة التدفئة الكهربائية، المعروفة محليا باسم (حمام الزيت)، التي لاقت رواجا كبيرا بين العائلات الجزائرية، نظرا لأسعارها المعقولة وقوة تدفئتها، لا سيما في الغرف المغلقة كغرف النوم وغرف الأطفال، وغرف المعيشة، إضافة إلى أمانها مقارنة بالمدافىء المشتغلة بالغاز، التي تسببت في الكثير من حوادث الاختناق المميتة، ودفعت المواطنين إلى التخلي عنها، أو استعمالها بحذر شديد للغاية· البداية كانت بمحل لبيع أجهزة التدفئة والتسخين بنواحي بئر خادم، صاحب المحل، قال إن الكثير من الأجهزة نفدت خلال الأيام القليلة الماضية، التي شهدت موجة برودة شديدة، فيما كان يعرض آخر النوعيات التي تم طرحها في السوق، وهو عبارة عن مدفأة من الحجم الكبير، تشتغل بالكهرباء، يبلغ سعرها 22800 دج، يتم التحكم في برمجة درجة حرارتها المطلوبة، بواسطة جهاز تحكم، وتشبه طريقة تشغيلها طريقة تشغيل المكيف الهوائي، وقال إن الطلب عليها مقبول نوعا ما، وإن لم يكن السعر في متناول نسبة واسعة من العائلات الجزائرية البسيطة· مطلوب مدفأة بأي سعر من بئر خادم إلى سوق الحميز بمخرج العاصمة كان السوق كالعادة يعج بالحركة، وهو عبارة عن تجمع لعشرات المحلات المتخصصة في بيع التجهيزات المنزلية المختلفة، من أفرشة، وأغطية، وأجهزة كهرومنزلية، وأواني، وغيرها، ويشهد هذا السوق، على مدار العام إقبالا قويا للمواطنين، من مختلف الولايات، لا سيما المجاورة للعاصمة، كما أنه قبلة لتجار الجملة والتجزئة على حد سواء، الكثير من المواطنين الذين قصدوا السوق أتوا باحثين عن مختلف أنواع المدافىء، مع أن الكثيرين تفاجؤوا بفرق الأسعار عن المستوى الذي كانت عليه سابقا، وقد اقتربنا من السيد (عبد الغني) صاحب محل لبيع التجيهزات الكهرومنزلية الذي أكد أن هنالك نقصا كبيرا في المدافىء التي تشتغل بالكهرباء، إلى جانب ارتفاع أسعارها بحوالي 4 آلاف إلى 5 آلاف دج، حسب النوعية والحجم أيضا، مشيرا إلى أن السبب وراء الأسعار الجديدة، يعود إلى نفاد الكمية في السوق، نظرا لأن غالبية المستوردين، لم يجلبوا كميات إضافية هذه السنة، واعتمدوا على المخزون الذي كان متواجدا لديهم من سلعة السنة الفارطة، خصوصوا وأن كثيرين لم يتوقعوا هذه الموجة الشديدة من البرد، ولا الثلوج والأمطار التي تهاطلت على عدة مناطق من الوطن، ومن بينها العاصمة، فلم يأخذوا احتياطاتهم، والمخزون الذي كان متواجدا لدى معظم المستوردين تم طرحه كله في السوق، بالسعر الذي حددوه هم، في فرصة ربما لن تتكرر كثيرا، لأجل جني أرباح خيالية، وهو ما حدث بالفعل حيث نفد المخزون الذي تم طرحه في السوق بسرعة خيالية، رغم الأسعار المرتفعة، إذ ارتفع سعر المدفأة الكهربائية التي كانت ب5 آلاف دج، إلى 10 آلاف دج، وكل الأسعار تضاعفت بصورة لم يشهد لها مثيل من قبل· الترموستا·· هل تقلل من استهلاك الكهرباء حقا؟ من جانب آخر، أضاف صاحب المحل، أنه وعلى عكس المدافىء الكهربائية، فإن المدافىء التي تشتغل بالغاز متوفرة بكميات كافية، وتتراح أسعارها ما بين 6000 أو 7900 دج، للتي تشتغل بغاز البوتان، و بين 15 ألف إلى 24 ألف دج بالنسبة للمدافىء التي تشتغل بالغاز الطبيعي، وأرجع سبب توفرها إلى كون المصانع التي تقوم بتركيبها منتشرة عبر مختلف المناطق الصناعية بالعاصمة، وكذلك نقاط بيعها، وبالتالي فإن أي كمية تحتاجها السوق المحلية يتم توفيرها دون أدنى تأخير، أما بالنسبة للاستهلاك المفرط للطاقة الكهربائية، الذي تتسبب فيه المدافىء الخاصة بذلك، يضيف محدثنا أن معظم تلك المدافىء مزودة بنظام التحكم في الحرارة أو (الترموستا) الذي يؤهلها لاقتصاد الطاقة كلما تمت تدفئة الغرفة، قائلا إن موجة البرد الأخيرة دفعت المواطنين إلى