(حرصًا على بناء المؤسسات والاستقرار دون تأخير أو مماطلة فإن يوم 15 ديسمبر سيكون يومًا جديدًا في الطريق إلى الديمقراطية لأنه اليوم المقرَّر للاستفتاء على الدستور).. هكذا أعلن الرئيس المصري محمد مرسي في مراسم تسلُّمه مشروع الدستور المصري من اللجنة المنتخبة لصياغة الدستور. تعليقًا على الأحداث في افتتاحيتها أكَّدت صحيفة (غارديان) البريطانية: (من الواضح أن الجانبين المنقسمين في مصر نسيَا ما حدث قبل 22 شهرًا، حينما وضع المصريون خلافاتهم وانتماءاتهم جانبًا في ميدان التحرير ثم رفع الجميع علم مصر، فهل يستطيع هذا العلم الوطني أن يوحّد بينهما تحت ظلاله ومن ثَمّ يحاول من يؤمن بالديمقراطية إعادة اكتشاف حلول وسط، التي تخلوا عنها؟). وتحت عنوان (شرخ في جدار الثورة)، قالت الصحيفة البريطانية: (إن الثورة المصرية وصلت إلى النقطة التي حاول الجميع تَجَنّبها، وهو الانقسام العميق بين القوَى التي كانت متوحدة ضد النظام البائد)، مضيفة (مؤيّدو الرئيس المصري محمد مرسي يقولون إنَّ الرئيس لم يجد خيارًا سوَى الدعوة للاستفتاء على الدستور، لا سيّما بعد شهور من العرقلة ومحاولات المقاطعة والتعطيل وسَعْي المحكمة الدستورية لإبطال قراراته). أمَّا المعارضون من الليبراليين والعلمانيين وربَّما أعضاء النظام السابق الذين توحّدوا بشكلٍ غير مسبوق في مواجهة الرئيس، فقد صرخوا -حسب (غارديان) دائماً- (ارفعوا أيديكم عن ثورتنا) وكلا الجانبين يحشد أفراده بالآلاف كما حدث في الأيّام السابقة وربما يحدث مثله مستقبلاً. بيد أن الصحيفة البريطانية في تحليلها أكَّدت قائلة: (ليس هناك شك أنَّ قيام المحكمة الدستورية بحلّ البرلمان المصري أغلبيته من الإسلاميين بالكامل رغم أن القانون لا يبطل سوى جزء الثلث من المقاعد وليس جميعها, تناغم مع أهداف المجلس العسكري الذي كان يتولَّى السلطة آنذاك)، مشيرة إلى (أنَّه لم يكن هناك أدنَى شك أن تقوم نفس المحكمة الدستورية بحلّ لجنة صياغة الدستور كذلك, ومن ثَمّ إبطال مشروع الدستور برُمَّته). من جانبها، اعتبرت صحيفة (يو إس إيه توداي) الأمريكية الاستفتاء على مشروع الدستور مخرجًا من الأزمة الذي يقسّم المصريين، حيث قالت: (إنَّ دعوة الرئيس المصري, محمد مرسي المصريين لإجراء استفتاءٍ على مشروع الدستور الجديد، المثير للجدل، في غضون أسبوعين خطوةٌ أخرى بارزة لانتقال البلاد نحو الديمقراطية الحقيقية، كما أنه نهاية للإعلان الدستوري الذي يخوِّل للرئيس سلطة مطلقة والذي أثار صخبًا عارمًا في الشارع المصري). كما أوضحت الصحيفة الأمريكية أن (النزاع الحالي حول مشروع الدستور يُشْبِه الوضع الذي كانت عليه البلاد منذ عامين عقب الإطاحة بمبارك، حيث كان ينبغي أن يصبح الانتهاء من صياغة الدستور سببًا للاحتفال الوطني في حين أنَّه تحوَّل إلى احتجاجات واسعة بين المعارضين والمؤيدين حول كيفية الانتقال إلى الديمقراطية على أُسُسٍ إسلامية أم علمانية). أما صحيفة (واشنطن بوست) الأمريكية فقد حذَّرت من تأزُّم الوضع في مصر، مشيرة إلى (أن الموقف أصبح خطيرًا ولن يضع الاستفتاء على الدستور نهاية)، مرجِّحة أن تشهد الأيامُ القادمة مزيدًا من التطور والتصعيد لأن كل طرف سواء المؤيدين أو المعارضين سوف يزدادوا عنادًا في مواجهة الطرف الآخر. وأضافت الصحيفة الأمريكية (أنَّ الأوضاع اشتعلت في مصر، لا سيّما بعد إصرار كل طرف من المؤيدين والمعارضين للرئيس مرسي على أنَّهم الأغلبية وأنَّهم من يملكون الشارع ويمكنهم الحشد وتحريك الشارع، وكل طرف أصبح الآن يحاول احتكار الشرعية والثورة والحديث باسمها). كما علّقت شبكة (سي بي سي نيوز) الإخبارية الأمريكية على دعوة الرئيس المصري الاستفتاء على الدستور بأنَّه قد يكون خطوة نحو الانتقال الديمقراطي، حيث ذكرت أنَّ الرئيس محمد مرسى يعلِّق آمالاً واسعة على هذا الاستفتاء من أجل إسكات معارضي الإعلان الدستوري الذي أثار ضجَّة واسعة في الشارع المصري. ولم يتبقَّ على الاستفتاء المقرّر إجراؤه يوم 15 من الشهر الجاري سوى أيّام معدودة، وينبغي على الليبراليين والعلمانيين وأنصارهم المعارضين لمشروع الدستور الجديد النزول إلى الجماهير وحثّهم على رفضه دون تضييع الوقت في البرامج الحوارية أو التظاهرات التي أصابت المصريين بالسأم والضجر إذا كانت لديهم النية في الفوز باللعبة الديمقراطية، والتي أصبح يجيدها الإسلاميون أكثر من غيرهم.