أصبحت معاكسة الفتيات ووعدهن بالزواج ظاهرة متفشية في مجتمعنا وأفرزت من ورائها العديد من الانعكاسات السلبية التي أوقعت بعض الفتيات في مشاكل جمة لا بداية لها ولا نهاية، بعد لهثهن وراء حلم الزواج الذي أصبح بعيد المنال في ظل امتلاء الشوارع بشبان متهورين طائشين لا هم لهم في هذه الدنيا إلا تمضية الوقت والعبث بالفتيات، وحتى السطو على ممتلكاتهن بعد التخفي وراء ستار المعاكسة والوعد بربط علاقة غرامية توصل الطرفين إلى الزواج، وبعد تفشي العنوسة التي تتزايد عاما بعد عام أصبحت بعض الفتيات لا يتوانين على عقد تلك العلاقات التي قد تكون نهايتها الزواج حسب ظنهن، إلا أنهن يفاجئن في آخر المطاف بمصائب تقع على رؤوسهن هذا في حالة ما إذا سلمن وحافظن على شرفهن الذي قد يضيع مع هؤلاء الضائعين. نسيمة خباجة وعادة ما يستعمل هؤلاء المنعدمة ضمائرهم العديد من الحيل كالظهور بمظهر الأثرياء ورجال الأعمال والتجار الكبار للإيقاع بالفتيات كون أن فتيات اليوم اغلبهن يبحثن عن رجال ذوي مستوى مادي ميسور حتى ولو لم تكن تتوفر فيهم الشروط المطلوبة في ذلك المشروع المصيري كالأخلاق وحسن التربية، فالمهم هو انتفاخ جيوبهم كما يرددنه دائما، مما يؤدي بهن إلى التسارع في قبول ربط مثل تلك العلاقات وهمهن في ذلك استكمال خطوة الزواج مع هؤلاء والتي تكون من سابع المستحيلات كون أن الغاية هي غير ذلك في غالب الأحيان، فينعكس عليهن ذلك القرار بالسلب بعد أن يذهبن في تخيل الأحلام وحياة الترف والعيش الهنيء إلا أنهن يصطدمن بالواقع المر في آخر المطاف. فبعد أن تيقن الشبان أن معظم الفتيات بتن يلهثن وراء الأغنياء راحوا إلى استعمال تلك الطرق من اجل الإيقاع بهن، وهم في حقيقة الأمر لا يمتلكون حتى عملا دائما أو مدخولا شهريا يضمنون به حياتهم وحياة من يريدون ربط مصيرها بهم، والعينات التي شهدها الواقع في الكثير من المرات اكبر دليل على ما تفشى في مجتمعنا من مظاهر سلبية نتيجة نقص الوعي والوازع الديني فكيف لهؤلاء استعمال الكذب من اجل التغرير بالفتيات وإيقاعهن في الفخ بغرض العبث والسطو على ممتلكاتهن، ولو تحملوا هم قسطا من المسؤولية فكذلك الفتيات اللواتي ينسقن من ورائهم يقع على كواهلهن القسط الآخر من المسؤولية كونهن وضعن الثقة في زمن باتت فيه تلك الأخيرة عملة نادرة، وقد التقينا بمحض الصدفة بفتيات عشن تلك القصص المأساوية ولحسن حظهن وعلى الرغم من فقد الكثير من وراء تلك العلاقات، إلا أنهن استطعن الحفاظ على اعز ما تمتلكه الفتاة ومعظمهن عبرن أن كل شيء من الممكن تعويضه إلا الشرف فلا حياة للفتاة بعد تضييعه. فتيات وقعن في فخ الطائشين قالت "ه" البالغة من العمر ثمان وثلاثين سنة أنها تعرفت على احدهم الذي كان دائما يوهمها انه غني ويمتلك محلات وان عيشتها معه سوف تكون مرادفة للسعادة ولا ينقصها أي شيء معه فراحت تصدقه وكلها ظن أن أبواب السعد قد فتحت لها إلا أنها فوجئت في احد الأيام بعد أن ربطا موعد باستبدال اللهجة معها بحيث سلمها هاتفه النقال التي ترددت كثيرا قبل أخذه ثم اخرج مبلغا من المال وتوسل لها أن تأخذه، فوضعته في الحقيبة اليدوية إلا انه أمرها أن تخرج حافظة نقودها وتضعه هناك وتكفل هو بوضعه إلا انه في حقيقة الأمر أن كل تلك السيناريوهات كانت نهايتها درامية لتتفاجأ الفتاة بعد أن خطف القرط من أذنها وهرب كما تفاجأت أيضا بأنه قد سرق الهاتف النقال وحافظة النقود بما كان فيها من أموال داخل الحقيبة اليدوية أثناء قيامه بالتظاهر بوضع المال داخل حافظة النقود، واحتارت الفتاة للطريقة الجهنمية التي اعتمدها ذلك الصديق الوديع في فعل كل ذلك من دون أن تتفطن له. "م" هي الأخرى تعرضت إلى نفس الموقف بعد أن ربطت علاقة مع احدهم الذي راح يبين ويؤكد نيته الصادقة معها والتي سوف يختمها بالزواج لا محالة فصدقته لاسيما وانه أوهمها بامتلاكه لكل الإمكانيات التي تتيح له فرصة الزواج معها وبناء بيت سعيد، واعلمها انه تاجر كبير يشرف على العديد من الصفقات المهمة التي تعود عليه بالأرباح الطائلة، إلا أنها تفاجئت به في احد الأيام وهو يقترض منها مبلغا من المال والذي عادل 20 ألف دينار ووعدها برده إياه بعد أيام معدودة فراحت تسلمه المبلغ حفاظا على العشرة التي