أضحت السلفية تعرف اكتساحا متزايدا في فرنسا، فحسب وزير الداخلية يتراوح عددُ أتباع التيّار بين 12.000 و15.000 بعدما كان العدد في حدود العشرات بداية العقد الأخير من القرن الماضي. ويتشكّل سلفيو فرنسا أساسا من المهاجرين، لكن ما يقاربُ الثلث منهم كانوا كاثوليكيين وبروتيستانتيين قبل أن يعتنقوا الإسلام، وفي توفّرهم على ثلاثين مكانا للعبادة لا يمثّل السلفيون إلاّ فئة ضيّقة من الطائفة المسلمة المقدر عددها بستة ملايين. نبتت السلفية في فرنسا حسب عالم الاجتماع سمير أمغار بداية التسعينيات بفعل قدماء مناضلي الجبهة الإسلامية للإنقاذ التي فرّت من قمع النّظام الجزائري. لكن التيّار السلفي ذي النّزوع الثوري، والذي كان يركّز بالأساس على قضايا سياسية جزائرية لم يؤثّر بشكل كبير على المسلمين الفرنسيين آنذاك. ومع أواسط التسعينيات توارت السلفية بسلفية أخرى غير سياسية الطابع، ولم يعد قطب تأثيرها في الجزائر بل في المملكة العربية السعودية التي كوّنت عددا من الأئمة الفرنسيين. وإن كانت السلفية قد أفلحت حسب الباحث فلأنها تزامنت مع النّزعتين الفردية والاستهلاكية للنيو ليبرالية، فللسلفيين علاقة غير معقدة مع المال والنجاح المادي. بيدَ أن المدّ السلفي تراجع بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر، والسلطات الفرنسية تتّهم الحركة، وحتى القسم غير المسيس منها بكونه مرحلة تمهّد للانتقال إلى أعمال عنف. وعلى الرغم من طرد عددٍ من الأئمة أو حرمان بعضهم من الإقامة فإن دعاة التلفزيون لا زالوا متاحين على شبكة الأنترنت والقنوات الفضائية السعودية. ومكمن الخطر حسب الباحث جيل كيبل يتمثّل في سعي السلفيين إلى فرض نموذجهم الإسلامي على باقي المسلمين عبر تحسيسهم بأنهم (مسلمون) على ضلال.