أعلن الموفد الدولي إلى سوريا الأخضر الإبراهيمي أمس الأربعاء في القاهرة أن النّظام السوري ومسؤولين من مسلّحي المعارضة وافقوا على هدنة خلال عيد الأضحى الذي يبدأ غدا الجمعة ويستمرّ أربعة أيّام، فيما تواصلت أعمال القصف والمعارك في سوريا. من جانبها، أعلنت دمشق أن الموقف النّهائي بخصوص اعلان الهدنة سيصدر اليوم الخميس، فيما قال الجيش السوري الحرّ إنه سيوقف إطلاق النّار خلال عيد الأضحى في حال التزام النّظام بذلك أوّلا، حسب ما أفاد به أحد قادته العسكريين. وقال الإبراهيمي الذي أنهى أمس مهمّة في سوريا، للصحفيين بعد لقاء مع الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي في القاهرة إن النّظام السوري وافق على الهدنة خلال عيد الأضحى، وأن مسؤولين عن مقاتلي المعارضة السورية اتّصل بهم قبلوا أيضا دعوته إلى الهدنة. وقال الإبراهيمي: (وافقت الحكومة السورية على مقترح الهدنة خلال أيّام عيد الأضحى)، وتابع أن (معظم مسؤولي المعارضة المسلّحة قبل بمبدأ وقف اطلاق النّار)، وأضاف أنه (إذا نجحت هذه المبادرة المتواضعة بفرض الهدنة ووقف إطلاق النّار نأمل أن نتمكّن من البناء عليها من أجل الحديث عن وقف إطلاق نار يكون أمتن وأطول ويكون هذا جزءا من عملية سياسية متكاملة). وأطلع الإبراهيمي مجلس الأمن أمس الأربعاء على حصيلة جولته التي استمرّت 11 يوما وشملت دمشق والمنطقة. من جهتها، أعلنت وزارة الخارجية السورية أمس في بيان أن القرار النّهائي بخصوص إعلان هدنة في مناسبة عيد الأضحى سيصدر اليوم الخميس. ومن جانب آخر، قال رئيس المجلس العسكري الأعلى للجيش الحرّ العميد مصطفى الشيخ في اتّصال هاتفي مع وكالة (فرانس برس): (سيوقف الجيش السوري الحرّ إطلاق النّار إذا التزم النّظام بذلك)، مشكّكا في أن تقوم القوات النّظامية بوقف إطلاق النّار حتى لو أعلنت ذلك. وتهدف هذه الهدنة في أعمال العنف التي أوقعت 34 ألف قتيل منذ منتصف مارس 2011، أساسا إلى ترسيخ وقف إطلاق النّار في حال طبّق من أجل بدء حوار سياسي للخروج من الأزمة، لكن في انتظار ذلك تواصل حصيلة القتلى ارتفاعها متجاوزة يوميا المائة قتيل. وفي 12 أفريل الماضي بقي وقف إطلاق النّار الذي أعلن بمبادرة من كوفي عنان، سلف الإبراهيمي، والذي أعلن الطرفان موافقتهما عليه، حبرا على ورق وتمّ خرقه في غضون ساعات رغم أن حدّة المعارك تراجعت بعض الشيء آنذاك. ميدانيا، عُثر على عشرين جثّة في ريف دمشق أمس الأربعاء، حسب المرصد السوري لحقوق الإنسان والإعلام الرّسمي السوري الذي وصف الحادث بالمجزرة، قائلا إن (مجموعات إرهابية نفّذتها)، بينما اتّهم ناشطون القوات النّظامية بها. وأفاد المرصد في بيان عن العثور على عشرين جثّة في مبنى في حي تكسي حيدر في مدينة دوما في ريف دمشق، بينها أربع لأطفال وثمان لنساء. ونقل عن ناشطين في البلدة أن الضحايا قتلوا على أيدي القوات النّظامية فجرا. وفي المقابل، ذكر التلفزيون الرّسمي السوري أن عدد الضحايا 25. ووصفت وكالة الأنباء السورية الرّسمية (سانا) ما حصل بأنه (مجزرة)، وقالت: (ارتكبت مجموعات إرهابية مسلّحة أمس مجزرة بشعة)، ونقلت عن مصدر في المحافظة أن (المنطقة التي وقعت فيها المجزرة ينتشر فيها إرهابيو ما يسمّى لواء الإسلام الذي يتزعّمه الإرهابي زهران علوش). وبلغ عدد القتلى في أعمال عنف في مناطق مختلفة من سوريا أمس 57 شخصا، ويأتي ذلك غداة يوم دام آخر قتل فيه 164 شخصا هم 89 مدنيا و34 مقاتلا معارضا و41 عنصرا من قوات النّظام الثلاثاء. وإزاء استمرار أعمال العنف، أعلن برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتّحدة الثلاثاء أنه أرسل مساعدة غذائية إلى حوالي 1,5 مليون شخص في سوريا في سبتمبر الماضي، مقابل 850 ألفا في الشهر السابق. من جانب آخر، أعلن رئيس هيئة أركان القوات المسلّحة الرّوسية الجنرال نيكولاي ماكاروف الأربعاء أن مقاتلي المعارضة السورية يستخدمون قاذفات صواريخ أمريكية الصنع من طراز (ستينغر) لمقاتلة قوات حكومة الرئيس بشار الأسد. ونقلت وكالة (إنترفاكس) عن نيكولاي ماكاروف قائد الأركان العامّة قوله إن الجيش الرّوسي علم بأن (متشدّدين يحاربون قوات الحكومة السورية لديهم قاذفات صواريخ محمولة من عدّة دول بما في ذلك ستينغر الأمريكية الصنع)، وأضاف: (لم تتحدّد بعد الجهة التي زوّدتهم بها). وقالت شبكة (أن. بي. سي نيوز) في أواخر جويلية إن الجيش السوري الحرّ حصل على أكثر من 20 صاروخا أرض-جو تُحمل على الكتف. واعتبر ماكاروف ممكنا تزويد المتمرّدين السوريين بأسلحة وذخائر، خصوصا بقاذفات صواريخ أرض-جو محمولة من الخارج بواسطة عدّة وسائل نقل، خصوصا عبر الجو، وقال إنه (يمكن استخدام كلّ وسائل النّقل لذلك، لا سيّما طائرات الرّحلات المدنية، إنها قضية خطيرة). إلى ذلك، قُتل أكثر من 35 ألف شخص خلال النّزاع السوري المستمرّ منذ أكثر من 19 شهرا، حسب ما أفاد به المرصد السوري لحقوق الإنسان وكالة (فرانس برس) أمس الأربعاء. وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن في اتّصال هاتفي إن (24 ألفا و964 مدني وثمانية آلاف و767 جندي نظامي و1276 منشقّ قتلوا منذ بدء الاحتجاجات المطالبة بسقوط نظام الرئيس بشار الأسد في منتصف مارس 2011). ويحصي المرصد بين المدنيين المقاتلين من غير العسكريين الذين حملوا السلاح ضد القوات النّظامية. وأشار عبد الرحمن إلى توثيق (مقتل 422 شخص آخرين لم نكن قد تمكّنّا من تحديد هوياتهم)، مؤكّدا أن الحصيلة لا تشمل آلاف المفقودين أو الضحايا الذين لم يتمّ توثيق أسمائهم. ويعدّ 26 سبتمبر الفائت اليوم الأكثر دموية في النّزاع، إذ أحصي فيه مقتل 306 أشخاص.