تعيش الجزائر، رغم الأزمة المالية العالمية، بحبوحة مالية حقيقية تجسّدت من خلال نجاحها في الحصول على ربح مالي جديد بقيمة 17 مليار دولار في سبعة أشهر، وهو وضع مالي يسمح لبلادنا بإنجاز مشاريعها بأريحية كبيرة، لكنه لم يسمح لها حتى الآن بالتخلّص من الأثار الوخيمة لبعض السياسات المعتمدة في تسيير بعض القطاعات، مثل قطاع الكهرباء المرتبط أساسا بالطاقة، حيث أنه في مقابل البحبوحة المالية التي تعيشها الجزائر يعاني الجزائريون من (آفة) انقطاع الكهرباء على نحو بات يشكّل إزعاجا كبيرا للمواطنين في عزّ فصل الحرّ. بينما يعاني ملايين الجزائريين من الانقطاعات المستمرّة للكهرباء، سجّل الميزان التجاري للجزائر فائضا بلغ 45ر17 مليار دولار أمريكي خلال الأشهر السبعة الأولى لسنة 2012 مقابل 95ر13 مليار دولار أمريكي خلال نفس الفترة من 2011، أي ارتفاع بأكثر من 25 بالمائة. وحسب المركز الوطني للإعلام الآلي والإحصائيات التابع للجمارك فقد بلغت الصادرات الجزائرية 36ر44 مليار دولار مقابل 42ر42 مليار دولار خلال نفس الفترة من السنة المنصرمة مسجّلة بذلك زيادة بنسبة 57ر4 بالمائة. وتوضّح الأرقام المؤقّتة للمركز أن الواردات قدّرت ب 91ر26 مليار دولار مقابل 46ر28 مليار دولار وهذا خلال تفس الفترة من سنة 2011 مسجّلة بذلك انخفاضا ب 46ر5 بالمائة. وأدّت هذه النتائج يضيف المركز إلى نسبة تغطية الواردات من خلال الصادرات قدّرت ب 165 بالمائة مقابل 149 بالمائة خلال نفس الفترة المرجعية. ويعود هذا التحسّن في الفائض التجاري إلى انخفاض الواردات وتحسّن في الصادرات لا سيّما المحروقات. مثّلت المحروقات حسب ذات المصدر 33ر97 بالمائة من القيمة الإجمالية للصادرات، أي ما يعادل 17ر43 مليار دولار خلال الأشهر السبعة الأولى من سنة 2012 مقابل 15ر41 مليار دولار خلال نفس الفترة من السنة المنصرمة مسجّلة بذلك زيادة بنسبة 93ر4 بالمائة. وتبقى الصاردات خارج المحروقات (هامشية) ب 67ر2 بالمائة فقط من الحجم الإجمالي للصادرات، أي ما يعادل 18ر1 مليار دولار. وتتكوّن أهمّ المنتوجات المصدّرة خارج المحروقات في مجموعة المنتجات نصف المصنّعة ب 948 مليون دولار (-25ر1 بالمائة) والمنتوجات الغذائية ب 119 مليون دولار (-80ر40 بالمائة) والمنتوجات الخام ب 90 مليون دولار، أي ارتفاع ب 29ر6 بالمائة و مواد التجهيز الصناعية ب19 مليون دولار. وفيما يخص الواردات فقد سجّلت أربع مجموعات من بين السبعة المكوّنة لبنية الواردات انخفاضا، ويتعلّق الأمر بمواد التجهيز الفلاحية التي سجّلت أهمّ تراجع (85ر33 بالمائة)، أي ما يعادل 170 مليون دولار مقابل 257 مليون دولار خلال نفس الفترة من 2011 ومواد التجهيز الصناعية بأكثر من77ر11 بالمائة، أي ما يعادل 23ر8 مليار دولار مقابل 33ر9 خلال نفس الفترة المرجعية. كما مسّ هذا التراجع المواد الغذائية (24ر12 بالمائة)، أي ما قيمته 04ر5 مليار دولار خلال الأشهر السبعة الأولى من 2012 مقابل 74ر5 مليار دولار خلال نفس الفترة من السنة المنصرمة ومجموعة المنتوجات نصف المصنعة التي تراجعت ب 24ر8 بالمائة، أي ما قيمته 03ر6 مليار دولار مقابل 56ر6 مليار. وحسب الجمارك سجّلت مجموعة (الطاقة والزيوت) أهمّ ارتفاع في بنية الواردات ب 659 مليون دولار (+57ر24 بالمائة) و(مواد الاستهلاك غير الغذائية) ب 65ر5 مليار دولار (+98ر13 بالمائة) و(المنتوجات الخام) ب 13ر1 مليار دولار (+81ر4 بالمائة). وخلال شهر جويلية 2012 تحسّن الفائض التجاري للجزائر بنسبة تفوق 32 بالمائة ليبلغ 98ر1 مليار دولار مقابل 49ر1 مليار دولار خلال نفس الشهر من سنة 2011، حسب ما أكّدت الجمارك الجزائرية. وبلغت صادرات الجزائر 85ر5 مليار دولار (+14ر4 بالمائة) في حين انخفضت الواردات بنسبة 14ر6 بالمائة لتسجّل 88ر3 مليار دولار في جويلية الماضي ومقارنة بنفس الشهر من سنة 2011، يضيف ذات المصدر. وتمثّل أهمّ زبائن الجزائر خلال الشهر السابع لسنة 2012 في الولايات المتّحدة الأمريكية (885 مليون دولار أمريكي)، إيطاليا (792 مليون دولار)، إسبانيا (520 مليون دولار)، هولندا (433 مليون دولار أمريكي) وفرنسا (414 مليون دولار أمريكي). وبالنّسبة لأهمّ مموّني الجزائر تأتي الصين في المقدّمة ب 509 مليون دولار أمريكي، متبوعة بفرنسا ب 442 مليون دولار وإيطاليا ب 395 مليون دولار وإسبانيا ب 363 مليون دولار وألمانيا ب 215 مليون دولار أمريكي. ويأمل الجزائريون أن تكون البحبوحة المالية التي تعيشها الخزينة العمومية سببا لتحسّن مختلف أوضاعهم المعيشية بعد أن كانت سببا في إنجاز مشاريع كبيرة سمحت للجزائر بتحقيق قفزة عملاقة على صعيد البنى التحتية، ليكون تحسين الوضع الاجتماعي والمعيشي للجزائريين هو الرهان الأكبر في المرحلة القادمة.