لا يزال سكان مداشر بلدية العيساوية الواقعة بأقصى الشمال الشرقي لعاصمة ولاية المدية على سفوح جبال الأطلس البليدي يعانون العزلة الخانقة جراء الغياب الكلي لمظاهر التنمية الفعلية على المستوى المحلي، والتي أصبحت -حسب من تحدثوا إلينا من قرية أولاد كلة- حلما لم يتحقق بعد. هذه القرية التي شهدت أكبر تجمع سكاني سنوات الجمر، حيث اضطرت فئة الزواولة إلى التجمع بهذه المنطقة المصنفة في إطار الأراضي المشاعة، في شكل أكواخ هشة أصبح أغلبها حسب ما وقفنا عليه عبارة عن فيلات من صيغة السكن الريفي، ومن بين المعاناة اليومية نقص وسائل النقل وبصنفيه بين القرية وبني سليمان خاصة يومي السوق الأسبوعية الجمعة والإثنين على وجه الخصوص بفعل اهتراء المسلك الواصل بين سكان القرية وأولاد بلحاج على نحو9كلم، والتي أصبحت حسب ملاحظتنا غير صالحة تماما لحركة المرور، بالإضافة إلى الطريق الرابط بين مقر البلدية وبلدية الحوضان على مسافة 15كلم، على مستوى الطريق الوطني رقم 8 الرابط بين العاصمة وبوسعادة عبر تابلاط، كما أن الطامة الكبرى حسب وصف السكان تكمن في مشكل جلب الماء الشروب على ظهور الدواب من البئر المنجزة عام 2002، ولكن دون إيصال المادة عبر القنوات بمبرر سرقة المضخة بعد أسبوع من وضعها بالبئر، أما البطالة فمازالت ضاربة أطنابها في وسط شباب هذه القرية التي استفادت بمشروع التنمية الجوارية سنة 2004 بغلاف يفوق 3.9ملايير سنتيم بهدف توفير 140منصب شغل، كان مآله الفشل كباقي مشاريع هذه الصيغة من الدعم الفلاحي لسكان المناطق الريفية بداية 2003 في نظر السكان،كما أن ذات البلدية لم تستفد من محتوى برنامج محو الفوارق الملاحظة بين الريف والمدينة بترميم وتهيئة المرافق الحيوية كشبكة الطرق والمياه الصالحة للشرب ....حسب ما تضمنه تقرير مديرية التخطيط والتهيئة العمرانية المقدم لدورة المجلس الولائي في ديسمبر2005، تحت عنوان (البرنامج الخاص بعودة السكان وتحسين الوضع الأمني) الذي تسبب في تهجير نسبة كبيرة من سكان بلديات الأطلس البليدي الأربع "الحمدانية-بعطة-العيساوية والحوضان" التابعة لولاية المدية، حيث انخفض رقم سكان البلدية من 7215 نسمة حسب إحصاء 1987 إلى 6507 نسمة سنة1998 ليصبح 3658نسمة في الإحصاء الأخير، ومن بين المداشر المحافظة على نسبة قليلة من مواطنيها دشرة الشماليل وتيجاي والخوالد وبكار بالجهة الشرقية لتوفر مفرزات الحرس البلدي والطريق الرابط بينها ومقر البلدية والدائرة بتابلاط، إضافة إلى القبالجية بجهة الجنوب لتوفر ذات عوامل الاستقرار النسبي، فيما تبقى أكثر من 10 قرى خالية على عروشها، والزائر لمداشر هذه الجهة ذات المناظر الطبيعية يقف على حجم المعاناة التي عكرت صفو الحياة اليومية لهؤلاء السكان الذين أصبحوا يعيشون حالات من التذمر والاستياء جراء العزلة والتهميش لانعدام توفر أدنى متطلبات الحياة الكريمة في جزائر العزة والكرامة، حتى يخيل لزائر مداشر هذه البلدية التي تحمل ضريح المقاومة لالة فاطمة نسومر(1830-1863) أنه يعيش فترة ما قبل استقلال الجزائر، فقد تعرضت معالم ومؤسسات العيساوية وكذا مداشرها وقراها إلى الحرق والتخريب من طرف الجماعات المسلحة بين 1994-1998على غرار التدمير الكلي للإكمالية مقر البلدية وقاعة التوليد بسعة 40 سريرا التي أحرقت على يد الجماعات الإرهابية أياما فقط قبل فتحها، وحتى الزاوية القرآنية لم تنج من التخريب الذي طال كذلك حتى مقابرالموتى، ولهذا يرفض النازحون العودة إلى أرزاقهم في ظل غياب التحفيزات اللازمة، وحسب مصادر (أخباراليوم) فإن البلدية لم تستفد منذ سنة 2003 -تاريخ التفكير في تخصيص برنامج طموح لدعم المناطق الريفية- إلا من 193 إعانة في إطار البناء الريفي، في حين أحصت مصالح البلدية أزيد من 411 سكن هش مهدد بالانهيار، أغلبها بيوت أنجزت من الطوب والقصدير من طرف الفارين من همجية الإرهاب ومع هذا كله تبقى العيساوية حسب ذات المصادر محرومة من عدة مرافق وعلى رأسها ماء الشرب، إذ أن البلدية أعدت دراسة شاملة لربط مختلف المداشر بالماء الشروب من منطقة (بلحيرث) بتكلفة قدرت بحوالي سبعة ملايير سنتيم، وما زالت تنتظر رد السلطات الولائية المعنية، فيما يزال السكان ينتظرون فتح المركز البريدي الذي تم إنجازه وبقي مغلقا بسبب نقص التأطير، كما يعاني تلاميذ الطور الإكمالي والثانوي بمقر الدائرة من مشكل النقل، فالبلدية لا تتوفر إلا على ثلاث حافلات أكل الدهر عليها وشرب، وأن تكلفة تصليحها وصيانتها تقارب ثمنها الأصلي، مما يضطر رئيس المجلس الشعبي البلدي وفي كل مرة إلى كراء 4 حافلات تابعة للخواص لنقل ما يصل الى 255 تلميذ وتلميذة يزاولون دراستهم بتابلاط، وفي انتظار حلول مناسبة لرفع الغبن عن سكان بلدية العيساوية من قبل السلطات الوصية تبقى الآمال معلقة إلى إشعار لاحق.