تعرف الساحة السياسية الحزبية بالجزائر هذه الأيّام حراكا سياسيا حزبيا مكثّفا سببه قرب الانتخابات الولائية والبلدية، والتي ستجري في 29 نوفمبر القادم، ومعه تحرّكت الآلة السياسية للأحزاب بغية التحضير لهذا الموعد الانتخابي الذي لا يقلّ أهمّية عن تشريعيات العاشر من ماي الماضي، والتي كرّست معها الطراز التسييري القديم وهيمنة الآفلان على غرفة البرلمان. لم تبق إلاّ 10 أيّام قبل أن يقوم رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة باستدعاء الهيئة النّاخبة للانتخابات الولائية والبلدية، ومعه بدأت عديد الأحزاب خصوصا الكبيرة منها في التحضير لهذا الاستحقاق الانتخابي المهمّ الذي يعكس صورة أداء منتخبي الأحزاب في تسيير واقع التنمية المحلّية وتلبية طموح وتطلّعات شريحة كبيرة من المجتمع الجزائري. وبولاية المسيلة شرعت الأحزاب القوية التي كان لها حضور دائم في شتى المحافل الانتخابية للتحضير لهذا الموعد الانتخابي، أو محاولة لتصحيح مسار اختلال سياسي نجم عن سوء رؤية وتحضير جيد خلال التشريعيات الماضية. أولى الأحزاب السياسية التي الفت التواجد السياسي والحضور، حزب التجمع الوطني الديمقراطي الذي بدأ حملة مبكّرة لتضميد الجراح وإعادة رص الصفوف واللحمة إلى البيت، وهذا بعد الاختلالات والتصدّع الذي أصاب بيته في عديد المناسبات. حيث شرع المكتب الولائي للحزب بالمسيلة في إطلاق مشاورات سياسية واسعة تحمل صبغة الجوارية، وأشارت العديد من المصادر المتطابقة إلى أن الأرندي يريد أن يستثمر في هذا الأمر بعدما أتى أكله وحقّق البقاء السياسي في التشريعيات الماضية من خلال حصده لمقعدين في قبة البرلمان. ويسعى الأرندي إلى الاستثمار في خيار التقرّب من المواطن تفاديا لصداع الفشل في تسيير المنظومة المحلّية للبلديات لبعض منتخبي الحزب. ويحاول الأرندي أن يلقي بثقله عبر الشعبية الكبيرة التي يحوزها النّائب الحالي محمد العيد بيبي في تسخيرها للانتخابات القادمة، وهي المؤشّرات التي بدأت تظهر في العلن والميدان، خاصّة بالجهة الشرقية للولاية أي تتمتّع المنطقة بوعاء انتخابي مهمّ جدا. الشريك في التحالف الرئاسي وصاحب الأغلبية في البرلمان الأفلان لم يشفع له الفوز الساحق في التشريعيات الماضية في ترتيب بيته بالمسيلة، حيث تشهد محافظة المسيلة المسيّرة برأسين بوسعادةوالمسيلة صراعا خفيا ومحموما بين إطارات الحزب المغضوب عليهم أو من يريدون الظهور وتبوّؤ مرتبة مهمّة في الانتخابات الولائية خصوصا، ونظر العديد من المتتبّعين للشأن السياسي الحزبي بالمسيلة أن نتائج التشريعيات الماضية لم تخدم أبدا أنصار بلخادم بقدر ما أجّجت وفتحت النّار عليه من طرف إطارات عديدة غاضبة وذات وزن نضالي في الحزب نتيجة إقصائها في الاستحقاقات الانتخابية. كما أشارت مصادر متطابقة إلى أن جناح التقويم والتأصيل اختار ولاية المسيلة لعقد مؤتمره العام، وهو ما يعني أن الآفلان مقبل على فترات ساخنة قد تؤثّر على بقائه ونفوذه محلّيا، وهو الذي خسر رئاسة المجلس الولائي في الانتخابات الولائية الماضية وقلّ عدد البلديات التي فاز بها. في الجانب الآخر تعيش حركة مجتمع السلم حالة من الترقّب، خصوصا بعد الشرخ الثاني الذي أصاب الحركة في ظرف ستة أشهر من خلال انشقاق الوزير السابق عمار غول وتأسيسه لحزب (تاج)، وهو ما أثّر كثيرا على الحركة من خلال فقدانها ونزيفها لعدد كبير من إطاراتها، كما انعكس هذا الأمر محلّيا أيضا، حيث أشارت مصادر مؤكّدة إلى أن رئيس بلدية شرقية قد استقال رسميا من حمس والتحق بصفوف حزب عمار غول، كما تحضّر الكثير من الإطارات لهجرة جماعية لحزب جبهة التغيير وأخرى لحزب تاج لعمار غول، كما أشارت مصادر مطّلعة إلى أن مكاتبا بلدية تابعة لحركة حمس تكون قد نفثت غبار المشاركة في المحليات، وهذا كرد فعل عن حال الحركة وما يحدث وطنيا من تجاذبات سياسية. وفي جانب آخر، تعيش كثير من الأحزاب التي جاءت بعد مخاض الإصلاحات السياسية التي أطلقتها السلطة، سباتا عميقا، وهذا بعد خروج خاوية الوفاض من تشريعيات لم تكن تعرف خباياها وكواليسها السياسية، كما أن صغر عمر هذه الأحزاب قد يكون حجرة في طريق صنعها لموقع سياسي محلّي بالولاية، وهذا أن استثنينا بعض الأحزاب التي استطاعت أن تحصل على مكان في البرلمان.