اقتناء هذه الأخيرة، على رغم توفر منازلهم على مدافىء تشتغل بالغاز الطبيعي، لأن هذه الأخيرة توضع في العادة برواق المنزل، وبالتالي فهي لا توفر التدفئة المطلوبة للغرف، على عكس المدافىء الكهربائية التي توفر التدفئة المثالية في كل غرفة، ما جعل العديد من العائلات تقتني من مدفأتين إلى ثلاث، في إقبال لم يسبق له مثيل· "المهم ندفاو وخلي التريسيتي جي غالية" دائما مع المدافىء المشتغلة بالكهرباء، والتي من المعروف أنها تستهلك كمية كبيرة من الطاقة، قال السيد (بومرباح) صاحب محل ثان لبيع الأجهزة الكهرومنزلية بسوق الحميز، إن الكثير من المواطنين لم يبالوا على غير العادة بهذه النقطة، شعارهم في ذلك (ندفاو وخلي التريسيتي جي غالية)، بما أن المدافىء الكهربائية غالبا هي الأجهزة الأكثر طلبا من طرف العائلات المنتمية إلى الطبقة الفقيرة والمتوسطة، على عكس المدافىء التي تشتغل بالغاز الطبيعي مثلا، وأكد السيد بومرباح في حديثه إلينا حول الموضوع، أن هنالك مواطنين قدموا من ولايات مختلفة على رأسها المدية، تيزي وزو، الشلف، وهران، تيبازة، إلى الحميز، بحثا عن هذه المدافىء بأي سعر كان، بالنظر إلى موجة البرد الشديدة التي لم يتمكن الكثيرون من احتمالها، وهو ما انعكس على مبيعات جل المحلات تقريبا، فبينما كانت المبيعات لا تتجاوز ال10 أجهزة في هذا الوقت من السنة عادة، ارتفعت في الأيام الأخيرة إلى 35 جهازا يوميا تقريبا، مع إدراك المواطنين للفرق الواضح في الأسعار الذي ارتفع إلى حدود 1400 أو 1500 دج، بالنسبة لأجهزة التدفئة الكهربائية العادية، فالتي كانت أسعارها بين 800 أو 1200 دج، ارتفعت إلى 2000 و2400 دج، والأنواع الأخرى وصلت أسعارها إلى الضعف، كما كشف عن ارتفاع أسعار سخانات الماء التي وصلت إلى حدود 16500 دج، بعدما كانت لا تتجاوز 13000 دج، وهي غير متوفرة كليا بالسوق، بالنظر إلى أن غالبية المستوردين لم يضعوا في حسبانهم موجة البرد الأخيرة، وبالتالي فلم يفكروا في استيراد كميات إضافية سواء من هذه الأجهزة أو من أجهزة التدفئة الكهربائية الأخرى· ندعو المواطنين إلى ترشيد استهلاك الكهرباء من جانبها، قالت السيدة صادقي حورية، مسؤولة الاتصال بمديرية توزيع الكهرباء والغاز لجسر قسنطينة في اتصال ب(أخبار اليوم)، إنه قد تم خلال الأيام الفارطة تسجيل استهلاك تاريخي للطاقة الكهربائية عبر مختلف مناطق الوطن، مؤكدة أن المؤسسة عموما تعمل دائما على دعوة المواطنين إلى الاعتماد على الأجهزة التي تشتغل بالغاز، عندما يتعلق الأمر بالتدفئة، نظرا لتوفره من جهة، ولكونه أقل تكلفة، من جهة أخرى، يعتبر الغاز الأحسن إيكولوجيا واقتصاديا، كما أن ذلك من شأنه تخفيف الضغط على شبكة التزويد بالكهرباء لا سيما خلال ساعات الذروة، وبالتالي توفير كميات كافية من الكهرباء، عوض إضاعتها فيما لا يمكن تعويضها من جديد، مضيفة أن بعض المواطنين للأسف الشديد، يقومون أحيانا بقرصنة الكهرباء بطريقة غير شرعية لأجل تفادي فواتير مرتفعة للغاية، على الرغم من استهلاكهم الكبير للطاقة، بفعل هذه الأجهزة، وهو ما يتسبب منطقيا في الانقطاعات المتكررة للكهرباء، التي يشتكي منها المواطنون، فيما يكونون المسؤولين أحيانا عن ذلك، نتيجة الضغط الكبير الذي تتحمله شبكات توزيع الكهرباء، نتيجة للاستهلاك المفرط في الأيام التي تشهد موجة برودة شديدة، مثل هذه الأيام، ودعت ذات المتحدثة إلى الاستعمال العقلاني للطاقتين، مشيرة إلى الدور الكبير الذي لعبته مختلف مديريات توزيع الكهرباء والغاز عبر الوطن، من خلال تدخلها لإصلاح كل الأعطاب التي طالت شبكات التوزيع خلال موجة البرد الأخيرة، وسهرها الدائم على تقديم خدمة متميزة وكاملة للمواطنين·