نختم حلقة كأس أمم أوروبا لكرة القدم بسرد كامل للدورات الثلاث الأخيرة، فدورة 2000 عاد لقبها للمنتخب الفرنسي على حساب إيطاليا، فيما عاد لقب الدورة الموالية 2004 للمنتخب اليوناني لأوّل مرّة، أمّا لقب الدورة الأخيرة سنة 2008 فكان من نصيب الإسبان. ترى كيف تمكّنت هذه المنتخبات من الصعود إلى منصّة التتويج؟ ذلك ما سنتعرّف عليه في حلقة هذا العدد وهي الأخيرة كما سبق الذّكر، ونبدأ من دورة 2000 وبطلها دون منازع المنتخب الفرنسي بقيادة زين الدين زيدان. البطولة الحادية عشر _ هولندا وبلجيكا 2000 "زيزو" وفرنسا فوق القارّة "العجوز" أفرزت قرعة تصفيات دورة 2008 مجموعات نارية، منها على وجه الخصوص المجموعة الأولى التي ضمّت تحديدا كلاّ من إيطاليا والدانمارك وسويسرا، وكذلك المجموعة الثالثة التي ضمّت الجاران ألمانيا وتركيا إضافة إلى إيرلندا الشمالية، كذلك المجموعة الرّابعة والخامسة، الرّابعة ضمّت على وجه الخصوص كلاّ من فرنسا و والمجموعة الخامسة هي الأخرى كانت نارية وضمّت رباعي جدّ قوي ويتعلّق الأمر بكلّ من السويد وإنجلترا وبولونيا وبلغاريا. قرعة النّهائيات... صدام الكبار في أوّل الطريق أفرزت قرعة النّهايات أربع مجموعات وصفت جميعها بالنّارية بالنّظر إلى تركيبتها، خاصّة وأن جلّ المنتخبات التي ضمّتها سبق للبعض منها وأن ذاق حلاوة التتويج، زد على ذلك أن هناك منتخبات سبق لها وأن التقت من قبل في مواجهات مثيرة، نذكر منها على وجه الخصوص المجموعة الأولى التي ضمّت وجها لوجه منشّطا نهائي كأس العالم لسنة 1966 المنتخبان الألماني والإنجليزي. الانطلاقة... أسفرت مباراتا الدور الأوّل عن تأهّل ثماني منتخبات، فقد تأهّل عن المجموعة الأولى كلّ من ألمانيا دون عناء إلى الدور ربع النّهائي والبرتغال بشقّ الأنفس، فيما تأهّل من المجموعة الثانية كلّ من إيطاليا وتركيا، وفي المجموعة الثالثة تأهّل كلّ من يوغسلافيا وإسبانيا، وأخيرا في المجموعة الرابعة استحقّ المنتخب الفرنسي العلامة الكاملة رفقة هولندا. الدور ربع النّهائي تجدّدت المواجهات الفرنسية والإسبانية في الدور ربع النّهائي، حيث شاءت الصدف أن يلتقي المنتخبان وجها لوجه من أجل انتزاع تأشيرة المربّع الذهبي، وعاد الفوز لمنتخب فرنسا. اللّقاء الثاني كسبه منتخب البرتغال على حساب المنتخب التركي بهدفين نظيفين، فيما تأهّل منتخب (الآزوري) إيطاليا على حساب رومانيا، وأخيرا هولندا أهانت يوغسلافيا بسداسية تاريخية. الدور نصف النّهائي كسب المنتخب الفرنسي بقيادة (زيزو) ورقة عبوره إلى الدور النّهائي يقضي على حساب البرتغال ويضع (الديكة) بهدف من توقيع زيدان بركلة الهدف الذهبي، المواجهة الثانية حسمها منتخب إيطاليا على حساب هولندا. النّهائي.. هدف صاعق قضى على الإيطاليين وتوّج الفرنسيين يبدو أن الإيطاليين لم يتابعوا ما يسمّى بلعنة بيرهوف في نهائي 96، للمرّة الثانية على التوالي يتمكّن رفاق مقعد البدلاء من إنقاذ ليلة البطل، وذلك مع إقحام روجيه لوميير للثنائي سيلفان ويلتورد وديفيد تريزيغي في الدقيقتين 58 و76 على التوالي، ليتسلم ويلتورد كرة داخل منطقة الجزاء في الدقيقة 93 يتوغّل بها من خلف نيستا ليرسلها من تحت يدي تولدو، مسجّلاً هدف التعادل تمهيدا لوقت إضافي، مع السماح بهدف ذهبي صاعق. وفي الوقت الذي بدا فيه الإيطاليون لمدّة 