اندلعت أعمال شغب في العديد من مدن بنغلاديش أمس الثلاثاء بعد أن اصدرت محكمة حكما بالسجن المؤبّد على سياسي بارز في المعارضة الإسلامية بتهمة ارتكاب جرائم قتل جماعية خلال حرب الانفصال عن باكستان في 1971. عبد القادر مولى (64 عاما) الشخصية الرّابعة في قيادة حزب الجماعة الإسلامية، هو أوّل سياسي تدينه محكمة الجرائم الدولية المحلية التي تتّخذ من دكا مقرّا لها وتواجه انتقادات حادّة. وبعدما أعلن رئيس المحكمة القاضي عبيد الحسن الحكم في المحكمة التي اكتظّت بالحضور وأحيطت بإجراءات أمنية مكثّفة، هتف مولى (اللّه أكبر) وقال إن كلّ الاتّهامات التي تشمل كذلك ارتكاب جرائم ضد الإنسانية زائفة. وقال المدّعي العام محبوبي عالم إنه (يستحقّ حكم الإعدام بسبب خطورة الجرائم، لكن القاضي قرّر فرض السجن مدى الحياة في حقّه)، مؤكّدا أن مولى أدين بخمسة من ستّ تهم موجّهة إليه ومن بينها القتل الجماعي. وأثار الحكم احتجاجات فورية نظمتها الجماعة الإسلامية التي تعدّ أكبر حزب إسلامي في البلاد. وفرضت الجماعة إضرابا في جميع أنحاء البلاد قبل الحكم. وقالت الجماعة إنها ستقاوم (بأيّ ثمن خطّة الحكومة) لإعدام قادتها. وذكرت الشرطة أنها اشتبكت مع عدد من المحتجّين في العاصمة دكا وعدد من المدن الأخرى في أنحاء البلاد عقب صدور الحكم. في مدينة راجشاهي الشمالية الغربية أطلقت الشرطة الغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي على نحو 500 من أنصار الجماعة الذين ألقوا على الشرطة قنابل حارقة. ويعدّ هذا الحكم الثاني الذي تصدره المحكمة. ففي 21 جانفي حكمت على داعية يقدّم برامج تلفزيونية هو عضو سابق في الجماعة، حكما غيابيا بالإعدام بتهم القتل والإبادة. ويتَّهم عشرة آخرون من عناصر المعارضة ومن بينهم جميع قادة الجماعة واثنان من الحزب الوطني البنغالي المعارض، بارتكاب جرائم حرب. ووصفت الجماعة والحزب الوطني البنغالي المحاكمات بأنها (استعراضية) تهدف إلى منع قادة الحزبين من المشاركة في الانتخابات المقبلة. وشكَّكت جماعاتٌ حقوقية دولية في المحاكمات. وقال الادّعاء إنه خلال الحرب كان مولى شخصية بارزة في الجناح الطلاّبي للجماعة في ذلك الوقت، بينما كان يدرس الفيزياء في جامعة دكا، وكان عضوا في ميليشا موالية لباكستان متّهمة بقتل مئات آلاف الاشخاص. وصرّح المدّعي محمد علي لوكالة (فرانس برس) بأن مولى (شارك بشكل مباشر في قتل أكثر من 350 مدني بنغالي أعزل، من بينهم شاعر وصحفي بارز)، كما أنه عرف بلقب (جزار ميربور) وهي ضاحية في دكا. وقال خندوكر عبد الإحسان نجل الصحفي المعروف خندوكر أبو طالب الذي قتل خلال حرب 1971 (لقد قتل والدي ونجا بفعلته، أنا لست سعيدا). وشدّدت الإجراءات الامنية في العاصمة، حيث تمّ نشر أكثر من 10 آلاف شرطي، وأغلقت المدارس والعديد من المتاجر والمكاتب، وخلت الطرق السريعة التي تربط بين دكا والمدن الأخرى من السيّارات. وقالت الشرطة إنه تمّ إحراق مصرفي شابّ حتى الموت، كما أصيب أربعة أشخاص ليل الاثنين-الثلاثاء بعد أن أشعل من يشتبه في أنهم نشطاء في الجماعة النّار في حافلة احتجاجا على المحاكمات. وقال نائب رئيس الشرطة نصر العارف إن المصرفي (كان في الحافلة عندما أضرمت فيها النّار) ملقيا باللّوم على عناصر الجماعة. وأسّست المحكمة حكومة البلاد العلمانية في 2010، وواجهت اتّهامات بأنها مسيّسة وتستهدف فقط مسؤولين بارزين في المعارضة. ورفض القاضي في قضية مولى مساعي الادّعاء لمحاكمته بتهم الابادة. وقال محامو الدفاع إن مولى، مساعد الأمين العام للجماعة، كان في قريته طوال فترة الحرب التي استمرّت تسعة اشهر واتّهموا المحكمة بإعاقتهم عن إثبات براءته. وقال المحامي شازاد شودري: (لقد قدّمنا أسماء 965 شاهد دفاع، لكن المحكمة لم تسمح سوى لستّة بالإدّلاء بشهادتهم)، مضيفا أنه سيستأنف الحكم.