لا يعرف كثيرون أن قانون العقوبات الجزائري يعتبر في المادتين 195 و196 منه ظاهرة التسول والتشرد جنحة يعاقب عليها القانون بعقوبة قد تصل إلى 6 أشهر نافدة، وهو بذلك يقدم خدمة كبيرة للسلطات المحلية إن هي رغبت في تخليص مدننا من مظاهر التشرد والتسول التي تعج بها، ولكن في المقابل يبدو هذا القانون قاسيا جدا على من قست عليهم ظروف الحياة وفرضت عليهم أن يتشردوا وأن يتسولوا، كي يبقوا على قيد الحياة! وربما تتردد السلطات المحلية، عبر مختلف مناطق القطر الوطني، في تطبيق هذا النص القانوني الواضح والصريح لأنها تجده قاسيا للغاية، وربما تتردد تلك السلطات في حبس المتسولين والمتشردين لأنها تجد نفسها تتحمل جزءا من مسؤولية تسولهم وتشردهم، ف"المير" الذي يشرف على منح "قفة رمضان" ب"الوجوه"، ويحرم كثيرين من المحتاجين من حقهم من إعانات الدولة يدفع بهم دفعا إلى مد أيديهم في الشوارع، و"مضايقة" المواطنين، للحصول على دراهم معدودة قد يسد بها رمقه وقد لا تكفيه لأجل ذلك! من الواضح أن القانون الذي ينص على حبس المتسولين والمتشردين يسعى لمكافحة ظاهرة غريبة عن المجتمعات المسلمة من جهة، وللتصدي للمتسولين المزيفين والمتشردين المحتالين، خصوصا بعد أن أصبح التسول "مهنة من لا مهنة له"، وتحول التشرد إلى "احتراف حقيقي" سبق البطولة الاحترافية الوطنية بسنوات وربما عقود، وصار مجتمعنا يعج بنصابين محترفين يخططون بذكاء شديد لنهب أموال إخوانهم، ويلبسون لأجل ذلك رداء التشرد والحاجة! وحتى لا يُظلم المحتاجون الحقيقيون الذين لا حل لهم غير مدّ أيديهم واستعطاف المحسنين، ينبغي أن تتابع السلطات المحلية، بمختلف أجهزتها، شبكات "التسول الاحتيالي" وتطبق عليهم القانون بصرامة، حتى تضع حدا لظاهرة سرقة جيوب الجزائريين باستخدام عبارة "لله يا محسنين"..