بقلم: الدكتور عادل عفيفي نشر موقع www .Gololy.com يوم 23 جوان 2012 تحقيقا بعنوان: (ما هي كلمات حسني مبارك التي أبكت زوجته سوزان بشكل هيستيري؟) قال: (حد يروح لطنطاوى يقوله إن الريس محتاجك فى حاجة ضروري، أنا عايز أقوله حاجة مهمة قبل ما أموت). بهذه الكلمات صرخ الرئيس المصري المخلوع مبارك .. تخيلت أن تكون الكلمات كالتالي: - هي: عايز المشير في إيه؟ - هو: أنا حاسس إن نهايتي قرّبت ورجلي والقبر، وكلها عشرين تلاتين سنة وأكون في الباي باي، وعاوزهم يحنّطوني ويحطّوني في المتحف المصري زي فرعون، أنا خايف من موضوع القبر ده!! - بعد الشر عليك.. تِفّ من بقك!! - (تَفّ من بقه) ثم قال: أنا عايز أعترف له بمكان الذهب والياقوت والمرجان اللي إحنا سرقناهم من مغارة مصر، ومليارات المليارات اللي نهبناها وأقول له مكانها عشان يعرف يرجعها للدولة، واطلب منه يخللي الشعب يسامحني عن اللي عملته فيه من يوم ما استلمت، يمكن ربنا يغفر لي..أصل إحنا بصراحة افترينا قوي، وانتي السبب فيما جرى لنا بسبب موضوع التوريث، الله يخرب بيتك.. - وبعدين؟؟ إنت جات لك الهفّة ولا إيه؟ - وكمان عايز أعترف بإن أنا اللي أمرت حبيب العادلي يحرق الصحفي رضا هلال بالجير الحي، عشان ما كانش عاوز جمال ابني يركب.. - طب وده إيه لازمته دلوقت؟ - أصل أنا خايف من انتقام ربنا مني، حايسلط عليكي ناس يمسكوكي ويكتّفوكي و يحرقوكي في الجير الحي. وهنا صعقت سوزان ورقعت بالصوت الحياني: يا نهار أسود!! أنا ؟؟ ..يحرقوني؟؟.. جير حي؟؟.. وبكت بشكل هيستيري.. ولكن الأمر لم يكن كما تخيلت.. والحقيقة أن مصادر بمستشفى المعادي قالت إن صوت (مبارك) كان مرتفعا، وتسبب فى إيقاظ زوجته سوزان وفريق الأطباء الخاص، الذين سارعوا إليه خشية حدوث مكروه، فكرر طلبه عليهم، وعندما استفسرت زوجته عن السبب، رد قائلا: (عايز جنازة عسكرية كأي جندي خدم في القوات المسلحة وشارك في حرب أكتوبر). لم تتمالك (سوزان) نفسها ودخلت في نوبة بكاء هستيري!! هذا هو مبارك.. وهذا هو طلبه وهو في (السنوات) الأخيرة من عمره.. جنازة عسكرية.. يعني مزيكا وخلافه!! يريد أن تزِفّه المزيكا إلى عذاب القبر.. لا يعرف شيئا عما سيحدث له فور دخوله القبر المكيف الذي أنفق الملايين من أموال الدولة لتشييده.. لم يفكر في توبة نصوحة قبل أن يغرغر.. أو في تدارك ما حدث ويعيد الحقوق المنهوبة للشعب ويحاول إنقاذ ما يمكن إنقاذه.. وقد نشر ذات الموقع في 22 جوان 2012 أن مصدرا قضائيا عسكريا سابقا، صرح بأنه في حالة وفاة الرئيس السابق محمد حسنى مبارك، فلن تكون هناك مراسم عسكرية لجنازته، لأنه سجين محكوم عليه من محكمة الجنايات بإدانته، ويُحرم من التحلي بأي رتبة أو نياشين ومن جميع الحقوق والمزايا المقررة لهذه الرتبة. هذا هو فرعون مصر المعاصر وامرأته. هيا بنا