تحولت معظم مستشفياتنا في السنوات الأخيرة إلى أماكن لانتشار المنحرفين والمتسولين وحتى المغرمين الذين طاب لهم اللقاء هناك، بحيث أطلقوا العنان لأفعالهم المخزية على مستوى المساحات الخضراء وما أتاح الفرصة لذلك هو انعدام الرقابة على مستوى المداخل الرئيسية، بحيث باتت المستشفيات تضم كل الأصناف دون حسيب أو رقيب مما حولها إلى أماكن للتعارف وربط العلاقات الغرامية خاصة وأن عناوينها لا تخفى على أحد ويعرفها الكل بحيث اختارها الخلان وجعلوها كأماكن للالتقاء فيما بينهم دون أدنى احترام أو خجل أو اهتمام بالمرضى وذويهم. شاع عن مستشفياتنا أنها أماكن للممارسات الفاسدة بكل أنواعها، وما زاد من بلة الطين هو انقلاب ساحاتها إلى أماكن للغراميات، بحيث باتت المكان المفضل لاجتماع الخلان ونجدهم ينتشرون عبر المقاعد الموزعة في حديقة المستشفى والتي خصصت لراحة المرضى وتنزههم من مكان إلى آخر في فترات الراحة إلا أنه استبدل مؤخرا هدفها بفعل الفاعلين، كما أنها باتت مكاناً لإطلاق المعاكسات دون أن ننسى استعمال بعضها كمعبر لتقصير المسافة مما أدى إلى انتشار الفوضى فيها من كل جانب، ناهيك عن انتشار المخمورين والمجانين مما قد يعرض المرضى وعائلاتهم إلى مخاطر متنوعة تتربص بهم على مستوى ساحات المستشفيات التي أضحت تلم بالكثير من الآفات التي لا تعد ولا تحصى. مظاهر مخلة بالحياء وختمت كل تلك المآسي بانتشار المظاهر المخلة بالحياء بعد انتشار الخلان على مستواها، هؤلاء الذين غزوا كل الأماكن ولم يعد يسلم ولا مكان من أفعالهم المشينة، ويكون الأمر جالبا للدهشة إذا ما وصلنا إلى المستشفيات التي تبقى أماكن لاستقبال المرضى واستطباب عللهم، لكن البعض جعلها كأماكن للمواعيد خاصة وأن مواقعها لا تخفى عن العام أو الخاص، مما أتاح الفرصة لهؤلاء. نذكر من بينها مستشفى مصطفى باشا الجامعي كأكبر قطب صحي شاعت فيه تلك المظاهر، إلى غيره من المستشفيات كمستشفى بني مسوس، ومستشفى بن عكنون... بحيث باتت تملأ تلك المتشفيات الأفعالُ الماجنة التي يطلقها الخلان هناك ويزعجون المرضى وزوارهم بتلك السلوكات غير المسؤولة. اقتربنا من مستشفى مصطفى باشا الجامعي فوقفنا على مناظر مخجلة في حديقة المستشفى، ومن الخلان من التقوا ببعضهم البعض هناك في لمح البصر دون حرج بعد تحديد موعد اللقاء، ومنهم من راح يستعمل هاتفه النقال للبحث عن الصديق أو الصديقة التائهين بعد أن اختلطت عليهما الأمور، فهذا يقول (أنا بمحاذاة مصلحة العيون)، والأخرى تقول (أنا بمحاذاة مصلحة العظام أو (بيشة) سابقا)، من دون أن ننسى مظاهر العناق والالتصاق التي كانت على مرأى القادمين، بحيث يمكث الخلان هناك. ولا تعتبر حدائق المستشفيات مكانا للقاء فقط بل يتواصل مكوث الخلان في المستشفى، ويطلقان العنان لبعض الحركات التي لا يليق إطلاقها هناك وكان من الواجب احترام المكان وحرمة المرضى وعائلاتهم وليس الزيادة في عنائهم. وكالات من غير بواب وما زاد من كارثية الوضع ومهَّد لانتشار مختلف الأشكال والأصناف على مستوى المستشفيات هو انعدام الرقابة، بحيث صارت المستشفيات عبارة عن وكالات من غير بواب مما يعرض المرضى وعائلاتهم إلى مخاطر شتى على غرار الاعتداءات، وهو في نفس الوقت ما فتح الباب واسعا أمام هؤلاء الخلان من أجل القيام بتلك الممارسات أمام مرأى ومسمع الجميع، بحيث ما إن تقدم على الدخول لا تجد أحدا يستفسرك عن وجهتك أو حتى ما تمسكه بيديك أو ما تخفيه داخل حقيبتك مما يجعل الكل في غير مأمن هناك، وهو في نفس الوقت ما شجع على تحوّلها إلى أماكن