يسعى جل المخططين والمهندسين المعماريين في بلادنا والعديد من الدول النامية لتطبيق مشاريع عمرانية مستوحاة من الدول الغربية دون مراجعتها ودراستها أو إجراء تغييرات وفقا لما يناسب مجتمعنا· والجزائر تشهد إنتاجا عمرانيا ضخما لمواكبة التزايد السكاني باعتماد مخططات لا تراعي طبيعة المجتمع الجزائري وثقافته، ومدينة بوسعادة من أعرق المدن الجزائرية وهي تشهد توسعا عمرانيا كبيرا ومن أعظم الإنجازات بالمدينة المدينة الجديدة ببوسعادة، حيث سنسعى إلى دراسة مدى اعتبار مخططات التعمير لخصوصيات المجتمع البوسعادي· إن لعملية التخطيط الحضري مكانة واضحة في العصر الحديث، و ذلك في ضوء النمو الحضري السريع واتساع المدن، وتزايد كثافتها السكانية، وهذا ما جعل مهمة الوفاء بالمتطلبات الاجتماعية والاقتصادية لهذا الحشد الكثيف مسألة بها جملة من المصاعب، إلى جانب الحاجة إلى تخصصات دقيقة تترابط وتتداخل فيما بينها في إطار يحقق أعلى درجات التنظيم. وفي هذا السياق شهدت الدول الغربية تطورا ملحوظا في المجال العمراني والمعماري وهذا بعد الثورة الصناعية أين كانت هذه الدول تستغل خيرات دول العالم الثالث لتحقيق النمو والازدهار· وكمحاولة لتلك الدول النامية لمواكبة التطور الحضاري فقدت مدنها الهوية العمرانية تحت ظل الحداثة والعولمة، فإن كان الإنتاج العمراني والمعماري في تصور ما قبل الصناعة ناتج عن توافق اجتماعي يتجسد في العادات والتقاليد المتوارثة فإن الإنتاج المعاصر سيطر على فراغ كبير جراء بروز أوضاع جديدة، فانقسمت الاتجاهات بين مقلدي الماضي ومبدعي المستقبل، فإن أسلوب الإنتاج المعاصر الذي يتسم بطابع الإنتاج الجمالي يتناقض مع صيغ الأشكال التراثية التي تستوحي مقوماتها من صناعة يدوية حرفية تختلف اختلافا تاما عن التكنولوجيا المعاصرة بما فيها شق الطرقات الواسعة، وبناء العمارات العالية، إقامة المجتمعات السكنية، استعمال مواد البناء على نطاق واسع، والإسراع في تنفيذ المشروعات السكنية وغيرها، مع العلم أن التصاميم المعاصرة فاقدة لبعض الخصوصيات الاجتماعية في تخطيطها مما انعكس سلبا على السكان بما لا يتلاءم مع عاداتهم وتقاليدهم·