سبَّب تعاقب الأعياد والمناسبات الدينية والاجتماعية هذه السنة أزمة مادية حادة ألقت بظلالها على معظم الأسر الجزائرية، وشكلت تهديدا لميزانياتها، ويتعلق الأمر بشكل كبير بالأسر محدودة الدخل فقد استنفدت جل مدخراتها السنوية لأجل الاحتفال بهذه المناسبات التي جاءت مترابطة ومتقاربة، ففي ظرف خمسة أشهر مررنا بخمس محطات متميزة شغلت تفكير المواطن الجزائري الذي بات يعتبرها هما كبيرا. أول هذه المحطات هي العطلة الصيفية وما يتخللها من حفلات أعراس وفسحات ترفيهية، أعقبها شهر رمضان المبارك وتكاليفه الباهظة من مواد استهلاكية ولحوم ومقبلات، تلاه عيد الفطر ومصاريفه من ملابس للأطفال وحلويات بكل أنواعها، ليأتي الدخول المدرسي وما يخصه من مستلزمات وأدوات مدرسية، لتختتم قافلة المناسبات بعيد الأضحى المبارك وما شهده من غلاء في الأضاحي التي وصلت مبالغ استثنائية لم تشهدها من قبل. ولاحظنا أثناء تجولنا في سوق الجرف بباب الزوار تراجعا في عدد المقبلين على المحلات التجارية مقارنة بالفترة التي سبقت عيد الأضحى، هذا التناقص فسره السيد محمد تاجر بالسوق بانتهاء مواسم الأعياد والأعراس لذا لا يجب المقارنة، فمن الطبيعي أن يتراجع العدد، أما الحاجة فاطمة فأرجعته إلى ارتفاع الأسعار وأضافت أن المواطن الجزائري يجب أن يتقاضى أجرا شهريا لا يقل عن 70.000 دج حتى يتمكن من تلبية حاجياته الأساسية. ومن جهتها قالت السيدة حياة التي وجدناها بنفس السوق إن الأعياد التي سبقت قد أرهقت ميزانية الأسرة وأفرغت جيوبهم، خاصة مع موجة الغلاء التي طالت أغلب السلع والمواد الأساسية التي تعتمد عليها الأسرة، لتضيف قائلة (في الوقت الحالي أصبح الغني هو الآخر يشتكي من الغلاء فما بالكم بمحدودي الدخل؟). ووجدت بعض العائلات نفسها في مأزق كبير يصعب الخروج منه حيث أنها بعد أن صرفت كل مدخراتها وكل ما جمعته طيلة شهور، لجأت إلى الاستدانة من أجل تغطية تكاليف العيد، يقول السيد خالد إن تتابع المناسبات والأعياد في فترة وجيزة لم يسمح لذوي الدخل البسيط بتعويض ما صرفوه، (فما أن نخرج من عيد أو عرس أو غيره إلا وجدنا أنفسنا نحضر لعيد أو عرس آخر) يضيف محدثنا، كما لام التجار على مبالغتهم في الأسعار بقوله (لا يوجد شيء لم يرتفع سعره، فكل سلعة تضاعف ثمنها وكأنهم لا يعلمون بالدخل الشهري لأغلب العائلات الجزائرية) وأضاف (كيف لا يلجأ العامل الذي لا يتعدى راتبه 20.000دج إلى الاستدانة في الوقت الذي وصل سعر أصغر خروف إلى 35.000دج، خاصة أنه في وقتنا الحالي انتشر التقليد والتفاخر بين الجيران والعائلات فأصبحنا نضحي لأن جارنا ضحى وليس لإحياء سنة نبوية وشعيرة من شعائر الله. وتبقى المواسم والأعياد الدينية والاجتماعية فرصة للفرح ولم الشمل وإدخال البهجة في النفوس وصلة الأرحام، لذا يتوجب على العائلات إحياءها كل حسب إمكانياته المادية وتقديسها لمكانتها وقيمتها المجتمعية والدينية ونبذ كل أشكال التفاخر والرياء لأنه يدخل العائلات في متاهات وأزمات يصعب حلها.