13 دقيقة في حالة ذهول من وقع التعادل الفرنسي المتأخّر، استغلّ روبير بيريس خطأ قاتلا من كانافارو، متوغّلاً من الجبهة اليسرى ليصنع كرة عرضية مثالية لتريزيغي الخالي من الرقابة منهيا به المباراة قبل نهايتها لفضل الهدف الذهبي. البطولة الثانية عشر _ البرتغال 2004 _ "محاربو الإغريق يغزون أوروبا" البرتغال هزمت إسبانيا والنّمسا واليونان في استضافة بطولة 2004 في عام 1999 استطاعت دولة البرتغال هزيمة منافسيها إسبانيا والنّمسا واليونان وفازت بحقّ تنظيم بطولة أمم أوروبا عام 2004 في النّسخة الثانية عشر من البطولة، وقد تباينت الأماكن والمدن التي أقيمت عليها المنافسات ووصلت إلى 10 مدن برتغالية، جاءت على النحو التالي: أفيرو، براغا، كويمبرا، جويمارايس، ألجراف بالفارو، ليريرا، الدراجاو ببورتو وملعب النّور بلشبونة. الطريق إلى البرتغال بعد أكثر من سنة كاملة من المباريات التصفوية تمكّنت المنتخبات الكبيرة من حجز ورقة عبورها إلى النّهائيات، فيما أرغم البعض الآخر الى خوض الملحق على غرار المنتخب الانجليزي. تأهّل بطل أوربا المنتخب الفرنسي كان على رأس المجموعة الأولى، حيث خاض التصفيات كواحد من أفضل المنتخبات ولم يسقط أيّ نقطة في أوّل ثماني جولات سجّل خلالها 29 هدفًا، وقد تأهلت سلوفينيا خلف الفرنسيين بفارق 10 نقاط. في المجموعة الثانية تأهّلت الدانمارك بفارق نقطة وحيدة عن النرويج ورومانيا، بينما شهد تأهّل منتخب التشيك من المجموعة الثالثة بجيل تاريخي على حساب الطواحين الهولندية التي كانت تمتلك جيلا صاعدا أبهر العالم في السنوات الأخيرة. في المجموعة الرّابعة جاء بطلها المنتخب السويدي على حساب لاتفيا، بينما صعد المنتخب الألماني الذي لم يقهر لصالح المجموعة الخامسة. في المجموعة الخامسة، توّج بلقبها وكما كان منتظرا المنتخب الألماني ب 18 نقطة مقابل 17 نقطة للمنتخب الاسكتلندي. المجموعة السادسة شهدت صراعا قويا بين اليونان ومنتخب إسبانيا حسمه أحفاد الإغريق ب 19 نقطة مقابل 18 نقطة للملاحق، فيما تصدّر المنتخب الإنجليزي ريادة المجموعة السابعة، وحلّ ثانيا المنتخب التركي ثانيا والمنتخب الأوكراني ثالثا. في المجموعة الثامنة تأهّلت بلغاريا على حساب كرواتيا التي تأهّلت إلى الملحق، وفي المجموعة التاسعة تأهّل المنتخب الإيطالي على حساب بلاد الغال، وكان لسويسرا دور في التصفيات بعدما تأهّلت في المجموعة العاشرة على حساب الدبّ الرّوسي الذي خاض الملحق. وبانتهاء التصفيات تمّ التعرّف على المنتخبات العشرة التي تأهّلت مباشرة إلى النّهائيات، ويتعلّق الأمر بكلّ من فرنسا والدانمارك وجمهورية التشيك والسويدوألمانيا واليونان وإنجلتر وبلغاريا وإيطاليا وروسيا، فيما تأهّلت المنتخبات الوصيفة إلى الملحق ويتعلّق الأمر بكلّ من سلوفينيا والنّرويج وهولندا وليتونيا واسكتلندا وإسبانيا وتركيا وكرواتيا وبلاد الغال وروسيا. الملحق الذي ضمّ أفضل وصيف من كلّ مجموعة جاء مثير للغاية، حيث فازت هولندا على اسكتلندا بمجموع المباراتين (6/1) على الرغم من الخسارة في الذهاب بغلاسكو، وهزمت كرواتيا سلوفينيا بهدفين مقابل هدف، وتأهّلت بعد ذلك إسبانيا على حساب النرويج بمجموع (5/2) وروسيا على حساب بلاد الغال (1/0) في المجموع وأخيرا منتخب لاتفيا على حساب تركيا (3/2) في المجموع. الانطلاقة في