الرياض، (لي كراش)، أو الأقسام التحضيرية، هي تسميات عديدة لنمط تعليمي استحدث منذ سنوات في المدارس الابتدائية موجه حصريا للأطفال دون السادسة، ماذا يدرس هؤلاء الأطفال؟ من يشرف عليهم؟ هل من منهج خاص بهم؟ وأسئلة أخرى قادتنا في جولة داخل بعض المدارس رفقة معلمي الأقسام التحضيرية والأطفال، فالمعروف عند عامة الناس أن هذا الخيار لقي استحسانا لدى الأسر الجزائرية لتصبح هذه الأقسام متنفسا لاسيما للأبوين العاملين لكونها تنقص سنة كاملة من تكاليف إيداع الأطفال في الرياض الخاصة من جهة، وتضمن لهم الاطمئنان على أبنائهم من جهة ثانية. كان الله في عون المعلمات الأم مدرسة أولى والمدرسة هي الأم الثانية لكن ما أصعب أن يألف الطفل أما ثانية بنظام لم يتعود عليه، فقل ما يجلس الطفل في مكان واحد لأكثر من خمس دقائق، فكيف إذا سيتأقلم مع نظام يقعده لساعات على كرسي، هي مهمة شبه مستحيلة أُوكلت لمعلمات كان الله في عونهن، فضلا عن تفاصيل أخرى تتنوع من المضحك إلى المقلق لكنها تجتمع في طفل يتعامل مع المحيط ببراءة متناهية، لتتحمل المعلمة متاعب أخرى كبكاء الأطفال على الماما، وطلب الماء والخبز والحلوى والشجار على اللعب وحب امتلاك الأشياء وطلب المساعدة لقضاء الحاجة.. وغيره من مطالب لا تنتهي. ولم يخف عدد كبير من معلمي الأقسام التحضيرية أهمية هذه المرحلة في تعليم الطفل، حيث أشارت دراسات عديدة وتقارير أعدتها الوزارة الوصية أن القسم التحضيري يساهم في تخفيض نسبة إعادة التلميذ في الطور الابتدائي ب80 بالمائة، وهو ما يؤكد أهمية هذا القسم وضرورة تزويده بالبرامج والعدة الضرورية التي من شأنها أن تسهل على المعلم تقديم الدروس واستيعابها من قبل التلميذ الذي هو في بداية تعليمه. مناهج غير كافية تجمع الكثير من معلمات الأقسام التحضيرية اللاتي التقيناهن على عدم كفاية المنهج المتبع الخاص بالأقسام التحضيرية وإن حرصت وزارة التربية الوطنية على شرح طرق التلقين من خلال تعليمات قد تكاد تكون شهرية موجهة خصيصا للأقسام الابتدائية وتنظيم ندوات تكوينية دورية، فإن المشكل يبقى في المنهاج نفسه، الذي يعتبر غير كاف بالنسبة للمعلمة، فهذه المرحلة مهمة في الطور الابتدائي وهي تستدعي معلمين من ذوي الكفاءات والخبرة، فالمنهج الذي يعتبر السند الوحيد بالنسبة للمعلم يحتوي على عموميات وعناوين كبرى لمواضيع تتعلق بخمس مواد وهي كالتالي: تربية إسلامية، تربية رياضية، تربية تكنولوجية، تربية تشكيلية ولغة عربية. وهذا لا يكفي مما استدعى اجتهاد المعلمين من جهة والمسؤولين البيداغوجيين من جهة أخرى، حيث يعتمد اليوم على ما يسمى بالمشروع الموسمي، والذي يضم المواد الخمس المذكورة في المنهج والتي تدور حول موضوع واحد له علاقة بالحدث أو بالموسم، أي تكييف المواضيع حسب الأحداث وحسب المحيط الخارجي للطفل، الذي لا يمكن له أن ينفصل أو يعيش في القسم بمعزل عن هذا العالم المحيط به. معلمة مشرفة لا يوجد قانون يحدد نوعية المعلم المشرف على القسم التحضيري ولا توجد شروط دقيقة لاختيار المشرف سوى الخبرة والكفاءة والرغبة لكنك لا تجد معلما رجلا يشرف على قسم تحضيري مهما بحثت، فالرغبة بالأساس لا تجدها عند الذكور من المعلمين في الإشراف على هذه الأقسام والعملية بدأت تلقائيا بإشراف المعلمات، ربما لأن طفلاً في هذه المرحلة لا يحتاج إلى مدرس بل يحتاج إلى أم مربية بالدرجة الأولى، ولعل المعلم لا يملك من الصبر ما يكفي للتعامل مع هؤلاء وقد لا ينجح في الإشراف على هذه الأقسام كما نجحت المعلمات، فالأمومة والرقة والحنان والعطف تبقى قيم وهب الله إلى النساء منها نسبا أكبر مما وهب للرجال. كيف تُختار معلمة التحضيري؟ يظن عامة الناس أن القسم التحضيري هو (قسم زائد) لا يتساوى من حيث القيمة مع الأقسام الأخرى وأن أي معلمة بإمكانها الإشراف عليه؟ لكن الأمر عكس ما يظنه الناس تماما، تختار للإشراف على الأقسام التحضيرية أكثر المعلمات كفاءة وخبرة وتفتش دوريا من طرف المفتشين البيداغوجيين وهي ملزمة بتحضير الدروس والمساعدات البيداغوجية والقيام بمختلف العمليات التقييمية، فضلا على أنها مسعفة أمومة إن صح التعبير فهي تقوم بدور الأم لفوج كامل يتجاوز عدده ال 20 طفلاً، فمعلم القسم التحضيري مثله مثل باقي المعلمين يتم تفتيشه دوريا ومحاسبته وتنقيطه. مرافقة الأطفال المرافقة من وإلى المدرسة هي بلا شك مسؤولية الأولياء لكنها قد تكون مسلية للبعض وقد تكون متعبة لآخرين، فمن الأطفال من يستهويه جو الدراسة وكثرة الأصدقاء فتجده ينهض باكرا فرحا بالانطلاق نحو المدرسة خاصة مع المحفزات ك(المصروف) واللمجة وغيره، وهناك من جهة أخرى من يمل من جو القسم والدراسة، فتجده يبكي طول الطريق رغم كل التحفيزات ويتنفس أولياؤه الصعداء بمجرد إدخاله من باب المدرسة لتنتقل المهمة إلى معلمة القسم التحضيري التي اعتادت على هكذا أطفال فتجدها في الساحة تجمع أطفالها كالأم. اللمجة والإطعام يعامل أطفال الأقسام التحضيرية بطريقة خاصة من قبل كل الفريق التربوي حتى الحراس، الكل يحاول معاملتهم بطريقة خاصة لعلمهم أن هذه الفئة صعبة التحكم من جهة ولكونهم أيضا زينة للمدرسة ببرائتهم وبصغر حجمهم وسنهم، فاللمجة هي شكولاطة أو جبن أو ما وضعته الأم في محفضة إبنها قبل توجهه إلى المدرسة، هذه اللمجة التي لا يسمح لغيرهم من المتمدرسين تناولها داخل الأقسام فهم يتناولونها داخل القسم لتقوم المعلمة بتنظيف طاولاتهم من بقايا ما حملت محافظهم من أكل وترافقهم، ولهم الأولوية في المطعم لتبقى معهم طيلة وقت الإطعام حتى تمنع احتكاكهم بالمتمدرسين الأكبر سنا. الأقسام التحضيرية عموما هي مرحلة تساعد الطفل على التكيف والتأقلم مع واقع جديد ليصبح في السنة الأولى أكثر استيعابا وتلقيا للمعلومات وباحثا عنها ومشاركا في تشكيلها وربطها وهذا هو الهدف المنشود، فرغم صغر عمر التجربة في الجزائر، إلا أنها أعطت نتائج إيجابية بشهادة الوصاية والأولياء على حد السواء، لكن لهذه النجاحات جهود تبذل، 90 بالمائة منها تعود لمعلمات الأقسام التحضيرية. م. إبراهيم * لم يخف عدد كبير من معلمي الأقسام التحضيرية أهمية هذه المرحلة في تعليم الطفل، حيث أشارت دراسات عديدة وتقارير أعدتها الوزارة الوصية أن القسم التحضيري يساهم في تخفيض نسبة إعادة التلميذ في الطور الابتدائي ب80 بالمائة، وهو ما يؤكد أهمية هذا القسم وضرورة تزويده بالبرامج والعدة الضرورية التي من شأنها أن تسهل على المعلم تقديم الدروس، واستيعابها من قبل التلميذ الذي هو في بداية تعليمه.