مرت مصر بأول انتخابات رئاسية مصرية ديمقراطية، وأثبت الشعب المصري فيها وعيه وتحضره حين مرت العملية الانتخابية بسلام وفي أجواء سادها الهدوء والتحضر. وحل خبر إعلان نتائجها بالإعادة بين كل من دكتور محمد مرسي مرشح _الإخوان_ والفريق أحمد شفيق رئيس الوزراء الأسبق كالصاعقة على بقية المرشحين، حيث كان يعتقد البعض أن شفيق خارج إطار المنافسة، وإذا به ينافس على المركز الأول! وأوعز محللون ذلك إلى أسباب عدة من بينها رغبة الناس في استعادة الأمن والاستقرار والخروج من حالة الانفصام السياسي بين الأغلبية الدينية في البرلمان والأقلية المدنية، بالإضافة إلى رغبة المواطنين في عودة الانضباط والانتظام في دولاب العمل والإنتاج. كما أن انشقاق القوى الثورية في ما يسمى (دكتاتورية الثورة)، حين رفض المرشحون المحسوبون على الاتجاه الثوري، التنازل في ما بينهم أو تكوين فريق رئاسي موحد يضم مرشحي الثورة، صب في مصلحة المرشحين الدكتور محمد مرسي مرشح حزب (الحرية والعدالة) الجناح السياسي لجماعة (الإخوان المسلمين) بحصوله على المركز الأول بفضل القوة التنظيمية للجماعة وتميزها بخط سياسي محدد. واستفاد أيضاً من ذلك الانشقاق الفريق أحمد شفيق الذي حصل على المركز الثاني رغم الحرب الضارية ضده، لكن أنصاره ينظرون إليه كرجل دولة قادر على الخروج بمصر من أزمتها. وبذلك فقد أصبح الناخب المصري في جولة الإعادة لانتخابات الرئاسة المصرية، أمام خياري (الدولة الدينية الإخوانية) باختيارهم لمحمد مرسي من جانب، والدولة المدنية باختيار أحمد شفيق على الجانب الآخر. ومما لاشك فيه أن اعتراض أنصار المرشحين صباحي وأبوالفتوح قبل أن يكون اعتراضاً على النتائج في حد ذاتها، فهو يمثل اعتراضاً على العملية الديمقراطية التي قامت الثورة من أجلها، وقد قام بعض المحتجين من أنصار المرشحين بإحراق مقر الفريق أحمد شفيق مصادرين بذلك رأي الملايين من المواطنين الذين أدلوا بأصواتهم، ويفتقد هذا السلوك الراديكالي للمنطق، ويعود بنا إلى القرون الوسطى، ويمهد لنشوب حرب أهلية تنطوي على تخوين أبناء الوطن الواحد بعضهم مع بعض... لذلك يجب أن يعي الجميع أن مصر فوق الجميع.