فتحت نهاية الأسبوع الماضي الغرفة الجزائية الخامسة بمجلس قضاء الجزائر وفي جلسة استثنائية ملف شبكة تهريب العملة من الجزائر نحو إسبانيا التي تضمّ 46 متّهما من رجال أعمال وتجّار شنطة ينحدر معظمهم من غرب البلاد بعدما وافقت على الدفعات الشكلية التي تقدّمت بها هيئة الدفاع والمتمثّلة في إحضار قائمة المتّهمين التي أرسلتها الجمارك الإسبانية لنظيرتها الجزائرية، والتي انطلق على إثرها التحقيق في الملف، غير أن المحامين لم يتمكّنوا من الاطّلاع عليها· شكّكت هيئة الدفاع في مصداقية القائمة لعدم حملها أيّ ختم للجمارك الإسبانية، مشيرة إلى أن الوثائق المتبادلة بين الطرفين هي باللّغة الإسبانية بينما الوثيقة الموجودة بين أيديهم هي باللّغة الفرنسية، ملمّحا بذلك إلى أن القائمة مفبركة ومصطنعة من طرف مصالح الجمارك الجزائرية. في حين ذهب دفاع أحد المتّهمين إلى اتّهام إدارة الجمارك بالتزوير على خلفية قيام أحد المتّهمين بالتصريح بمبلغ 10 آلاف أورو، غير أنه تفاجأ بإضافة صفرين إلى المبلغ، ما جعله متورّطا في تهريب الملايين، كما طالبوا هيئة المحكمة بقبول طلباتهم المتمثّلة في اعتبار بطلان كلّ إجراءات المتابعة ضد المتّهمين التي تمّت استنادا إلى محاضر باطلة وإلغاء الحكم المستأنف، مؤكّدين أن الجريمة المتابع بها المتّهمون هي جريمة مصرفية وليست جمركية، رافضين بذلك تأسيس مصالح الجمارك كطرف مدني، خاصّة وأنه تقدّم بشكوى بعد صدور المتابعة، هذا ما يعتبر منافيا للقانون· وينسب للمتّهمين حسب قرار الإحالة جنحة تهريب الأموال ومخالفة الصرف وتبييض الأموال والمشاركة فيها، وجنحة مخالفة التشريع والتنظيم الخاصّين بالصرف وحركة رؤوس الأموال من وإلى الخارج، حين اتّخذ المتورّطون من ميناء وهران ومطار هواري بومدين الدولي نقطة عبور آلاف الملايير بطريقة غير قانونية نحو البنوك الأجنبية، خاصّة وأن التحقيقات الإسبانية شملت بعضهم حين تمّ استجوابهم في ملف إرهابي يتعلّق بالانتماء إلى عصابة تدعّم القاعدة بالمغرب الإسلامي بعد توقيف المدعو (ط·ع) المقيم ببرشلونة للاشتباه فيه رفقة المدعو (ب·ف) و(ب·أ) وإخلاء سبيلهم بعد التحقيقات المنجزة، لتتمّ متابعتهم مجدّدا بتهمة تهريب العملة الصّعبة رفقة موظّف بمستشفى (مصطفى باشا) الجامعي، محضر قضائي وصاحب شركة بإمارة أندورة بإسبانيا، وكذا مغتربين بدول أوروبية وسماسرة العملة الصّعبة بالسوق السوداء. حيث كانت الأموال تهرّب في الفترة الممتدّة بين سنة 2005 إلى غاية 2008 وقد صلت قيمتها إلى أزيد من 130 مليون أورو، حيث توبع في الملف 27 متّهما ينحدرون من وهران يشتغلون في استيراد وتصدير الألبسة والأثاث المنزلي والأجهزة الإلكترونية ويزورون بشكل منتظم دولا أوروبية، كما أن غالبيتهم يحوزون بطاقات إقامة في إسبانيا· وقد تميّزت جلسة المحاكمة بإنكار المتّهمين لجميع التهم المنسوبة إليهم، حيث أقرّت المتّهمة (س·ش) في عقدها السادس، بأنها تتاجر في الألبسة الجاهزة وقامت بالتصريح بمبالغ مالية وهمية في وثائق التصريح الجمركي بغرض استعمالها لاحقا في ملف طلب التأشيرة وأنكرت تهريب الأموال بشكل فعلي ومادي· في حين صرّح المتّهم (ب·ع) بأن نشاطه التجاري يدخل في إطار قانوني، وأنه صرّح شفهيا لمصالح الجمارك الإسبانية بالمبالغ التي تمّ نقلها وهذا لا يخالف التشريع الإسباني، مشيرا إلى أن تلك المبالغ التي وردت في قرار الإحالة هي مبالغ مضخّمة ومضاعفة لا علاقة لها بالمبالغ الحقيقية التي صرّح بها. وحاول كلّ متّهم تبرير تنقّلاته المتكرّرة إلى إسبانيا وكذلك طريقة نقلهم للأموال، إلاّ أن القاضي لم يقتنع بتلك التصريحات، خصوصا وأن تنقّلاتهم كانت جميعها عبر البحر وإلى منطقة واحدة هي منطقة أليكونت، وقد علّلوا ذلك بسهولة التنقّل إلى هناك وتجارتهم التي تنحصر في تلك المنطقة· ومن جهته، ممثّل النيابة العامّة لم يقتنع بتصريحات المتّهمين فالتمس تشديد العقوبة في حقّهم، في انتظار الفصل في الملف الأسبوع المقبل·