نساء مضطهدات داخل البيت والعمل والشارع تواجه المرأة الجزائرية في السنوات الأخيرة ضغوطات كبيرة من محيطها مهما اختلف موقعها في المجتمع، إذ تجد المرأة سواء كانت عاملة أو جامعية أو حتى ربة بيت نفسها يوميا في مواجهة نظرات الاحتقار من طرف الآخر لأسباب تبقى مجهولة في عصر الانفتاح.. مليكة حراث ارتأت (أخبار اليوم) أن تسلط الضوء على هذا موضوع شائك وتجسيد بعض الظنون الخاطئة، حيث أبت إلا أن تبين حقائق زيفتها عادات بالية لاتمت بصلة لديننا الحنيف، وعلى عكس مختلف القنوات الإذاعية والتلفزية التي تسعى في كل مناسبة إلى التغني والإشادة بمختلف إنجازاتها ووصمها بطابع التحرر والتحضر ومختلف النعوت والأوصاف الكاذبة، متناسين أساليب القهر والاحتقار والظلم الذي تعيشه نساء العالم العربي والجزائري بالخصوص أبت إلا أن تركز على بعض الظواهر السلبية وبالأحرى نظرات الاحتقار والشك التي تلاحق نساءنا عبر الشوارع والأحياء وحتى بيوتهن ومراكز عملهن، فمن ظلم الإخوة وجبروتهم إلى التحرشات الجنسية في أماكن العمل إلى الكلام المتداول عن شرف المرأة الذي لا يضاهيه ثمن والذي يعد تاج كل امرأة تتزين به في هذه الحياة .. العنوسة تطارد الجامعيات العانس لقب قاس تلقب به المرأة التي تجاوزها قطار الزواج وبقيت عزباء وهو نعت نتلفظ به سواء عن قصد أو عن غير قصد، وقد انتهى شعرها شيبا ومر بها قطار العمر وتجاوزت العقد الخامس من عمرها، إنها في عداد العوانس، نعم لأنها كانت مجبرة على تولي رعاية إخوتها الصغار الذين كانوا صغارا وتوّلت هي مسؤوليتهم وعزفت عن الزواج إلى أن كبروا، ومنهم من تزوج وبقيت كما كانت تفرح لفرحهم وتحزن لمصائبهم ولا أحد يحس بما يدور في ذهنها، وأصبح هؤلاء الإخوة ينادونها (بالبايرة). وهناك من رسمت صورة لفارس أحلامها لكن لا حياة لمن تنادي وأخريات فضلن دراستهن الجامعية والتحصل على الشهادات لتلحق بهن السمعة السيئة التي تحيط بالجامعة والأحياء الجامعية نتيجة ما روجت له الصحافة الصفراء، وبالتالي يعزف الشاب عن اختيار الجامعية التي سمع عنها ما لا يرضي عائلته، وقد أثبتت دراسة قام بها رئيس الجمعية الإسلامية تمثلت في وجود أعلى نسبة العوانس في الجزائر، حيث أن 90 بالمائة من الفتيات العانسات مثقفات تابعن دراستهن بالجامعة، أما بعضهن فقد أجبرتهن الظروف على العنوسة، فهي لم تكن على القدر الكافي من الجمال أو أنهن أمضين شبابهن ماكثات بالبيت نادرا ما تخرجن إلى العالم الخارجي، هذا إضافة إلى الفقر وقلة المال والجاه دون أن ننسى الفتيات اللواتي لا يحسن أصول الكلام ولا يحسن أصول الزينة واللباس والطرق المناسبة التي يجب أن يظهرن بها إلى الآخرين فمن المسؤول عن ذلك؟ النادلات والحلاقات في فم الإعصار كسائر المجتمعات العربية لا يزال مجتمعنا محكوما بعادات بالية ومن بينها نظرات الاحترام التي تطارد الحلاقات والنادلات كأنهن لاعلاقة لهن بالشرف والنزاهة، فأصبح المجتمع يحكم عليهن بأحكام مسبقة ظالمة، فيعتبرهن الشباب صيدا سهلا، ويقذفوهن بأقبح الكلام وأقساه، وحتى الآن نجهل الأسباب الحقيقية لكل هذا الظلم والجور. ونجد فتيات في عمر الزهور في سن ما بين 18 إلى 25 سنة لكن مظهرهن يلوح إلى أكثر من ذلك فلقبن لدى العامة ب(البابيشات) أو( الأنوشات)، وقد شاع استعمال هذا المصطلح في مجتمعنا في الآونة الأخيرة، هن كذلك أضفن ضمن لائحة المغضوب عليهن، فهن المتتبعات لآخر صيحات الموضة في اللباس والماكياج وتصفيف الشعر، يهتمن بشكلهن كثيرا يردن أن يظهرن كالنجمات من فنانات ومطربات ونساء كاملات، يتضايقن لما أحد يناديهن ب (أنوشات) لأن هذا المصطلح أصلا أطلق للسخرية والاستهزاء والويل لها إن رفضت أحد المتحرشين بها فتسمع شتى أنواع السب والشتم وتوصف بشتى الأوصاف المهينة لكرامتها وأنوثتها.. المطلقات مستودع المتاعب والمعاناة المطلقات أيضا تعاملن على أنهن خطر يجب الابتعاد عنه، نظرا لتلك الأحكام المسبقة والجائرة تجد المطلقة نفسها مراقبة ومطاردة من كل جهة يلاحقها الكلام أينما ذهبت، تحسب عليها كل حركة باعتبار أنها مذنبة في كل ما حدث، ففي مجتمعنا عادة ما يتقبل الناس فكرة الرجل الذي يفشل في حياته الزوجية ويقولون إنه شيء عادي أو تعيس الحظ، بينما تقع المسؤولية على عاتق الزوجة، أما المرأة المطلقة فالمجتمع يظلمها لأنه لايحاول إيجاد مبررات لطلاقها أو فشلها في الحياة الزوجية، ويؤكد بشكل دائم ضعفها لذلك يترك بصمة كل مساوئ المجتمع على عاتقها فتتحول المرأة المطلقة إلى خزانة تجمع فيها كل المتاعب الاجتماعية والعيوب الأخلاقية، إلى متى ستبقى المرأة، الأم، الأخت، الزوجة محاصرة بنظرات الشك والاحتقار واللهفة والتحرش من جهة أخرى؟