عادة ما يختلف الوالدان في أمر الإنجاب فيُقرر الزوج ذلك، وتفضل المرأة التريث والانتظار، او العكس، ويسعى كلّ واحد منهما بالتالي إلى فرض رأيه، وقد يختلفان ويتشاجران بل وينفصلان بسبب ذلك. أصبحت الحياة جد معقدة النسبة للأزواج مؤخرا، بين عمل المرأة، ورفضها الانقطاع بسبب الإنجاب، واقتناع الزوج أحيانا بضرورة الإنجاب مبكرا، فيكون حينها الزوجان في حيرة من أمرهما، خاصة إن لم يقتنع كل واحد منهما بفكرة الآخر. لهذا فان عقد الزواج صار يتضمن مؤخرا بعض الشروط التي تجعل المرأة او الزوجة تستطيع الحفاظ على عملها، ولا يستطيع حينها الزوج منعها منه، لكن عادة ما يتفق الرجل والمرأة على شروط أخرى بينهما، من مثل أن تختار الزوجة الوقت المناسب للإنجاب، وألا يجبرها الزوج عليه وهكذا، او حتى عدد الأطفال المنجبين، لكنّ كل تلك الشروط قد تسقط، او قد يحاول احد الطرفين إسقاطها، وقد ينجح بالتفاهم، وقد لا ينجح، فتكون البداية لصراع دائم بينهما. حسان الذي اشترط على زوجته قبل الزواج أن لا ينجبا إلاّ بعد مدّة، او على الأقل ليس قبل أن يستقرّ في عمله، وقد أراد بذلك، يحكي لنا، أن يكون مستعدا وقادرا على تحمل المسؤولية كاملة، وألا تنقص ابنه لا الأمور الماديّة، ولا وجوده إلى جانبه في الأوقات الصعبة فهو يقول لنا:" الزواج مسؤولية كبيرة، والإنجاب مسؤوليته اكبر، حيث لم أكن مستعدا ماديا للتكاليف التي تتبع إنجاب الأطفال، وحتى معنويا لم أكن قادرا على أن أكون حاضرا باستمرار إلى جانب زوجتي، كما أننا كنا نسكن لوحدنا، أي أنّ أي طارئ يصيب الطفل او أمه لن يجدا إلى جانبهما ما يساعدهما او يقف معهما، وهو أمر جعلني اتخذ قراري بأن لا أنجب إلاّ بعد أن اعتمد في عملي، فيكون لي حينها اجر محترم، وأكثر وقت لاعتناء بأسرتي، لكن زوجتي ظنت أني افعل ذلك لأتخلص منها في أيّ وقت، وأرادت أن تربطني وتقيدني بان تفرض علي إنجاب الأطفال، وهو الأمر الذي لم احتمله، خاصة بعد أن تدخلت أمها وعائلتها لإقناعي، وصرت حينها في موقف محرج، ما جعل حياتنا تتحول إلى جحيم، وكنا نتشاجر يوميا، حتى تحوّل المشكل البسيط إلى مشكل كبير جعلنا ننفصل"، وعندما لاحظ حسان استغرابنا وحيرتنا أضاف قائلا:" مشاكل كبيرة اختلقتها زوجتي وأسرتها من لا شيء، وكانت الخلفية دائما رفضي الإنجاب، حيث اتهمتني بأنني أعاشر نساء أخريات، وبأنني سأتخلى عنها في أي وقت، واني لا أريد أن أنجب لأني انوي الانفصال عنها، وقد وضعت كل تلك الأفكار في رأسها وانطلقت منها لمحاولة تغيير فكرتي، فكان أن طلقتها لان حياتنا صارت لا تطاق". لكن عادة ما تكون المرأة هي من ترفض الإنجاب مبكرا، وتفضل الاحتفاظ بعملها لوقت أطول، قبل أن تستقر وتنجب أطفالا، أما الرجل، والذي قد يعترض على فكرة عمل زوجته أصلا، فانه يحاول إقناعها بالعكس، ورغم انه يتفق معها في البداية على ذلك، إلاّ انه قد يعدل عن فكرته، او قد تكون موافقته قبل الزواج، مجرد طعم يجعل به زوجته توافق، وهو ما قصته علينا احداهن، والتي أخبرتنا أنها انفصلت عن زوجها بسبب نقضه للوعد الذي قطعه على نفسه قبل الزواج، تقول:" لطالما كان العمل أهم شيء في حياتي، وحتى عندما قررت الزواج اشترطت على زوجي ألاّ يمنعني عنه، وهذا لا يعني أنني لم أكن مستعدة لتحمل مسؤولية الزواج، وما يترتب عنه، بل بالعكس من ذلك، كنت مستعدة للتضحية بأشياء كثيرة حتى لا يفشل زواجي، لكني فضلت أن أتريث خاصّة في عملي، لأني كنت حديثة العهد به، ولم أكن قادرة على أن اطلب إجازة ولادة، لهذا اشترطت على زوجي وقبل الزواج أن لا يجبرني على الحمل قبل ثلاث سنوات من زواجنا على الأقل، خاصّة وأننا كنا لا نزال في مقتبل العمر، وكان هناك وقت للإنجاب، وهو الأمر الذي لم يتفهمه زوجي، وصار يعيد علي فكرة الولد أكثر من مرة في اليوم الواحد وصار مثل ذلك الطفل الذي يسعى وراء شيء أعجبه، ويحاول الحصول عليه بأيّ طريقة، وزاد الطين بلة أنّ أصدقائه وأسرته، كانوا يسألونه دائما فيجيب انه لم يحن الوقت، حتى ظنوا أننا نعاني من مشكل ما، ولم تكن لزوجي من قوة الشخصية ما يجعله يصارحهم ويواجههم، فراح يرمي بغضبه علي، وقررنا بعدها أن نفصل