الثاني عشر من شهر جوان سنة 2004، أعطى الحكم الإيطالي الشهير كولينا إشارة انطلاقة البطولة الثانية عشر بين المنتخبين البرتغالي واليوناني وانتهت بفوز الزوار بهدف لصفر، لكن بالرغم من هذه الخسارة إلاّ أن كلا المنتخبين تأهّلا معا إلى الدور الموالي، إلى جانب كلّ من فرنسا وإنجلترا من المجموعة الثانية، فيما سقط المنتخب الإيطالي في الكماشة الاسكندنافية في المجموعة الثالثة، وأخيرا تأهّل من المجموعة الرّابعة منتخبا ألمانيا والتشيك. الدور ربع النّهائي بداية من الدور ربع النّهائي بدأت اللّقاءات بحسابات مختلفة ودخلت الأشواط الإضافية في الحسبان في ظلّ وجود قاعدة الهدف الفضي المشهورة في ذلك الوقت، وهي التي تنصّ على أن أيّ فريق يسجّل هدفا في شوط إضافي ينتظر حتى نهاية ال 15 دقيقة وفي حال استمرار التقدّم يفوز باللقاء. أبناء ريهاغل أعطوا نفس (السم) لرفاق زيدان في الدور الثاني بفوزهم عليهم بهدف لصفر، فيما طاردت لعنة ضربات الجزاء الإنجليز امام البرتغاليين، أمّا هولندا فأقصت السويد هلي الأخرى بضربات الجزاء، وأخيرا سحق التشيكيون الدنمارك بثلاثية نظيفة. الدور نصف النّهائي كسب منتخب البرتغال ورقة عبوره إلى النّهائي على حساب هولندا بهدفين لواحد، اليونانيون كانوا على وشك السقوط أمام أبناء المدرّب التشيكي بروكنر في مباراة نصف النّهائي خلال أكثر من مناسبة. في المقابل كان الردّ عمليا وقاسيا في اللّعبة الأخيرة من الشوط الإضافي الأوّل، ركنية من زاكوراجيس على رأس ديلاس، والنتيجة هدف فضّي في مرمى بيتر تشيك. النّهائي.. الكأس يونانية على حساب البرتغال دخل المنتخب اليوناني والبرتغالي المباراة النّهائية وفي أذهان اللاّعبين والجماهير الخسارة التي تعرّضت لها البرتغال في اللّقاء الافتتاحي، كتيبة المدرّب العبقري (أوتوو ريهاغل) تعاملت مع البطولة باحترافية كبيرة وقد عرف اللاّعبون قدراتهم جيّدًا واعتمدوا على التوازن الدفاعي وشنّ الهجمات المرتدّة السريعة لقتل الخصوم، بينما مدرّب المنتخب البرتغالي (لويس فيليبو سكولاري) حاول بناء فريق هجومي من الطراز الأوّل سجّل العديد من الأهداف في البطولة وأمتع جماهير بلاده بمستوى ملفت ورائع. ملعب النّور الخاص بنادي بنفيكا البرتغالي شهد واحدة من أكثر النّهائيات إثارة حين سجّل محاربو الإغريق هدفًا نشر الصّمت في الملعب قبل حوالي نصف ساعة من النّهاية، لكن الوقت المتبقّي من اللّقاء لم يشفع ل (كريستيانو رونالدو) ولويس فيغو وروي كوستا من أجل التعديل واحتبست أنفاس الجماهير الحمراء في الدقائق الخمس المضافة كوقت بدلا من الضائع. البطولة الثالثة عشر - سويسرا والنّمسا 2008 إسبانيا بعد 34 سنة.. وغرائب الأتراك لأوّل مرّة في تاريخ البطولة بلغ عدد المنتخبات في بداية التصفيات إلى 50 منتخبا، وإذا أضفنا إلى هذا الكمّ الهائل منظّما البطولة سويسرا والنّمسا يصبح العدد 52 منتخبا. تمّ تقسيم المنتخبات ال 50 على سبع مجموعات، وباستثناء المجموعة الأولى التي ضمن ثماني منتخبات المجموعات الستّ الأخرى ضمّت بالتساوي سبع منتخبات، يتأهّل الأوّل والثاني من كلّ مجموعة إلى النّهائيات دون خوض الملحق، كما جرت العادة في الدورات الثلاث التي سبقتها. الانطلاقة... بتفاصيل البطولة فقد تعرّض نجم ومهاجم سويسرا المشاركة باستضافة البطولة سيباستيان فراي