ما لاحظناه أثناء زيارتنا للصالون الوطني للتشغيل سلام 2012 أن العديد من هؤلاء الحرفيين تمسكوا بحرف تقليدية متوارثة عن الأجداد وأبوا إلا تخصيص مشاريع انطلاقا من تلك الإبداعات التي عرفتها الجزائر منذ سنوات خلت إلا أنهم زودوها ببصماتهم الخاصة التي زادتها جمالا وتطورا، بحيث جمعت تلك التحف التي أبدعتها أنامل الحرفيين بين الأصالة والمعاصرة· الغرابيل، سلال الدوم، الأواني الفخارية، الزرابي، والمنتوجات التقليدية كانت حاضرة بقوة في الصالون الوطني للتشغيل ونافست بعض الحرف المتطورة على الرغم من تراثها العريق بعد أن تمسك بها شبان وشابات وتوارثوها عن أجدادهم كما وضعوا فيها لمساتهم الخاصة بهم وحظيت بالاهتمام البالغ عبر أجنحة الصالون وجذبت الزوار الذين لم يتوانوا عن التقرب من الأجنحة العارضة للمنتوجات التراثية وأواني الفخار الغرابيل المستعملة في تحضير الكسكس على طريقة اليد· وكلها حرف مرت عليها أزمنة إلا أن اعتزاز أجيالنا المتعاقبة خاصة من فئة الشباب بكل ما هو تقليدي ضارب في أعماق حضارتنا وموروثاتنا التقليدية جعلته يتهافت على إعادة إحياء تلك الموروثات والانطلاق فيها كمشاريع أخرجتهم من بوتقة البطالة، وكانت أغلب الأجنحة تصب في وعاء تلك الحرف التراثية· اقتربنا من الشاب بن شعواو سمير، 20 سنة، من ولاية قسنطينة، مختص في صناعة تحف من الدوم تلك التي باتت مطلوبة بكثرة على أشكالها المتنوعة، قال إنه يمارس الحرفة منذ ثلاث سنوات واختص في صناعة الدوم وهي الحرفة التي اكتسبها عن أبيه، قال إنه تحصل على قرض مصغر بثلاثة ملايين وانطلق في مشروعه الناجح، بحيث تنوعت تحف الدوم التي يصنعها ولم تقتصر على السلال بل اختلفت أنواعها على غرار بعض المقتنيات المستعملة في الديكور والمزودة بأزهار وحتى الكراسي التي أبدعها محدثنا من الدوم، وقال إن حرفته تعتمد على (أعراف السنديل) كمادة أولية لصناعة تلك التحف المتنوعة والمطلوبة جدا خاصة في موسم الأفراح على غرار (السابة) وهي عبارة عن سلة على شكل مستطيل مزودة بالغطاء تستعملها العرائس منذ القديم في أخذ الشورة إلى بيوتهن إلى جانب بعض السلال والأطباق التي باتت مستعملة في أخذ مواد التجميل هي الأخرى كونها شيئا فريدا من نوعه، بدل استعمال أكياس أو حقيبة عادية لا تليق بأخذ بعض قارورات الغاسول التي يحتمل تدفقها، وتضمن تلك السلال وصولها بطريقة آمنة إلى بيت العروس، وختم بالقول إنه سيتمسك بالحرفة التي علمها له أبوه والتي سينقلها إلى أولاده بدوره لكي لا تموت· أما ربيعي فتيحة، 40 عاما، فهي حرفية في النسيج التقليدي من ولاية قسنطينة حصلت على قرض مصغر قيمته 100 مليون سنتيم وهي الآن تنشط على مستوى ولاية الجلفة وتشغل بعض الفتيات في مشروعها وعكفت على الاستمرار في الحرفة كونها تستقطب العديد من المعجبين بها من داخل وخارج الوطن وصارت تنافس المفروشات الحديثة بالنظر إلى نوعيتها الجيدة المعتبرة على صوف الأغنام، فهي تحف يدوية مائة بالمائة تعتمد على المنسج في صناعتها وقدمت محدثتنا شكرها الجزيل إلى فخامة رئيس الجمهورية وإلى مدير الوكالة الوطنية لتسيير القرض المصغر (لونجام) بولاية الجلفة· وكان الكل مستمتعا برؤية تلك الحرف وهي تنافس الحرف الحديثة بعد أن أبى الكل إلا إحياءها من جديد والاستمرار في تطويرها مع الحفاظ على أصالتها لا ريب·