إلى القصص القرآني لنرى الفرق بين هذه المرأة وامرأة فرعون. فقد أتت المفاجأةُ المرعبةُ لفرعون، حيث انطلق صوتُ الإيمان فى داخلِ قصره، إنَّها آسية بنت مزاحم زوجةُ فرعون، فقد صدعتْ بإيمانها متحدِّيةً كبرياءَ فرعونَ، ورافضةً كلَّ دنيا فرعون، قصوره، خدمه، حشمه، أمواله.. وسجَّل اللهُ العظيم قصةَ هذهِ المرأة قرآنًا يُتْلى ومثلًا تترسَّمُهُ كلُّ الأجيالِ المؤمنةِ، وخاصة أجيالَ المرأةِ التي تنتمى إلى خطِ الإيمان. (وَضَرَبَ اللهُ مَثَلا لِلَّذِينَ آمَنُوا اِمْرَأَةَ فِرْعَوْنَ). (التحريم/11). وماذا تتعلمُ المرأةُ المؤمنةُ من قصةِ آسية بنتِ مُزاحم؟ هنا مجموعةُ دروسٍ: *الدرس الأول: مطلوبٌ من المرأة المؤمنة أنْ تُعبِّرَ بكلِّ اعتزازٍ وفخرٍ عن انتمائِها الإيمانى، وعن هُويَّتِها الربَّانية، لاسيما حينما تحاصرُها الانتماءات الأخرى، وحينما تتحدَّاها الثقافاتُ التي تحاول أنْ تسرِقَ أصالتها، ودينها، وقيمها وأخلاقها، وعِفَّتها، وهذا التعبيرُ يتجسَّدُ مِن خلالِ الكلمةِ الجريئةِ الشجاعة، ومن خلالِ الالتزام العملي بتوجيهاتِ الدين وأحكامه وقيمه، والرفض لكلِّ ما يتنافى مع هذه التوجيهاتِ والأحكامِ والقيم. *الدرس الثاني: الصمودُ والثباتُ على العقيدة أمامَ الإغراءاتِ والتحدِّيات.. واجهتْ آسية بنت مزاحم أسلوبين خطيرين من أجلِ أنْ تتخلَّى عن عقيدتها: - الأسلوب الأول: أسلوب الإغراءات: وأي إغراءٍ أكبرُ من (دُنيا فرعون) و(قصورِ فرعون) إلا أنَّها رفضت كلَّ ذلك؛ فما قيمةُ دُنيا فرعون أمام جنَّةٍ (عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاء وَالأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرُسُلِهِ) (الحديد/21). - الأسلوبُ الثاني: أسلوبُ العنفِ والإرهابِ: مارسَ فرعونُ أقسى ألوان العنفِ والإرهاب مع آسية بنت مُزاحم؛ أوْتَدَ يديها ورجليها بأربعةِ أوتادٍ، وألقاها في الشمسِ، ثمَّ أمَرَ أنْ يُلقى عليها صخرةٌ عظيمةٌ، واستخدم معها كلَّ أدواتِ البطش والتعذيب، وكانتْ فى ذروةِ العذاب تُردِّدُ بكلِّ ثقةٍ واطمئنان (رَبِّ ابْنِ لي عِنْدَكَ بَيْتًا في الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنْ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) (التحريم/11). وهكذا كانت صامدةً ثابتةً تهزأ بكلِّ العذاب، وتهزأ بكبرياء فرعون، وجبروته، وطغيانه، وتهزأ بكلِّ سياطِ جلَّاديه، أمام (حبِّ الله) و(قدرة الله) و(عظمة الله) فالإيمانُ قوة تتحدَّى كلَّ الطواغيت، وتتحدَّى كلَّ الإرهاب. * الدرس الثالث: الإنسان المؤمنُ مشدودٌ دائمًا إلى عطاءِ ونعيم الآخرة (وَمَا عِندَ اللهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى أَفَلا تَعْقِلُونَ) (القصص/60). الفرعونان من عجينة واحدة، أما المرأتان فالفرق بينهما عظيم.