تصبح الحياة العائلية مع مرور الوقت أكثر روتينا إذا لم يتم التعامل معها بذكاء لتقديم الجديد بين الحين والآخر حتى يتجنب الوقوع في الملل، وحتى لا تبدأ رحلة البحث عن الجديد في سجلات الغير، كما هو الحال لدى بعض الأزواج والزوجات حيث تجد البعض منهم، ولا نقول الكل، يحبذ تبادل أطراف الحديث والأخذ والرد مع أصدقاء آخرين غير الزوجة أو الزوج، حيث يشتكون همومهم ويتبادلون الأفراح بينهم خارج البيت، أما أحوالهم داخل المنزل فهي في خبر كان. ومن خلال حديث أجريناه مع البعض منهم لمعرفة إلى أي مدى يتواصل أفراد العائلة خاصة منهم الأزواج مع بعضهم البعض وجدنا حسب ما أفادتنا به مجموعة من النساء أنهن يعانين بشكل رئيسي من الخروج الدائم والمستمر لأزواجهن والغياب المتكرر، وذهبن إلى اعتبارها مشكلة عويصة نغصت عليهن حياتهن هذا من جهة، ومن جهة أخرى هناك من أطلعتنا على حقائق أخرى ذات صلة بالموضوع منهم نجد (أسماء) من خلال قولها: (أعيش مع زوجي لكنه حاضر وغائب في نفس الوقت نظرا لانعدام قنوات التواصل مع بعضنا البعض، فتواجده بالبيت كعدمه لأنه منشغل طوال الوقت بمتابعة برامجه المفضلة أو تراه مع جهاز الكومبيوتر للتواصل مع أصدقائه الأمر الذي أعتبره أكثر خطورة من غيابه عن المنزل)، وتضيف: (وفي الكثير من الأحيان تجده يتذمر بمجرد دخوله للبيت ويبدأ بافتعال المشاكل حتى يجد لنفسه حججا للخروج إلى أصدقائه). وفي هذا الشأن كان لنا حديث مع أحد الاختصاصيين في علم النفس للتعرف على مجريات القضية وعن الأسباب الخفية التي تؤدي إلى هذا التعامل أو هذا الهروب حتى وإن لم يكن مقصودا عند الأغلبية منهم فكان رأيها كالتالي: (لعل من بين الأسباب التي تدفع بالزوجين الى انتهاج هذا الطريق والتعامل بمثل هذه التصرفات هو تعلقهم بأصدقائهم وعدم التعود على الحياة الزوجية، حيث يستمرون في اتباع نفس الطرق في التواصل مع أصدقائهم الآخرين خارج المنزل دون الأخذ بعين الاعتبار التحولات الجديدة، وهو الأمر الذي يؤدي إلى إزعاج الطرف الآخر الذي يبدأ في التذمر مع مرور الأيام مما يشعره بعدم التقدير أو اللامبالاة. ولعل الأمر الذي يدفع بهم إلى مصاحبة أطراف من الخارج بدل التواصل مع بعضهم البعض من داخل المنزل يكون هروباً أو لجوءاً أو تأقلماً مع وضع ما، وأقصد هنا أن الزوجة التي تذهب إلى صديقاتها في أغلب الأحيان تكون مدفوعة إلى ذلك نتيجة ابتعاد زوجها عن المنزل، فالصديق أو الصديقة قد لا يكون مفضلاً جداً ولكن يكون أفضل من الوضع الرتيب الموجود في المنزل الذي يحسه الزوج أو الزوجة، حيث نجد أن الكثير من الأزواج يكونون موجودين في المنزل بشكل جسدي شكلي وغير موجودين بشكل روحي نظرا لغياب التواصل بينهما، وهو الأمر الذي لا بد من الزوجين تداركه وعدم الغفلة عنه حتى لا يكون سببا في تحطم العلاقة الزوجية أو برودتها). وهناك من الرجال من ألقى بالمسؤولية على عاتق المرأة والرجل في نفس الوقت ومنهم نجد (إسماعيل) بقوله: (هناك أمور تتفاقم بين الزوجين حتى وإن كانت بسيطة إلا أنها تتحول إلى مشكلة كبيرة ليست لها نهاية إذا لم يتم معالجتها بتواصل وتفهم منذ البداية، ولعلها السبب الأول التي تجعل الرجل يفضل الخروج من المنزل إلى أصدقائه ومنها على سبيل المثال نجد حديث الزوجة المتواصل في الهاتف مع الأهل والصديقات لساعات مطولة في حضور أزواجهن بدل التواصل معهم ومعرفة احتياجاتهم، هذا إلى جانب الشكوى والطلبات اللامتناهية ومنها أيضا حضور الصديقات بشكل يومي إلى المنزل... وغيرها من الأمور التي تجعل من الرجل يفضل الخارج بدل البيت)، الأمر الذي يستلزم النظر في الموضوع والتمعن فيه حتى لا يلجأ الزوجان إلى أطراف خارجية كالأصدقاء لأن هؤلاء الآخرين قد لا يكونون أفضل الموجودين وقد لا يحبونهم كثيراً، ولكن فقط يريد أحدهما أن يخرج عن الوضع الروتيني الذي يعيشه بالبيت لذا لا بد من تحسين العلاقة الداخلية ووضع حد للصداقة الخارجية والبحث عن الجانب الإيجابي في الطرف الآخر.