للغراميات والمواعيد المشبوهة وانتشار جميع الممارسات المشينة، بحيث باتت بؤر لتجمع المتسولين والمتشردين وحتى المنحرفين ومتعاطي المخدرات وانعدم الأمن بها بحيث صار الكل يطأها بحذر. ما وضحه لنا بعض المواطنين منهم السيد جمال الذي التقيناه على مستوى مستشفى مصطفى باشا الجامعي بحيث أكد أن المستشفيات صار طبعها العام الفوضى وسوء التسيير ما حولها إلى مجال لكافة الممارسات المشبوهة على غرار انتشار الأفعال المخلة بالحياء، وما شجع على الوضع هو انعدام الرقابة على مستوى الأبواب الرئيسية وصارت مقصدا لمن هب ودب خاصة وأن عنوانها لا يجهله الكل، بحيث صارت أماكن لالتقاء الخلان وأصحاب المعاملات التجارية وحتى بعض متعاطي المخدرات إذ حدثنا أنه رأى بأم عينه شابين يقومان بتحضير سيجارة القنب الهندي (الزطلة) بحديقة المستشفى الأمر الذي احتار له كثيرا. لم تعد فضاءات لراحة المرضى في الوقت الذي هيئت فيه تلك المساحات الخضراء لتنزه المرضى بين الفينة والأخرى ونسيان مرضهم وهمومهم باتت تلك الحدائق مرتعا للأفعال المشينة وصارت كمناطق محظورة لمن هم أولى بالاستفادة منها، ما وضحه لنا بعض المرضى على مستوى مستشفى مصطفى باشا منهم السيد عمار يعاني من مرض خطير ألزمه الإقامة بالمستشفى. وطأنا إليه إلى داخل المستشفى فأبان غيظه من انتشار تلك المحرمات التي تزيد من مآسيهم وجعلتهم لا يبرحون الفراش، بحيث حرم عليهم التنزه والخروج من غرف العلاج بين الفينة والأخرى خاصة وأن الاعتداءات صارت تهددهم من كل جانب، فإضافة إلى انتشار الأفعال المشبوهة التي يطلقها الخلان، انتشار المتشردين والمنحرفين يزيد الوضع تأزما ويعرضهم للخطورة ذلك ما حكم عليهم بالسجن المؤبد داخل قاعات العلاج مكرهين بدل الخروج للتنزه وشم الهواء خوفا من تعرضهم إلى اعتداء ما بعد أن احتلت تلك الأماكن من طرف غيرهم وصارت ملجأهم الوحيد لإفراغ مكبوتاتهم. وجوب فرض الرقابة طالب جل من تحدثنا إليهم من مواطنين ومرضى بضرورة فرض الرقابة على مستوى المستشفيات لوضع حد لتلك الوضعية المزرية التي انتقلت حتى إلى داخل قاعات التمريض بالنظر إلى التسيب واللامبالاة كمظهرين يميزان أغلب مستشفياتنا، بحيث تجرأ بعض الخلان حتى على دخول غرف الاستطباب من أجل الاختلاء وإطلاق العنان للممارسات المشينة، ما وقف عليه أحد الممرضين بمستشفى بالعاصمة بحيث اندهش لما رأى أغراباً عن المستشفى في وضعية حرجة بغرفة العلاج وانتهزوا خلوها من المرضى والأطباء لإطلاق العنان لتلك الممارسات الخبيثة، كما أكد الممرض الذي حدثنا عن تلك الظواهر المشينة التي باتت تحيط بأغلب المستشفيات وشوهت صورتها للكل، بحيث صار القادمون إليها يمارسون حقوقهم في التنقل إلى ذويهم بكل تحفظ خوفا من اصطدامهم بتلك المناظر المخجلة أو تعرضهم لاعتداءات متنوعة من طرف المجانين واللصوص، وما زاد من حدة المشكل هو انعدام الرقابة على مستوى المداخل الرئيسية مما يؤدي إلى انعدام الأمن والأمان داخل المستشفيات ويهدد المرضى وكذا دويهم بمخاطر متنوعة، وقص علينا تلك الحادثة التي تكبدها مريض منذ فترة قصيرة أثناء خروجه للتجوال بعد أن ضاقت نفسيته فراح أحد المجانين يركض وراءه على مستوى ساحة المستشفى مما أدى إلى ركضه حتى انهارت قواه وأغمي عليه بمدخل المصلحة وأسعف من طرف الأعوان وزادت حالته سوءا من شدة الهلع. إن ضرورة الالتفاتة إلى الوضعية المزرية للمستشفيات أمر لا نقاش فيه بعد أن باتت عنوانا مفضلا للغراميات وفضاء خصبا للممارسات المشينة وجل المخاطر الأخرى التي أضحت تهدد المرضى وذويهم.