الطلاق، التفكك الأسري، وكذا الإهمال العائلي هي قضايا كادت أن تنفجر بها أروقة عدالتنا لكثرتها في السنوات الأخيرة، ويكون في الأول والأخير الضحايا هم الأبناء الذين نجدهم يتقاذفون بين الأم والأب كون أن الجانبين يلعبان دورا هاما في حياة الطفل ويكون الأطفال هم الضحايا، فالمسؤولية يتحملها الكبار الذين لم يضعوا في اعتبارهم هؤلاء الصغار واختاروا سبيلهم ومنحوا الأولوية لمصالحهم الشخصية وضيعوا مستقبل هؤلاء. نجد أن أغلب الأبناء من ضحايا الطلاق وكذا الإهمال العائلي يعانون من سلوكات منحرفة بعد أن يكون مآلهم الشارع، لاسيما وإن كانت الأم عاجزة عن إيفاء رغباتهم ومتطلباتهم بعد أن سكنتها الهموم والمشاكل من كل جانب، فتكون الشوارع حاضنة هؤلاء الأطفال بدل أمهاتهم، مما يفتح لهم المجال واسعا لتعلم أغلب الطباع المشينة على غرار التدخين، السرقات، وهناك حتى من استغلوا في ترويج المخدرات بعض إغرائهم ببعض الأموال. والطلاق ينقلب بالسلب على الأبناء وعلى نفسيتهم بعد أن يستعصى عليهم احتمال انفصال الوالدين بعد أن كانوا يتجمعون تحت أجنحتهم وتحت حمايتهم، بسبب مشاكل لم يحتملها الطرفان ولم يحسبوا أي حساب للنتائج الوخيمة التي تعود على الأطفال بعد طلاقهما، فحسب ما كشفه الواقع أن الكثير من الأطفال ضحايا الطلاق تميزوا بسلوكاتهم الغريبة وبانعزالهم عن العالم، هذا إذا ما سلموا من التغلغل في بؤر الانحراف والضياع، وإلى جانب أبغض الحلال عند الله أصبح بعض أبناء الجزائر يعانون من الإهمال العائلي، تلك الظاهرة المشينة التي يصنفها القانون الجزائري في خانة الجنح ويتعرض من قام بها حتى إلى عقوبة الحبس النافذ، إلا أن تكتم بعض الأمهات درءا لوصمة العار التي تلحق العائلة، حالت دون وصول هؤلاء الآباء إلى أروقة المحاكم بعد أن فضلوا الحلول الودية التي لا يهتم بها بعض الآباء ويواصلون عنفوانهم وتسلطهم وغيابهم عن أسرهم لسنوات، ويتحمل النتائج السلبية لتلك التصرفات الأبناء الذين يختارون طريق الانحراف في ظل غياب الحصن المنيع، فتلك المشاكل تدفع بالأبناء إلى الخروج المبكر من المدرسة واقتحام سوق العمل، وربما اختيار طريق الضياع والانحراف لاسيما بعد مقارنة أسرهم بالأسر الأخرى التي تضم الأب والأم في ظل أهمية حضورهما معا كعماد للأسرة وسدها المنيع. هذا وقد سجل الواقع أيضا إهمال بعض الأمهات لدورهن على مستوى الأسر بعد أن يفضلن التسكع بالشوارع وإبقاء أبنائهن وهم يصارعون هموم الحياة داخل البيت، أصغرهم لا يتعدى العامين وأكبرهم لا يتعدى 12 سنة، وعادة ما تتميز تلك الأمهات بانحرافهن وامتهانهن للدعارة والدخول في آخر المساء إلى بيوتهن وهن محمّلات بأموال الحرام بعد أن انعدمت مسؤولية أزواجهن، بحيث عادة ما يكون أزواجهن من متعاطي الخمور والمخدرات، فيتشتت هؤلاء الأبناء فيما بينهما ويجهلون على من يستندون في الوقت الذي تلغى فيه أهلية الطرفين للزواج. وعليه يبقى الاستمتاع بمرحلة الطفولة جانبا ملغى لدى بعض الأطفال بعد معاناتهم من مشاكل شتى منها الطلاق والتفكك الأسري وكذا الإهمال الذي يلحقهم من الجانبين معا في بعض الأحيان ومن ثمة يكون مآلهم الشارع والانحراف.