تعد فترة الخطوبة التي يعيشها الخطيبان، فترة للتعارف بينهما، وهي الخطوة الأولى في بناء علاقة زوجية أساسها الحب والاحترام المتبادل، فكل طرف من الطرفين، يحضِّر نفسه للدخول إلى وضع اجتماعي ونفسي جديد، يستقل به عن باقي أفراد أسرته، ليكوِّن أسرته الخاصة، غير أنه في كثير من المرات يصيب الفشل هذا المشروع الجميل، ويصل به إلى طريق مسدود، يحتم على الكثيرين فسخ خطوبتهم، لكي لا يتخبطوا في مشاكل أخرى مستقبلا، إذ أصبحنا نسمع بالكثير من حالات فسخ الخطوبة بين الشباب، وهو ما ساهم في تفشي هذه الظاهرة بشكل كبير، مما يهدد بارتفاع نسبة العنوسة في أوساط مجتمعنا، أكثر مما هي عليه الآن. ولعل أكثر الأسباب التي تجعل من المخطوبين يفكرون في فسخها، هي الخوف من الواقع المر الذي تصنعه مشاهد الطلاق، وهو ما وقفنا عليه من خلال الحديث الذي جمعنا ببعض الشباب، الذين حدثونا عن بعض القصص لفسخ الخطوبة، تنوعت أسبابها واختلفت، فمنهم من أرجعها إلى أسباب ثقافية، بمعنى عدم التوافق في المستوى التعليمي أو الفكري، ما جعلهم يقعون في فخ المشاكل والصدامات واختلاف الآراء. وفي هذا الصدد، تقول سهام وهي واحدة من الفتيات اللائي عانين مرارة فسخ الخطوبة، كونها قامت بتنازلات وتضحيات كبيرة من أجل ترقية علاقتها بالشاب الذي أحبته إلى مشروع زواج، رغم أن هناك فوارق اجتماعية كثير بينهما، لكن في الأخير كافأها الطرف الآخر بالهجران فتركها بدون أي سبب يذكر. ليضيف شاب آخر، وهو الذي يعمل حارسا ليليا في إحدى الشركات الخاصة، أنه لم يرد إلا أن يكوّن أسرة سعيدة، وينجب أطفالا، لينعم بنعمة الأبوة، ليعقب أنه لم يشترط الجمال أو المستوى الثقافي في المرأة التي يرغب في أن تشاركه حياته، مثل باقي الشبان في عمره، فقام بخطبة أخت صديقه، إلا أنه لم ينسجم معها لأنها بعيدة كل البعد عن شخصيته، فهي كثيرة الكلام، مندفعة ومتهورة في تصرفاتها. غير أن الأمر لا يقف عند اختلاف الأفكار والتوجهات والطموحات فقط، بل حتى الطمع والجشع من طرف أهل الفتاة، يجعل العريس يمل ويضجر ويفكر في الانسحاب وفسخ الخطوبة، وهو ما عاشه فعلا سمير، موظف بإحدى المؤسسات العمومية، الذي روى لنا قصته التي عاشها مع أهل خطيبته، حيث قال إنه تقدم إلى خطبة إحدى الفتيات، إلا أنه اصطدم بالطلبات والشروط التعجيزية، والتي لا تنتهي من طرف والديها، رغم علمهم بأنه موظف بسيط لا يملك سوى راتبه الشهري البسيط، ليضيف أنه قام بفسخ الخطوبة، بعد سبعة أشهر، نتيجة استسلامه لمخاوفه وهواجسه، من أن هذه العلاقة لن تكون مثلما أرادها وحلم بها دوما، ونهايتها ستكون الطلاق لا محالة. وعليه يعتبر الكذب، من أهم الأسباب التي تعجل بفسخ الخطوبة، فهناك من الفتيات من أخفت سر مرضها عن خطيبها، ليكتشفه أثناء القيام بالتحاليل الخاصة بعقد الزواج، أو إخفاء الخطيب أمر زواجه من قبل، وغيرها من الأسباب التي لا تعد ولا تحصى، فالإسلام حثنا على التريث والتفكير مسبقا، في اتخاذ أي قرار يجعل صاحبه يعيش في ندم طول عمره، وهدف الإسلام أيضا من فترة الخطوبة هو التعارف بين الزوجين، ودراسة النقاط السلبية والإيجابية بينهما قبل الزواج. كاميليا قرقاش