لا تزال أزمة السكن تؤرق الكثير من الجزائريين، ومنهم سكان حي (الجردينة) الذين يسكنون بمساكن قصديرية أقل ما يمكن القول عنها إنها لا تصلح لعيشة كريمة لفترة دامت أكثر من عشر سنوات مع انعدام أبسط ظروف العيش فيها وأدنى الشروط الصحية للسكن في غياب ضروريات العيش مثل الماء الشروب والإنارة العمومية والطرقات· وقد عبر سكان حي (الجردينة) التابع لبلدية باش جراح عن استيائهم من الوضعية المزرية التي يعيشونها على ضفة الوادي وما يحمله من أذى سواء في فصل الشتاء أو الصيف· حيث صرح لنا السيد (حميد) رئيس جمعية النصر العربي، وهي جمعية مؤقتة نشأت من أجل الدفاع عن حقوق سكان الحي ومطالبة السلطات المعنية بضرورة التدخل السريع للتكفل بهذه العائلات والتي وصل عددها حسب قول السيد حميد إلى 146عائلة تصارع قسوة الحياة تحت هذه الظروف القاهرة، وقد وصف لنا حالة الواد عند ارتفاع منسوب المياه به وخاصة في الأيام القليلة الماضية بسبب رداءة الأحوال الجوية وما عرفته البلاد من تقلبات في الجو والتساقط الكبير للأمطار الذي أدى إلى حدوث فيضان في الحي أودى بحياة السيد نور الدين البالغ من العمر 54 سنة· ويعاني السكان أيضاً مشكل التلوث بسبب ما يحمله الواد من أوساخ المدن المجاورة التي استقرت على ضفته بجوار بيوت السكان مما ساعد على انتشار الأمراض المزمنة والحشرات وخاصة في فصل الصيف الذي تنتشر فيه البعوض والروائح الكريهة, وطالب محمد، وهو شاب في مقتبل العمر يقطن بالحي ذاته بضرورة حضور ممثلين من وزارة الصحة إلى الحي حتى تستطيع الاطلاع على صحة المواطنين وعلى حقيقة الوضع بالمنطقة· وكذلك هو الحال بالنسبة للسيدة مساوي نصيرة التي تعتبر أول القاطنين بالحي منذ 1991 التي تعاني من مشاكل صحية منعتها من مزاولة نشاطاتها اليومية، فبيتها لا يختلف عن بيوت جيرانها حيث لا تدخله أشعة الشمس مما جعلهم يعانون مرارة العيش· ومن جهة أخرى لمسنا تخوفات السكان من انهيار حجارة الجبل الواقع في الجهة العلوية فوق سكناتهم، حيث شهدت المنطقة سقوط الحجارة في الكثير من المرات والتي تمثل خطرا حقيقيا على حياتهم وحياة أولادهم بالدرجة الأولى· وعن تساؤلاتنا حول الخطوات التي اتبعها سكان الحي أجاب السيد حميد (لقد تكلمنا مع الوالي الذي استقبلنا مرة واحدة لا أكثر وكذلك المسؤولين على مستوى دائرة الحراش التي قدمت لنا وعودا هذه المرة تنبأ بالخير إن تم تطبيقها على أرض الواقع والذي وعدهم بالتكفل ب 146 عائلة الموجودة بالحي، وأضاف حميد (صحيح أننا نعاني من مشكل السكن الذي سبب لنا مشاكل أخرى لا تعد ولا تحصى إلا أننا مواطنون واعون ونريد الحصول على حقوقنا في أقرب وقت ممكن دون حدوث أي مشادات أو احتجاجات بيننا وبين الجهات المعنية)· وعن سؤالنا حول إيداع ملفاتهم أجاب السيد حميد قائلا: (نحن لم نقم بإيداع أي ملفات تخص قضيتنا فنحن مدرجون ضمن المرسوم الرئاسي الذي يقتضي ترحيل أصحاب البناءات القصديرية لا أكثر)· فيما رأى مواطن آخر تلك الأقوال مجرد وعود وليست بجديد يذكر· وإذا نظرنا إلى هذه الوضعية الحرجة والمزرية التي يحياها هؤلاء السكان نجدها تعاكس تماما تصريح وزير السكن نور الدين موسى أمام نواب البرلمان الجزائري (بأن الجزائر لن تعرف أزمة السكن بعد الآن لأنها ستعرف فائضا سكنيا يفوق احتياجات المواطنين الذين يعانون من أزمة السكن)· ويبقى سكان حي (الجردينة) لوحدهم يعانون الأمرين بفعل وساخة الوادي وانهيار الحجارة من الجبل من جهة خرى، مما انعكس سلبا على الحياة اليومية للسكان· وحسب المعلومات المتحصل عليها فإن السلطات أصدرت قراراً يقضي بترحيل هذه العائلات إلى سكنات لائقة في أقرب وقت ممكن خلال الأشهر القادمة، آملين ألا يكون كلامهم مجرد حبر على ورق في غياب التجسيد· وفي انتظار تحرك المعنيين لوضع حد لهذه الجريمة يبقى سكان حي الجردينة يعيشون بين قذارة الواد وبين انهيار وتساقط حجارة الجبل على بيوتهم·