مع ارتفاع نسب الطلاق في بلادنا، والأسباب كثيرة، صار المقبل على الزواج يفكر كثيرا قبل الإقدام على هذه الخطوة، خاصّة بالنسبة للمرأة التي يعتبر الطلاق بالنسبة لها كارثة حقيقية، في مجتمع ينظر نظرة دونية ومريبة إلى المرأة المطلقة. أما بعد الزواج فربما يزداد حرص المرأة على المحافظة على زوجها، وقد يبلغ بها الأمر إلى أن تتخذ إجراءات تراها عملية لكي لا ينهار زواجها، ومن ذلك الإنجاب المبكر، حيث تعتقد أن الأطفال يساعد على استمرار الحياة الزوجية، ويزيدها تماسكا، او على الأقل يقلل من إمكانيات الانفصال، وهو الأمر الذي قد لا يتفق عليه الزوجان، خاصة في بداية زواجهما، بل إن ذلك الاختلاف من شانه أن يجعلهما ينفصلان. وهو ما وقع لبعض العينات التي قابلناها، والتي حكت لنا كيف أنها نجحت في الحفاظ على العلاقة الزوجية بواسطة الإنجاب المبكر، فيما فشل آخرون في ذلك، واعتبروا قرارهم بالإنجاب قرارا متسرعا، وخطأ آخر، بعد خطأ عدم اختيار الزوج المناسب. سعاد ارتبطت منذ أكثر من خمس سنوات، تقول لنا:"كنت في العشرين من العمر، وكان زوجي في الثانية والعشرين، أي أننا كنا صغارا، او ربما لم ننضج بعد لتحمل مسؤولية الزواج، وخاصة زوجي الذي لم يتخل حتى بعد الارتباط بي عن عادة مرافقة الأصدقاء والسهر إلى ساعات متأخرة من الليل، بل كان ذلك يؤثر في علاقتنا، فقررت أن أنجب مبكرا، حتى اشعر زوجي بالمسؤولية، وقبل أن نصل إلى مرحلة لا ينفع فيها حتى التفاهم، فأنجبت، ورغم أنّ زوجي لم يتقبل الأمر في البداية، إلاّ انه بعد ذلك لم يجد من حرج، بل بالعكس من ذلك تحولت حاله، وصار شخصا مسئولا"، تضحك سعاد قبل أن تضيف: "لقد نجحت خطتي في إبقائه إلى جانبي". لكن الأمر لم ينجح مع فرح، الفتاة التي ندمت على أنها أنجبت مبكرا، وفعلت هذا بعدما أقنعتها أمها بضرورته، خاصة بعدما تبدلت حال زوجا بعد الزواج، تقول: "مباشرة بعد زواجي، تغيّر زوجي اتجاهي، وكان يتحوّل يوما بعد آخر، حتى خشيت أن ينفصل عني، وكنت اخبر أمي بذلك، فنصحتني بان أنجب له طفلا، لعلّ ذلك يساهم في استعادة ما كاد أن ينقطع بيننا، لكن ما حدث أنني حملت بطفل، وقبل أن أنجبه، كنت قد انفصلت عن زوجي، ولا أكذبكم أنني كرهت ابني بعد إنجابه، وأحسست انه سيربطني بشخص اكرهه طول حياتي، وسيجعلني هذا الابن أجد صعوبات في الارتباط ثانية، لكني مع الوقت غيّرت رأيي، وصر ت أحب طفلي، بل انه الشيء الجميل الوحيد الذي نلته من زواجي السابق، لكن في الحقيقة كان لا بد علي أن أفكر كثيرا قبل الزواج وفيما إذا كنت اخترت فعلا الرجل المناسب لي، إما أن تنجب المرأة للحفاظ على زوجها فهذا يدل أنها إمّا تسرعت في اختيار زوجها، وإمّا انه ليس لها الثقة الكافية في نفسها". كما أن هناك من جعلهم الاختلاف حول الإنجاب ينفصلون، أي أن محاولة الحفاظ على الزواج، تحولت إلى أداة لهدمه، وهو ما قالته بشرى:"لقد ارتبطت بزوجي ووضعنا شروطا قبل الزواج بأن لا ننجب إلا بعد مدة، لكنني غيرت رأيي فيما بعد، وقررت أن أنجب، وعندما صارحته بالأمر غضب ورفض وهو ما جعلني اشك في أمره، وحولت هذه الحادثة حياتنا إلى جحيم حقيقي، فتمسك هو برأيه وأنا كذلك، حتى قررنا الانفصال عن بعضنا البعض".