يحاصر سكان ولاية بجاية في المدة الأخيرة جملة من المشاكل اليومية، والتي نغصت حياتهم وجعلتهم يتخبطون في معاناة اجتماعية، والبداية مع ألسنة الحرائق التي أتلفت إلى حد الساعة كحصيلة أولية منذ الفاتح جوان إلى حد الساعة مساحة قدرت بأزيد من 2300 هكتار من الثروة الغابية، وحولت القرى والمداشر والأرياف إلى مناطق أشباح، مما أثر على الفلاحين الذين وجدوا حقولهم وبساتينهم وأملاكهم قد تحولت بين عشية وضحاها إلى رماد وركام. والغريب أن ألسنة النيران ما تزال مستمرة تحصد المزيد في عدة مناطق الولاية في حرائق منتشرة هنا وهناك مسببة ذلك المزيد من إتلاف الغطاء النباتي كما تؤدي هذه الظاهرة إلى رفع درجة حرارة الجو خلال أيام هذا الشهر الفضيل، ويصاحبه في ذلك إنقطاعات في الكهرباء، والتي عكرت صفو حياة السكان بسبب الخسائر التي تلاحقهم في كل لحظة من فساد للمواد الاستهلاكية وتعطيل الأجهزة الكهرومنزلية والكهربائية والأكثر تضررا في هذه الحالة شريحة التجار الذين فضلوا عدم المغامرة في توفير السلع الواسعة الاستهلاكية مثل الحليب ومشتقاته وغيرها، وهو ما انعكس سلبا على المواطن الذي وجد نفسه أمام ظاهرة الندرة، والأمر الجديد الذي ظهر مجددا إلى بعض المناطق هو ما يتعلق بأزمة المياه الصالحة للشرب، حيث في منطقة ملالة خرج سكان قرية أعلي ومحند للمطالبة من الجهات المعنية بتزويدهم بالماء، حيث بقيت حنفياتهم في الأيام الماضية جافة، مما تطلب الأمر من أرباب العائلات الدخول في رحلة البحث عن هذه المادة الحيوية، وفي نفس السياق يعاني سكان بلدية أيت إسماعيل من نفس المشكلة في عز الحرارة المرتفعة وتزامنا مع الحرائق التي أتت على الخضر واليابس وقضت على الثروة الغابية. وفي خضم ما أحدثته الحرائق من إتلاف وفساد في غابات هذه البلدية، واستباقا لعدم تكرار ما حدث، يأمل السيد صادق أقرور رئيس بلدية برباشة بأن تفكر السلطات المعنية بفتح مسالك ريفية تسمح للتدخل في المستقبل لإخماد الحرائق في مهدها، وتمكين وصول عناصر التدخل من حماية مدنية ومحافظة الغابات إلى المواقع المعنية. والعائلات أمام لهيب الأسعار لم تجد العائلات البجاوية حلولا مناسبة تجعلها تقاوم بها ظاهرة الغلاء التي امتدت لهيب أسعارها من المواد الاستهلاكية إلى ألبسة العيد، والتي يمكن أن تساعدها على تجاوز هذه الأيام الصعبة، قصد إدخال السرور إلى قلوب أبنائها لا سيما الصغار يومي عيد الفطر المبارك، فالزيادة فاقت نسبتها 70 بالمائة، وبلغت مصاريف الطفل الواحد تتراوح بين 8 آلاف و10 آلاف دينار، وأصبح الأمر معقدا مع العائلات الكبيرة خاصة إذا تعلق الأمر بالطبقة المحدودة أو حتى المتوسطة، وكل الزيادات التي استفاد منها العمال بمختلف طبقاتهم قد التهمها لهيب الغلاء الفاحش، وللتقليل من ثقل التكاليف، لم تجد بعض العائلات الكثيرة لتوفير ألبسة العيد خيار غير التوجه إلى اقتناء الألبسة المستعملة التي أضحت منتشرة هذه الأيام في الأسواق اليومية والأسبوعية، أما الحديث عن الدخول المدرسي فذاك مشكلة أخرى تنتظر هذه العائلات في الأيام القادمة من الشهر الداخل، ولعل ذلك يعطي إشارة إلى دخول اجتماعي ساخن ، بسبب الأوضاع الاجتماعية المزرية، ناهيك عن المشاكل اليومية التي تستمر وجودها رغم المجهودات المبذولة على أرض الواقع والتي بقيت تعطي انطباعا بأن سياسة البريكولاج لم تغادر بعد أذهان وعقول المسؤولين المحليين، أما ما يتعلق بالتضامن الاجتماعي فقد حققت أهدافها وعملت الجهات المكلفة سواء الرسمية من بلديات وهلال أحمر ومديريات النشاط الاجتماعي وكذا الجمعيات الخيرية التي أدت واجبها الاجتماعي ذات الطابع الإنساني على أحسن ما يرام، حيث أننا لم نلاحظ لا فوضى و احتجاجات ولا امتعاض ولا استياء من العائلات الفقيرة والمعوزة، المنتشرة على مستوى ولاية بجاية، فالأمانة وصلت إلى ذويها، وثقافة التضامن والتآخي قد أخذت تتجذر في أعماق السكان لتكرس مفهوم التكافل الاجتماعي الحقيقي في نفوس ويوميات المواطن.