* أنا فتاة تخرّجت في الثانوية، وقد قررت الالتحاق بمعهد للبنات فقط، لأنني قد لبست النقاب، المشكلة أن وقت الدراسة هو نفس وقت حفظي للقرآن في المسجد، ورجائي هو حفظ كتاب الله قبل أن أموت، ودراستي ليست بها عطلٌ صيفية، إنما هي على مدار العام، علماً بأن هذه الشهادة لن أنفع بها أحدًا إنما ستُعلق على الحائط، فهل قراري في ترك الدراسة والتفرغ لحفظ كتاب الله صحيح أم لا؟ * بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد: في الحقيقة إني أحيي فيكِ التزامك وحرصك على دينك وتمسككِ به، كما أحيي فيك أيضا تعلقك وحبك لكتاب الله تعالى، والله أسأل أن يجعلك من أهل القرآن الذين هم أهل الله وخاصته. أما بالنسبة لسؤالك: فأقول إن إسلامنا يا أختاه دين يتسم بسمة عظيمة هي من أعظم السمات، والتي ميزته عن أي منهج آخر، أو ديانة أخرى، هذه السمة أو هذه الخاصية هي التوازن، فالإسلام يريد من الفرد المسلم أن يعيش الحياة بكل جوانبها، فهو يطلب منه أن يوازن بين العبادة ومطالب الحياة، وبين الدراسة وحفظ القرآن، وبين المادة والروح، وبين العقل والقلب وما إلى ذلك، مما يجعل الإنسان المسلم يعيش حياة مستقرة لا يطغى فيها جانب على جانب: كما قال الله تعالى (وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله). وأنتِ أيتها الأخت السائلة تتمنين حفظ القرآن، وأسأل الله أن يبلغك ما تتمنين في أقرب وقت، وأن يجعل قلبك وعقلك وعاءً لكتاب الله سبحانه وتعالى، حتى تفوزي بشفاعة القرآن فالنبي صلى الله عليه وسلم قال: (يأتي الصيام والقرآن فيشفعان للعبد يوم القيامة......) صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم. ولكن المشكلة عندك هي التعارض بين مواعيد الدراسة في المعهد الذي تدرسين فيه، ومواعيد التحفيظ في المسجد القريب منكِ، وتفكرين في ترك الدراسة لتتفرغي لحفظ كتاب الله، ولكني أقول لك لا تعارض إن شاء الله، وكما إن لحفظ القرآن فضلا عظيما عند الله ومكانة عالية في الدنيا والآخرة كذا أيضا لطلب العلم الدنيوي أو الشرعي فضل.. ففي الحديث: (طلب العلم فريضة على كل مسلم). والنبي صلى الله عليه وسلم قال أيضا: (من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له به طريق إلى الجنة).. وأنا كما أحيي فيك حرصك على حفظ القرآن أطلب منك الحرص على الدراسة والتفوق فيها، والتميز بين قريناتك حتى تكون الملتزمة شاملة بين الناس، تحفظ القرآن، تتفوق دراسيا، فتكون صورة عملية للإسلام تمشي بين الناس، وأقول: والتفوق: دعوة صامتة بين الناس. ويمكنك أن تجمعي بين الدراسة في المعهد، وبين حفظ القرآن الكريم، وإليك بعض المقترحات لحل هذه المشكلة: وأسأل الله أن يجعل في هذه المقترحات الحل إن شاء الله، وأن تراسلينا بعد حين تخبرينا بآخر ما وصلت إليه: وهذه هي الاقتراحات: 1- يمكنك أن تبحثي عن مسجد آخر أو مكان آخر تحفظين فيه القرآن لا تتعارض مواعيده مع مواعيد الدراسة. 2- يمكنك أن تذهبي إلى المسجد في يوم الجمعة أو في يوم أجازة لكي تذهبي إلى أي محفظ للقرآن، أو في أي مسجد، فتقرئين على الشيخ الكم الذي تستطيعين حفظه طوال الأسبوع، ثم تأتي بأسطوانة عليها القرآن الكريم مرتلاً، أو أشرطة لأي قارئ فتسمعين وتحفظين طوال الأسبوع في وقت فراغك، ثم تعودين للشيخ تراجعين عليه حفظك، ثم تقرئين عليه ما تحفظين في الأسبوع القادم، وهكذا إلى أن يتم الله عليك النعمة، وهكذا توازنين بين دراستك وحفظك للقرآن.. وفي الختام أسأل الله سبحانه وتعالى أن يزيدك حرصا على كتابه، والتزاما بدينه، وثباتا على طاعته، وأن يوفق كل بنات المسلمين على الطريق المستقيم. وصلى الله وسلم على سيدنا محمد _صلى الله عليه وسلم- والحمد لله رب العالمين.