أجلت أمس محكمة القطب الجزائي المتخصص بسيدي أمحمد النظر في فضيحة من العيار الثقيل هزت وزارة الصحة السنة الماضية على اثر قيام إطارات بمعهد باستور بإبرام أربع صفقات مشبوهة ومخالفة للقوانين المعمول بها بغرض تزويد السوق الجزائرية بكمية من اللقاحات والأمصال للأطفال والرضع كشفت التحريات أنها سامة ما أدى إلى إتلاف 750 ألف وحدة إلى الأسبوع المقبل بسبب غياب بعض الأطراف في القضية. وتعود خلفيات فضيحة اللقاحات بمعهد باستور إلى نتائج التحقيق الميداني الذي قامت به لجنة التفتيش بوزارة الصحة التي تحركت بناءً على رسالة مجهولة تلقاها وزير الصحة السابق سعيد بركات السنة الماضية تفيد بشروع معهد باستور في إتلاف ما يقارب 750 ألف مصل، عن طريق إبرام أربع صفقات منافية للقوانين. وبتكليف من وزير الصحة السابق تم فتح تحقيق في القضية والذي توصل إلى أن المدير العام السابق ''ب. م'' المتواجد في حالة فرار أبرم عدَّ ة صفقات مخالفة للتشريع وتتعلق مجمل الصفقات التي أُبرمت بين معهد باستور ومموِّنين أجانب بلقاحات مختلفة، منها المتعلقة بالزكام والسل والحصبة، بالإضافة إلى جميع أنواع اللقاحات الخاصة بالرضع، كلها أبرمت عن طريق التراضي بعيدا عن الإجراءات المنصوص عليها في قانون الصفقات العمومية ودون أن تمر على لجنة الصفقات من أجل دراستها والمصادقة عليها، بل تمت بين الإطارات المتهمة وممثل المخابر الأجنبية خارج المعهد. ووجهت أصابع الاتهام في القضية إلى إطارات يعملون على مستوى المعهد منذ سنوات، من بينهم نائب المدير العام لمعهد باستور، مدير المالية ونائبة، مديرة المراقبة النوعية الخاصة باللقاحات، مساعد المدير التجاري المكلف بتسيير المخزون ورئيسة المصلحة المكلفة بمكتب الصفقات. ومن بين المتهمين الوسيط بين المخابر الأجنبية ''ع. ع'' المتواجد حالياً رهن الحبس المؤقت، فقد كان يمثل كلا من مخبر ''سيروم'' الهندي و''بيوفارما'' الاندونيسي وكذا معهد باستور، والذي كان له دورٌ كبير في الفضيحة التي طالت المعهد طيلة سنوات من خلال وساطته المشبوهة في صفقات الأمصال منذ سنة 2003 دون حيازته على أي تفويض رسمي يخول له ممارسة تلك المهام، أي إلى غاية الفاتح جويلية من العام الماضي، مقابل استفادته من امتيازات غير مستحقة كحصوله على أجهزة كمبيوتر محمولة وهواتف مجانية. وخلصت الخبرة القضائية المنجزة في هذا الصدد إلى أن الصفقات المبرمة ما بين 2003 و2004 تم، بناءً عليها، اقتناءُ كميات كبيرة من اللقاح تحسبا للأزمة الصحية بعد زلزال 2003 من طرف مخبر ''بيوفارما'' بقيمة مليون و548 دولار أمريكي مؤرخة في 29 جوان 2003، إلا أن مصيرها كان الكساد. بالإضافة إلى تسجيل صفقة مبرمة ما بين المعهد ومخبر ''أس.أي.أي '' سنة 2004 بمبلغ يفوق مليوني دولار أمريكي، وكذا صفقة أخرى مع مخبر ''بيوفارما'' سنة 2003 بقرابة 3 ملايين دولار أمريكي مع إبرام صفقة مع مخبر أوروبي بمبلغ 4 ملايين أورو. كما أفاد التحقيق القضائي في هذا الشأن بأنه سجلت عمليات اقتناء عشوائية لكميات معتبرة من اللقاحات التي كانت تكدس بالمخازن إلى حين انتهاء صلاحيتها، إضافة إلى ذلك فإنه تمَّ اقتناء 200 ألف جرعة من لقاح السل الخاص بالرضع والتي تبين بعد التحاليل أنها غير صالحة للاستعمال لاحتوائها على نسبة تسمم غير عادية. بينما تم اقتناء 100 ألف جرعة من اللقاح الخاص بالزكام عن طريق إبرام صفقة بالتراضي بين مدير المعهد وممثل المخابر الأجنبية، دون أن يتم استغلالُها وكدست بالمخازن إلى حين تاريخ نهاية صلاحيتها. وجاءت تصريحات المتهم الرئيسي بأن عدم تسييره الجيد للمعهد يرجع لعدم خبرته في مجال التسيير والإدارة، وأنه كان في كل مرة يتغيب عن الصفقات التي كان يقف عليها نائبُه، أما هذا الأخير فأنكر التهمة المنسوبة إليه جملة وتفصيلا، معتبرا أنه ليس من صلاحياته الإمضاء والموافقة على الصفقات. وسيواجه المتهمون العشرة وعلى رأسهم المدير العام الأسبق لمعهد باستور المتواجد حاليا في حالة فرار، على أساس جنحة إبرام صفقات مخالفة للتشريع وتبديد أموال عمومية والحصول على مزايا غير مستحقة زيادة على تهمة الإهمال الواضح المتسبب في ضرر المال العام.