لإصابة في مباراة الفريق الأولى، ليخسر السويسريون أوّل مباراتين لهم ويودّعوا البطولة مبكّرا، وذلك رغم مباغتتهم للبرتغال والفوز عليها في ثالث مباريات المجموعة. تأهّل من المجموعة الأولى البرتغال وتركيا ومن المجموعة الثانية ألمانيا وكرواتيا، ومن المجموعة الثالثة إيطاليا وهولندا على حساب فرنسا وإيطاليا، ومن المجموعة الرّابعة ظهر البطل منتخب اليونان بأرجل من خشب وخرج من الدور الأوّل دون نقاط، والتي تأهّل عنها كلّ من إسبانياوروسيا. الدور نصف النّهائي مواجهة الأقفال الحديدية في ربع النّهائي بين إسبانيا وأبناء العمّ الإيطاليين انتهت لمصلحة إسبانيا بفضل ضربات الجزاء، فيما أطاح منتخب روسيا بمنتخب هولندا في اللّقاء الثاني، ومنتخب ألمانيا عبّر الفخّ البرتغالي بشقّ الأنفس بنتيجة (3 - 2). الملحمة التركية تواصلت وعصفت بكرواتيا بركلات الترجيح. إسبانياوألمانيا إلى النّهائي كما توّقع أراغونيس، كان الروس وجها مختلفا عن ذلك الفريق الذي تلقّى رباعية بالدور الأوّل، مظهرين صلابة شديدة في الخطّ الخلفي خلال الشوط الأوّل، لكن قوّة الإسبان مكّنتهم من إنهاء اللّقاء لمصلحتهم. المواجهة الثانية أنهاها منتخب إلمانيا لمصلحته على حساب تركيا بهدفين لواحد، منهيا مغامرة الأتراك الأوروبية. النّهائي إسبانيا تهزم ألمانيا وتجرّد اليونان من تاجه أصبحت إسبانيا بطلة لأوروبا للمرّة الأولى منذ عام 1964 عبر هدفٍ يتيم سجّله فيرناندو توريس بشوط المباراة الأوّل في نهائي فيينا الممتع رغم عدم تسجيل الفريقين إلاّ هدفا وحيدا. دخل الألمان المباراة بقيادة قائدهم مايكل بالاك (الذي لعب رغم إصابته على مستوى الساق) وهم يطمحون إلى حصد لقبهم الأوروبي الرّابع، وعلى الجانب الآخر منعت الإصابة تواجد هدّاف الإسبان دفيد فيّا في النّهائي ليحلّ مكانه سيسيك فابريغاس الذي كان قد قدّم مستوى جيّدا في مباراة نصف نهائي. بعد بدايةٍ مشجّعة للألمان استرجع الإسبان التوازن وبادروا بتشكيل الخطورة، وتصدّى الحارس الألماني صاحب ال 38 عاما، يانس ليمان لهدفٍ محقّق عندما حول زميله كريستوف ميتسيلدير عرضية إنييستا بالخطأ إلى مرماه، لينقذها الحارس الألماني ببراعة. أضاع الإسبان عبر توريس هدفا آخر بعد راسية النينيو التي ارتطمت بالقائم، قبل أن يسجّل توريس بنفسه هدف المباراة الوحيد في الدقيقة 33 بعد استلامه لتمريرة سحرية أرسلها تشافي وراء دفاعات الألمان، ليتخطّى المهاجم الإسباني الفذّ ظهير المانشافت فيليب لام ويرسل الكرة فوق الحارس ليمان المرتمي على الأرض. وبدا أن الإسبان قادرين من زيادة غلّتهم التهديفية عبر العديد من الفرص التي خلقوها، لكن الألمان بدورهم كانوا قريبين من التعادل بعد تسديدة صاروخية من القائد بالاك مرّت قرب مرمى كاسياس. من بعدها حوّل كلوزه تسديدة لشفايسنتايغر قرب القائم، ليضطرّ مدرّب اللافوريا روخا إلى إعادة إنعاش خطّ وسطه عبر إدخال تشابي ألونسو وسانتي كازورلا مكان فابريغاس ودفيد سيلفا. وقد أعادت إسبانيا فرض سيطرتها في ما تبقّى من وقت حتى أنها هدّدت مرمى الألمان في الدقائق الأخيرة من المباراة وكاد ماركوس سينا يضاعف النتيجة لفريقه بعد تمريرة من البديل غويزا لكن من دون أن يكتب له النّجاح، ليحتفل من بعدها الإسبان بلقب البطولة الغالي ويعزّزوا بذلك موقعهم الكروي الأوروبي والعالمي.