تشتكي معظم العائلات الجزائرية خلال الآونة الأخيرة من غلاء المعيشة وصعوبتها، حيث وجدت معظم الأسر نفسها بين مطرقة غلاء الأسعار على مستوى الخضر والفواكه التي قفزت إلى أعلى مستوياتها في الأيام الأخيرة والتي لا تزال تشهد نفس الحال، إذ باتت تلهب جيوب المواطنين، ومن خلال تجوالنا بإحدى المناطق القريبة من بلدية الرويبة التابعة لولاية الجزائر العاصمة، ونظرا لتواجد مناطق زراعية فيها فقد ترك لدينا انطباعات وتساؤلات عدة حول تلك الظاهرة كان لا بد من إيجاد أجوبة عليها·· وللوصول إلى الجواب الشافي والكافي لما يجول في خاطرنا من تساؤلات اقتربنا من إحدى هؤلاء الأطفال الذين كانوا منهمكين في عملية البحث وجمع الحلزون، حيث اعتبروه عملا ومنفعة لهم رغم العناء، إذ أبدوا فرحتهم وأملهم في مساعدة العائلة بالرغم من تحملهم لمسؤولية جلب الرزق بهذا السن المبكر نظرا لصعوبة العيش التي يتخبطون فيها، والتي ضيقت عليهم من حضن الوالدين لدرجة لا تتسع فيه لضم أبنائهم، وبردت مشاعر الأمومة اتجاههم وحولت من دفء الأبوة إلى درجة التجمد الإنساني والوجداني من أجل السعي لتحصيل لقمة العيش· لاحظنا من خلال جولتنا الاستطلاعية لتلك الحقول انهماك الفلاحين بجني الخضر ونقلها إلى الشاحنات من أجل تسويقها، وفي الواجهة الأخرى تسابق هؤلاء الأطفال صغارا وكبارا على جمع أعداد الحلزون التي تعرف انتشارا كبيرا لها خلال هذه الفترة نتيجة تساقط قطرات الأمطار مما وفر لها الجو الملائم للخروج قصد بيعها والاستفادة من أثمانها أو أخذها إلى المنزل لإعداد وجبات غذائية تسد جوع يومهم لمن يجيد طريقة طبخه باعتباره يطهى حيا قبل وفاته· إذ عرف في الآونة الأخيرة هذا المخلوق الظريف بكل أنواعه المختلفة إقبال الناس على استهلاكه وبكميات معتبرة، أما في المطاعم أو من خلال شرائه أو جمعه، حيث يستعمل لحم الحلزون كغذاء من ضمن الأغذية الغريبة التي تستهلك وبكثرة في البلدان الآسيوية أكثر من باقي البلدان الأخرى نظرا لصعوبة تحضيره المعقدة والتي تبقى مجهولة في الكثير من الأحيان بالنسبة للكثيرين ومنهم من يراه مقرفا ومقززا، ولكن الأبحاث الأخيرة التي أجريت على هذه الكتلة اللحمية الخالية من قطرة الدم أثبتت وبجدارة القيمة الغذائية له، إذ لخصت النتيجة في احتوائه على البروتين بنسبة 16 بالمائة وتصل الدهون إلى 2,4 بالمائة، أما نسبة الماء تناهز 80 بالمائة وما يجب لفت الانتباه إليه هو طبيعة الدهون التي يحتوي عليها على شكل حمضيات دهنية غير مشبعة وحمض اللينوليك، وأثبتت بعض الدراسات الأخرى أن 75 بالمائة من الدهون التي توجد على شكل غير مشبع منها على سبيل المثال 57 بالمائة متعددة الإشباع و15,5 بالمائة أحادية الإشباع و23,5 بالمائة مشبعة· ولا يخفى علينا ذلك الكم الهائل من الفيتامينات والميزات الأساسية التي تفتقر إليها الكثير من اللحوم وينفرد بها لحم الحلزون، إذ يحتوي على الكثير من الأملاح الدقيقة مثل المغنيزيوم 250 مع والفوسفور 272 مع والبوتسيوم 382 مع والزنك والنحاس والسيلينيوم، ومن بين الفيتامينات الرايبولفين والفيتامين (ب6) و(ب12) وحمض الفولك وكذلك الفيتامين (ك)، إذ تعتبر تركيبة غريبة لأن مادة الرايبوفلافين والفيتامين (ب6) تنحصرا حصريا على منتوجات الحليب ولا توجد لا في النبات ولا في اللحوم ولكنها وجدت في لحم الحلزون، وكذلك اجتماع كل من الفيتامين (ب6) والنحاس والبوتاسيوم وهي عناصر ضرورية للمصابين بداء السكري واحتوائه على المغنيزيوم ضمن هذه العناصر يساعد المصابين بارتفاع الضغط، أضف إلى ذلك عنصر السيلينيوم الذي لا يوجد في كثير من المواد الغذائية والذي يتميز بدوره الأساسي في فيزولوجيا الخصوبة· ويعتبر لحم الحلزون من اللحوم الخفيفة نظرا لنسبة البروتين المنخفضة بالمقارنة مع اللحوم الأخرى التي تتعدى نسبة 16 بالمائة، وبالتالي فهي موجودة فقط عند الحلزون، هذه الفوائد هي التي عززت مكانته خاصة في الدول المتقدمة·