جمعتهما معا، إلا أنها لم تعثر عليه منذ تسليمه المبلغ ولم يظهر له اثر بعد ذلك وحتى الشرائح الهاتفية استبدلها هي الأخرى لكي لا تتصل به البتة واستغربت الفتاة من تجرئه على فعل ذلك بعد أن وعدها بالكثير من الأشياء التي تحلم بها كل فتاة. العاملات أكثرهن استهدافا هؤلاء الشبان ينتقون فرائسهم وعادة ما تتعرض خاصة الفتيات العاملات إلى مثل تلك المواقف البائسة، كونهن يشكلن الصفقات المربحة بالنسبة لهؤلاء الشبان الباحثين على مصادر دخل لهم، فتُدفع تكلفة تلك العلاقة من جيب الفتاة والعجيب في الأمر أن هناك من الفتيات من يرضين بذلك ويرحن إلى إغداق الشاب بالأموال وحتى الهدايا فالمهم هو الوصول إلى نيل رضاه عنهن، وعادة أول ما تحبذه تلك العصابات إن صحت التسمية الاستفسار عنه هو عمل المرأة من عدمه ففتاة عاطلة عن العمل هم ليسوا في حاجة إليها كونها لا تتوافق مع أهدافهم ونواياهم السيئة في نهب الفتاة واستغلالها. واجمع كل من تحدثن إليهن من الفتيات أن العاملات هن الأكثر عرضة إلى تلك المواقف بحيث تستهدف تلك العصابات النسوة العاملات من اجل سلبهن أموالهن بدافع الطمع وانعدام مصادر الدخل لهؤلاء الشبان ففكروا في تلك الحيلة التي تعود عليهم بمداخيل بين الفينة والأخرى، لاسيما وان تجاوبت الفتاة ورضت بذلك باسم الحب والهيام الذي تكون نهايته سيئة ولا تكتمل بخطوة الزواج إلا من رحم ربه، بالنسبة لهؤلاء الذين لا يستطيعون الاستغناء عن مورد مالهم فيستكملون الخطوة لحاجة في نفس يعقوب وكلهم عزم على استبدال الأدوار لتتكفل شريكة العمر بمهمة الإنفاق ومواصلة الدرب التي كانت عليه قبل الزواج وللأسف هناك من النسوة من ترضى بذلك حتى عممت الظاهرة، ولم تبق إلا القليلات ممن لازالت متمسكة بمبادئها التي لا يمكن التنازل عنها بأي حال من الأحوال، وكلهن يقين أن مسؤولية الإنفاق تقع على كاهل الزوج وليس الزوجة حتى ولو كانت عاملة. وفي هذا الصدد تقربنا من بعض النسوة لرصد آرائهن حول هذه النقطة قالت مروة بالفعل بعض رجال اليوم يختلفون عن رجال الأمس من حيث تجردهم من المسؤولية وإلقائها على كاهل المرأة كاملة، لاسيما وان كانت عاملة في الوقت الذي ينعدم فيه مصدر دخله، وقالت أنها على معرفة بنسوة أنفقن على أزواجهن قبل الزواج وواصلن ذلك حتى بعد الزواج بعد استمرار الزوج على انتهاج سيرته السلبية و تجرده من المسؤولية التي كبرت بعد ميلاد الأطفال، وأضافت أن هناك من أشباه الرجال من يتزوجون بدافع الطمع فيتظاهرون بممارسة الأعمال الحرة المتقطعة و يتوقفون عنها مباشرة بعد زواجهم لتقع المسؤولية بكاملها على الزوجة التي مهما صبرت فسيأتي اليوم التي تقرر فيه الانفصال فرجل من دون عمل من الصعب أن تحتمله المرأة وحتى ولو احتملته لسنة أو لسنتين ليس بوسعها احتماله لسنوات طويلة. الظروف الاجتماعية من أسباب تنامي الظاهرة لعل أن الظروف الاجتماعية المتفشية في مجتمعنا ساعدت على بروز تلك الظاهرة المشينة وتناميها من وقعت لأخر على غرار العنوسة وتأخر سن الزواج بالنسبة للجنسين بالإضافة إلى البطالة المنتشرة بين شبابنا والتي أدت إلى العديد من الإفرازات السلبية نتيجة الفراغ الخانق ومن ثمة لهت بعض الشبان وراء موارد الدخل حتى ولو كانت بطرق ملتوية باستعمال المعاكسة وربط العلاقات الغرامية من اجل تحقيق مآرب شخصية منحطة فصارت العديد من الفتيات لا تتوانى عن ربط مثل تلك العلاقات وكلهن طمعا في استكمال الخطوة بالزواج، فيرحن في تزويد الشاب بالمال والهدايا فالشيء المهم لديهن هو فتح بيت قبل فوات الأوان ، هؤلاء الشبان هم الآخرون يعللون تصرفاتهم اللامسؤولة ببطالتهم وانعدام دخلهم واحتكار فرص العمل من طرف النسوة فيذهبون إلى ابتداع الحيل والطرق من اجل تحقيق أهدافهم باستعمال المنكر والخداع من اجل السطو على كل ما تمتلكه الفتيات لإفشاء تلك الضغينة التي يحملها بعض الشبان للفتيات. وبالنظر إلى تنامي تلك الظاهرة ومعاناة الكثيرين منها في الوقت الحالي تبعا للعينات التي تعد بمثابة نقطة في بحر والتي سبق وان ذكرناها سالفا، وجب الحيطة والحذر من هؤلاء الرجال الذين يبنون أحلاما للفتيات سرعان ما تهد بعد فرارهم وتجردهم من المسؤولية بمجرد تحقيق أهدافهم وسلب الكثير من الفتاة.